خبر وتعليق عضل الفتيات ليس من شرع الله
الخبر:
قالت صحيفة «الحياة» اللندنية، إن المحاكم السعودية استقبلت خلال الأشهر السبعة الماضية 307 دعوى قضائية أقامتها فتيات ضد أولياء أمورهن لرفضهم تزويجهن من رجال وصفوا في الدعاوى بأنهم «أكفاء»، ويتمتعون بسمعة جيدة ومستوى اجتماعي لائق.
وأوضحت: «تلك القضايا يطلق عليها في السعودية قضايا (العضل) أي التي يتعثر حلها، وتعتبر أحد أهم أسباب ارتفاع نسبة العنوسة في المملكة، حيث أوضحت دراسة سعودية أن عدد الفتيات العوانس في المملكة مرشح للتزايد من 1.5 مليون فتاة حالياً، إلى نحو 4 ملايين فتاة خلال الأعوام الخمسة المقبلة»..
التعليق:
في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات العنوسة وسط الفتيات السعوديات بدافع من غلاء المهور وارتفاع نسبة المواليد الإناث، والوضع الاقتصادي لعدد كبير من الشباب السعوديين ومحدودية فرص العمل إلا أن عضل الفتيات (وهو منع الشابة من الزواج- وليس كما ورد في الخبر أعلاه) أصبح في الآونة الأخيرة يتصدر العوامل المؤدية للعنوسة وسط الفتيات في السعودية. وإن هذا العضل يعدّ من أخطر مظاهر انتهاكِ حقوق المرأة في الوقت الحالي، وله صور متعددة مثل رفض زواجها من رجل لا يعاب عليه في دينه أو خلقه، أو إجبارها وبغير رضاها على الزواج من رجل لا تريده زوجًا لها، أو حجزها لقريب لها من العائلة أو القبيلة لهوى نفس، ولو كان لا خلق له ولا دين، أو للاستفادة من مالها إن كانت تعمل أو لها إرث، أو طمعا في البقاء في خدمة الأب أو الأخ، أو بسبب عادات وتقاليد مثل عدم تزويج الصغرى قبل الكبرى، أو عدم تزويج غير السعوديين.. وهذا كله منهي عنه في الإسلام كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾.
إذن لا يحل للولي أن يمنع المرأة من الزواج بمن تقدم لها إذا كان كفؤا في دينه وخلقه، فإذا فعل كان عاضلا لها فتسقط ولايته عليها وتنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة، الأَوْلى فالأولى، فإن أبوا أن يزوجوا كما هو الغالب، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي الذي يجب عليه إن وصلت القضية إليه وعلم أن أولياءها قد امتنعوا عن تزويجها أن يزوجها لأن له ولاية عامة ما دامت لم تحصل الولاية الخاصة.. وهذا ما حصل مع هؤلاء الفتيات.. ولكن رغم هذا ووضوح رأي الشرع في هذا النوع من القضايا، إلا أن بعض القضاة يحولون قضايا العضل إلى قضايا عقوق تستحق الفتاة فيها العقاب والسجن، وتصبح الضحية هي المجرمة التي تستحق العقاب!! حيث يستند القضاة في عدم الحكم لصالح الفتاة المتقدمة بدعوى العضل إلى تقديم الأب حجة بعدم وجود التكافؤ الاجتماعي والثقافي والأسري، وهذا لا أصل له في الشرع، فكل مسلم كفء لأية مسلمة وأية مسلمة كفء لأي مسلم، ولا قيمة للفوارق بين المرأة والرجل في المال والنسب أو الصنعة أو الشهادات العلمية أو غير ذلك، فابن العامل كفء لبنت الغني، وبنت الصانع كفء لابن الحاكم، يقول الله تعالى: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾، ويقول رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم «لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى»، فهذا هو المقياس الذي يجب أن نقيس به الكفاءة وليس أي معيار آخر، ويكون هذا طبعا برضا الطرفين…
فإن العضل أمر خطير، وتعطيل لسنة الله في كونه في الإعمار، وزيادة نسبة العنوسة بين الفتيات بما يتبعه من آثار سلبية على الفرد والمجتمع.. فالفتاة المعضولة تشعر بالظلم والقهر لحرمانها من حقها الطبيعي في الزواج والأمومة، ثم بتعرضها لعنف بدني ونفسي ولفظي من قبل أسرتها ومجتمعها إن طالبت بهذا الحق في الحياة، مما يمكن أن يؤدي إلى الهروب من البيت إلى مصير مجهول، أو الانحراف، أو إدمان المخدرات، أو الإصابة بأمراض نفسية، وفي مقدمتها الاكتئاب، أو حتى الانتحار..
وهذا الأمر مثل غيره من الظواهر تحصل بسبب تحكيم العادات والتقاليد والأهواء والمصالح بعيدا عن تطبيق أحكام الإسلام فعليا حتى في البلد الذي يسمي نفسه “إسلاميا”.. ونسأل الله الفرج القريب.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم صهيب الشامي