Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق مسمى الصكوك الإسلامية بين الإسلام والكفر


الخبر:

ذكرت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) بتاريخ 18/ 4/ 2014م خبرا جاء فيه: بدأ سريان نظام عقود صكوك التمويل الإسلامي رقم 45 لسنة 2014، وبموجب النظام، فإن عقود صكوك التمويل الإسلامي تشمل صكوك الإجارة، والمضاربة (المقارضة)، صكوك المرابحة، والمشاركة، والسّلم، وصكوك الاستصناع، وصكوك بيع حق المنفعة، وأي عقد أخر تجيزه الهيئة. وعرف النظام كل عقد من هذه الصكوك بما يتفق وقواعد الصيرفة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية..


التعليق:

أولاً: يفرح بعض الناس لسماع مثل هذه الأخبار، ويعزو فرحه لأمور منها:

أ. إخفاق القوانين (العقود) السابقة وضعفها وعجزها وعدم مقدرتها على مواكبة عقود الإنسان، وأنها أثبتت إخفاقًا ذريعًا مما اقتضى تغييرها لما سببته من أزمات وضعف وتراخٍ وحجْر على المعاملات الإنسانية.

ب. إعادة الثقة للعقود الإسلامية، وأنها الملاذ والأمان، وقد سبق لبعض دول أوروبا أن طالبت بالتعامل ببعض العقود والمعاملات الإسلامية بعد النجاح الذي حققته بعض المصارف الإسلامية في التعاملات المالية أو أنها خطوة نحو أسلمة العقود… إلى غير ذلك مما يقال.


ثانياً: ولكن المتابع والفقيه الأصولي الرباني وقف موقف المنكر الغاضب والناصح الأمين لأمور أذكر منها:

1. إن المعاملات الإسلامية جزء من نظام الإسلام، وهذا النظام كله منبثق من عقيدة، فلا يؤخذ النظام دون عقيدته، ولا يؤخذ القانون دون قاعدته الفكرية سواء على صعيد أن الحاكمية لله وحده، أو على صعيد أن التقنين للبشر والسيادة للشعب، فإذا ما أردنا تطبيق المعاملات المالية أخذناها كما انبثقت عن عقيدتها قال تعالى: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِينًا﴾. أي عقيدة ونظامًا.

2. إن أخذ جزء من النظام وترك أجزاء منه لا يصح لأن أحكام الله تعالى آخذ بعضها برقاب بعض، فلا قيمة لعقود معاملات الصيرفة في ظل الربا، ولا قيمة لعقود الاستصناع في ظل شركات مساهمة بعقود تسمى الإرادة المنفردة. قال تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾. ونلاحظ هنا في الآية الكريمة أن الله تعالى سمَّى ترك جزء من القرآن كفرًا وليس تركًا حيث قال: (وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ وهدد الفاعلين بقوله: ﴿فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾. [البقرة: 85]


ثالثاً: يبدو أن القائمين على المشروع أخذوا النظام الغربي كما هو، ولكنهم ألبسوه ثياب الإسلام، والإسلام منه براء بدليل ما ورد في الخبر:

 

“بما يتفق وقواعد الصيرفة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية” بمعنى أنهم أخذوا أحكامًا وعقودًا ومعاملات ليست إسلامية بل متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وما يتفق مع الإسلام وليس الإسلام، أليس احتكامًا للكفر والطاغوت؟ أليس كفرًا؟ فالشيوعية مثلا تحرم الربا فكان حكم تحريم الربا بالتوافق مع الإسلام في النتيجة ويختلف معه في الأصل، وهنا لا بد لنا من الوقوف عند شرطين ذكرهما علماؤنا من اشتراط صحة كون الحكم مقبولا عند الله وهما:

1. الإخلاص فالله لا يقبل أي حكم أو معاملة أو عقد لا إخلاص فيها لله وحده لقوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾. [البينة: 5] وللحديث: عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

2. أن يكون هذا الحكم أو العقد أو المعاملة من الإسلام، أي منبثقة عن الإسلام عن قاعدته وعقيدته لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». أي أن كل أمر ليس من هدينا وطريقنا فهو مردود، فمن أخذ حكمًا أو عمل عملاً لمصلحة أو بما اتفق عليه قوم، أو متوافق مع ما يسمى الشرعة الدولية لا يكون أخذ بحكم الله، بل أخذ بكفر وطاغوت، والإسلام منه براء.

وأخيرًا: إن الإسلام مبدأ عظيم يستمد عظمته من عظمة مشرعه وهو الله تعالى، فأي جريمة تلحق بنا إن نحن حملنا تبعات سقوط الرأسمالية لنكون مرقعين لها؟ وأي إجرام ارتكبناه بحق ديننا إن جعلناه مطية للغرب الكافر. فالرأسمالية فاسدةٌ عقيدةً ونظامًا، فلا وجه للتقارب أو التعايش ولا الترقيع. بل عليكم أيها المسلمون أن تركلوها بقدمكم إلى وادٍ سحيق. واعملوا لإسلامكم ليقتعد المكانة التي أرادها الله له متمثلاً بكيان سياسي طريقة له، ألا واعلموا أن دينكم لا يقبل القسمة قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾. ولا الجزئية قال تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾. ولا الضعف قال تعالى: ﴿وَلِلّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾. [المنافقون: 8] ومن أراد منكم أن يقنن مشروعًا فعليه أن يقنن من خلال مصادر التشريع الإسلامي: الكتاب والسنة وما أرشدا إليه، وليبحث عن قوة الدليل ضمن طريقة الإسلام في الاجتهاد، ودعوا عنكم قانون الغرب وأحكامه. فهذه كتب علمائنا الأوائل لم تذكر لنا في كتب الفقه أحكام القانون الروماني وقواعده، بل إسلامًا خالصًا، وإياكم والآراء الشاذة والأحكام الضعيفة المتوافقة مع الكفر لتطلقوا عليها أحكامًا إسلامية. قال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾. [المائدة: 50]

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان / أبو البراء