Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق مؤتمر حوار الحضارات في البحرين

الخبر:

نقلت جريدة أخبار الخليج خبرا بتاريخ 2014/5/5 عنوانه “مؤتمر الحضارات ينطلق اليوم بمشاركة 350 شخصية فكرية”.

وقد نقل الخبر مشاركة كبار الشخصيات والمفكرين في المؤتمر وعلى رأسهم شيخ الأزهر أحمد الطيب ووزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة والأمير حسن بن طلال والأمير علي بن الحسين والدكتور أحمد هليل والدكتور محمد السماك وقداسة آرام الأول والمطران نيفون صقيلي.

وقد استمر المؤتمر على مدى ثلاثة أيام، وشمل الجلسات التالية:

– دور الحضارات الإنسانية في تعزيز وحدة المجتمع البشري

– اختلاف الحضارات سبيل إلى تحالفها

– التعارف الإنساني دعوة ربانية وفطرة بشرية

– التعليم الديني وأثره في تعايش أبناء الحضارات

– خطاب الكراهية وأثره السلبي على أتباع الحضارات

– التطرف الفكري وأثره في تنامي ظاهرة العنف وصدام الحضارات

– المحاصصات السياسية على أتباع الحضارات المتنوعة

– الأثر السلبي لتحويل التنوع الثقافي والفكري إلى هويات تجزيئية

– التعددية الحضارية وواجبات المواطنة

– الديمقراطية وحقوق الإنسان في ظل حضارات متعددة

– القانون ودوره في تنظيم العلاقات بين أتباع الحضارات والثقافات المتنوعة

– مملكة البحرين ومسيرة التسامح والتعايش الحضاري

 

التعليق:

إنه لمن الكافي للتدليل على خبث مثل هذه المؤتمرات وفساد ما تبث من أفكار النظر إلى أسماء المدعوين والمشاركين فيه والمذكورة أسماؤهم أعلاه. ومع ذلك، فإن لنا وقفة سريعة مع مفهوم حوار الحضارات:

أولا: إن هدف الحوار بين الحضارات المطروح حاليا هو إيجاد توافق بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، وهذا وهم وضرب من الخيال، يقول “اشبنجلر” (1880-1936) مثلا أنّ «لكلّ حضارةٍ كيانَها المنعزلَ عن غيرِها من الحضاراتِ، وكلٌّ منها يكوِّن وحدةً أو دائرةً مقفلةً بنفسِها. وما يشاهَدُ من تشابهٍ في الموضوعِ بينَ حضارةٍ وحضارةٍ فهو تشابهٌ في الظاهرِ، لأنّ كلّ حضارةٍ تعبيرٌ عن روحٍ، والروحُ تختلفُ بين حضارةٍ وحضارةٍ. وإذا اشتركت العناصرُ الخارجيّةُ المؤثِّرةُ في حضارتينِ تقبَّلتْ كلٌّ منهما هذهِ العناصرَ على نحوٍ مباينٍ كلّ المباينةِ للنحوِ الّذي تتقبّل عليهِ الحضارةُ الأخرى هذه العناصرَ، لأنّ كلّاً منها لا تستطيعُ أن تهضُمَ هذهِ العناصرَ إلاّ إذا أحالتْها إلى طبيعتِها. وهكذا تَبطلُ أوهامُ المؤرِّخينَ عن التأثيرِ والاستمرارِ والوحدةِ التاريخيّةِ».

وهذا، ناهيك عن أن إيجاد توافق بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية لا يستوي شرعا، فكيف للحق أن يتوافق مع الباطل؟! فالحوار يجب أن لا يكون إلا على أساس واحد وهو أننا نمتلك الفكر الصحيح، وعلى الآخر أن يتنازل عن فكره ويتبع الفكر الإسلامي الصحيح.

ثانيا: إن الحوار يكون بين أطراف متكافئة في القوة، وإلا كان الحوار إملاءً من القوي إلى الضعيف والمغلوب، فأي حوار هذا وهم يحتلون بلادنا ويتحكمون بنا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وفكريا (حضاريا)… ويؤكد ذلك صامويل هانتغتون في كتابه (صراع الحضارات) قائلا: “لم يربح الغرب العالم بسبب تفوق أفكاره أو قيمه أو ديانته، وإنما ربحه بسبب تفوّقه في استعماله للعنف المنظم”.

ثالثا: إن الذي يجري من قبل الغرب هو صراع بين الحضارات، وهذه حقيقة العلاقة بين الحضارات وأمر محتم. ويؤكد ذلك صامويل في ذات الكتاب حيث يقول:

 

“إن المشكلة بالنسبة إلى الغرب ليست مشكلة الأصوليين الإسلاميين، بل المشكلة في الإسلام نفسه، الذي يمتلك حضارة مختلفة يؤمن أصحابها بتفوقها في الوقت الذي يتألمون من ضعف أحوالهم. والمشكلة للمسلمين هي ليست وكالة المخابرات المركزية أو وزارة الدفاع الأمريكية، المشكلة في الغرب نفسه ذي الحضارة المختلفة والتي يؤمن أصحابها بتفوقها وصلاحيتها كنظام عالمي، يرغبون في فرض هذه الحضارة على العالم”.

رابعا: يجب التمييز بين الحضارة والمدنية. فأشكال المدنية من مخترعات وأبنية وعمران وعلوم ليست هي المقصودة في الحضارات، فالحضارات هي مجموع المفاهيم والقيم عن الحياة.

وأخيرا، إن مثل هذه المؤتمرات ما هي إلا أجوبة واضحة على سؤال من أسئلة الغرب لنا: هل أنتم في حالة صراع أم حوار معنا؟ فأراد العملاء الرويبضات أن يطمئنوا الغرب، إلا أننا نقول للغرب: إن هذه المؤتمرات وحضورها ومنظميها لا يمثلونا، بل هم من صناعتكم، فلا تفرحوا، فحضارة الإسلام، قريبا بإذن الله، ستدمغ وتزهق حضارتكم التي أفسدت النسل والحرث، ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا﴾.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو عيسى