Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق أمريكا بين مأزق خسارة المصالح أو دعم الدكتاتوريات

الخبر:

الجزيرة: كتبت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحيتها أن الإدارة الأميركية ظلت لعدة أشهر تناشد الحكومة العسكرية في مصر اتخاذ أقل الخطوات لتبرير استئناف كامل المعونة لها، ومنها إطلاق سراح الصحفيين الأجانب المعتقلين والنشطاء العلمانيين المؤيدين للديمقراطية، ومع ذلك فعل ما سمته “نظام المشير عبد الفتاح السيسي” العكس تماما عندما مضى قدما في الملاحقات القضائية للسياسيين وإعداد قوانين جديدة لمكافحة الإرهاب تجرّم فعليا كل من يعارض الحكومة.

وانتقدت الصحيفة رد فعل الإدارة الأميركية على هذه الممارسات، واصفة إياه بالضعيف، واعتبرت ذلك بمثابة “إعطاء نظام السيسي صك ثقة حتى في الوقت الذي يقوم فيه بتثبيت النظام الأكثر قمعا” في مصر منذ نحو نصف قرن.

وختمت بأن محاولة النظام المصري القضاء على أي معارضة محكوم عليها بالفشل، وأن الولايات المتحدة بهذه السياسة الضعيفة التي تنتهجها تحرض على المزيد من الفوضى في مصر بدعمها لها.

 

التعليق:

لا شك أن النظام المصري منذ انقلاب يوليو 1953 وحتى اليوم يسير في ركاب العمالة المطلقة لأمريكا، وقد صرح نبيل فهمي وزير الخارجية المصرية قبل يومين كما ورد في موقع السي أن أن بالعربي بأن علاقة مصر بأمريكا زواج.. وليس نزوة ليلة واحدة،

وبالطبع فإن العصمة بيد أمريكا، والقوامة بيد أمريكا، وما يتصرف رؤساء مصر إلا وفق إرادة أمريكا، لذلك فليس من الصعب أن نفهم أن من يدير السياسة المصرية هي السفارة الأمريكية، وأن هذه التصرفات القمعية، والعنف غير المبرر، والتعسفات في الأحكام القضائية، كل هذا ما هو إلا بتوجيهات وغطاء أمريكي، وهو إن دل على شيء، فإنما يدل على حجم المأزق الذي وقعت فيه أمريكا في المنطقة، وخلو يدها من أوراق أخرى غير ورقة القمع ودعم الأنظمة الدكتاتورية الغاشمة كنظام الأسد، كما جاء على لسان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق، مايكل هايدن، إن النصر النهائي للسلطات السورية في الصراع، الذي يستمر لأكثر من عامين ونصف، مع القوات المناهضة للحكومة، هو أفضل سيناريو لهذا البلد وللمنطقة.

وفي شهر أغسطس الماضي، صرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن قيادات الجيش نجحت بالفعل في استعادة الديمقراطية عندما أطاحوا بالرئيس المعزول محمد مرسي.

ومن المعلوم أن أمريكا أصرت على عدم وصف الإطاحة بمرسي بالانقلاب، وقد سبق أن قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي إد رويس في بيان صحفي إن مرسي كان عقبة أمام تحقيق الديمقراطية الدستورية التي ينشدها معظم المصريين. وعبر عن أمله بأن يفتح رحيل مرسي الطريق إلى مستقبل أفضل في مصر.

وكذلك فقد أكد زعيم الأغلبية في مجلس النواب إيريك كانتور أن استقرار مصر مهم جدا للأمن القومي، لافتا إلى أن الشعب المصري أعطى كلمة واضحة بأن حكومة الرئيس مرسي هددت الديمقراطية التعددية التي طالب بها المصريون منذ عامين، وقال إن الديمقراطية هي أكثر من مجرد انتخابات، وهذه العبارة نفسها رددها أوباما حين قال بأن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات.

إذن فلا شك أن السياسة الأمريكية تقف خلف القمع الذي يمارسه السيسي ونظامه، وأنها تتخبط في المنطقة مخافة أن يتمخض حمل المنطقة عن ولادة دولة إسلامية تقضي على مصالح أمريكا، لذلك رأت أن دعم الطغم الغاشمة الدكتاتورية هو خيارها الوحيد لتأخير ولادة الدولة الإسلامية، ظنا منها أن الشعوب اليوم هي عين الشعوب التي استعملت أمريكا نفسها الأنظمة القمعية لقمعها أيام عبد الناصر والسادات ومبارك.

كانت أمريكا تعيش مأزق الخيار بين الاستقرار الذي تضمنه لها الأنظمة الدكتاتورية، وبين القيم التي تدعو لها، وفي حين ظلت الولايات المتحدة تدعم على مدى عقود الأنظمة الدكتاتورية في العالم العربي، وعدت هيلاري كلينتون أيام كانت وزيرة للخارجية في 2012/10/12 بأن بلادها لن تقوم مجدداً بمثل هذا «الخيار السيئ بين الحرية والاستقرار».

لكن يبدو واضحا أن أمريكا الآن بين مأزق: خسارة مصالحها في المنطقة وخروج المنطقة من يدها لصالح الدولة الإسلامية، وبين القمع والدكتاتورية فاختارت الأخيرة.

لكن هيهات أن يستمر الوضع على ما هو عليه فمصر حاضرة الدولة الإسلامية على موعد مع خليفة للمسلمين يوحدهم ويخلصهم مما هم فيه ويرد للأمة عزها وكرامتها ويحكمها بما أنزل الله.

ونرجو من الله أن يكون الموعد قريباً

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم مالك