خبر وتعليق الديمقراطية هي أسوأ تهديد لمستقبل أفغانستان (مترجم)
الخبر:
قال القائد السابق لقوة المساعدة الأمنية الدولية التي يقودها حلف شمال الأطلسي (إيساف) الجنرال جون ألين: “إن ‘الفساد’ هو أسوأ تهديد لمستقبل أفغانستان، حتى أكثر من التمرد الذي تقوده طالبان”.
وبينما كان يتحدث إلى لجنة فرعية في مجلس الشيوخ الأمريكي، قال الجنرال ألين: “لفترة طويلة جدا ركزنا اهتمامنا فقط على طالبان باعتبارها تهديدا وجوديا لأفغانستان، إنها مصدر إزعاج مقارنة مع نطاق وضخامة الفساد”.
وقال: “يجب تجريد مؤسسات الحكم من الفساد ويجب أن يكون هذا أولى أولوياتكم… إن الفساد هو عفن الديمقراطية الجاف”.
التعليق:
إن المفارقة في تصريحات أمثال الجنرال ألين هي أنهم ينسون ذكر ما هو واضح، وهو أن الديمقراطية في الحقيقة هي التي تسبب الفساد وترعاه في أفغانستان.
إن الديمقراطية في جوهرها نظام يقوم على أساس الحل الوسط بدلا من المبادئ. وفي الديمقراطية تمثل مصالح قلة من السياسيين الحياة السياسية، وعلاوة على ذلك فإن تحقيق الأهداف السياسية فيها يقوم على تمزيق المجتمع، حيث يسعى كل سياسي لتحصين موقفه معتمدا على مجموعة متنوعة من العوامل، مثل العرق أو اللغة أو القبيلة… وغير ذلك. إن هذه العوامل مجتمعة تجعل النظام الديمقراطي بطبيعته عرضة للفساد. وبالتالي فإنه يفسح الطريق للبلطجية والمجرمين أنفسهم للوصول مرة أخرى إلى دهاليز السلطة. ومن أجل الحفاظ على حكمهم، فإن كلاًّ منهم ينافس الآخر لإثبات ولائه للقوى الإمبريالية الأجنبية.
من البديهي أنه من أجل التخلص من الفساد فإنه من الضروري إزالة السبب الجذري له أولاً. والسبب الجذري للفساد هو الديمقراطية العلمانية والرأسمالية. إن استبدال الخلافة الإسلامية بالنظام القائم هو الذي سيحقق العدل في أفغانستان ويقضي على الفساد من جذوره. ذلك لأن النظام الإسلامي من الله تعالى، والقائمين عليه لا يمكنهم تغيير القوانين لمصلحتهم الخاصة من خلال الاعتماد على بطاقة “تصويت الأغلبية”.
إنه لأمر مخجل، أن يحتفل بعض السياسيين بنظام الديمقراطية الفاشل، في الوقت الذي تحتل فيه المركز الأول ضمن البلدان الأكثر فسادا. إن الديمقراطية تمهد الطريق أمام النخب الفاسدة للوصول إلى عالم رعاية الشؤون، من خلال إنفاق المبالغ الضخمة، والرشاوى واستخدام جميع أنواع الطرق غير المشروعة.
والسؤال هو: لماذا ينفق الساسة مثل هذه المبالغ الهائلة لانتزاع مقعد في البرلمان؟ أليس من الواضح أنه لا القدرات القيادية، ولا الإخلاص ولا الرؤية هي التي تؤثر على الحياة السياسية في ظل النظام الحالي؟ بل إن العوامل المؤثرة هي العملة الصعبة، فهي تستخدم علنا وسرا للتحكم في الناس لاستقطابهم إلى طرف دون الآخر. ونظرا لما يلعبه المال من دور مهم في السياسة الديمقراطية، فإنه بذلك يصبح من الأسهل بكثير للقوى الخارجية التأثير على التشريعات عبر الباب الخلفي، من خلال رشوة السياسيين.
أخيرا، فإن الفساد هو جزءٌ لا يتجزأ من العلمانية الديمقراطية الرأسمالية، ولا يمكن أن تعمل إحداها دون الأخرى، إنها صفقة. ونحن بصفتنا مسلمين مهتمين وواعين ومدركين سياسيا، فإنه يتعين علينا أن نرفض هذه الصفقة بالكامل.
إن كون الفساد جزءاً لا يتجزأ من الديمقراطية هو أمر مشاهد محسوس حتى في دول مثل الولايات المتحدة، حيث يلعب تمويل الشركات دورا مهما في الحملات الانتخابية. إن المسلمين اليوم بشكل خاص والإنسانية بشكل عام يتطلعون بشغف للعيش تحت ظل نظام عادل ومبدئي، والذي لا يقوم بتوفيره سوى الإسلام.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نعيم موماند
كابل – ولاية أفغانستان