في مصر: ثورة ودماء لن يجني ثمرها الجبناء
لقد جعل الله سبحانه وتعالى الأيام دولا بين الناس، وكتب الفلاح لمن كان ولاؤه لرب الناس، ومن جعل تقوى الله همه كفاه الله همَّ الدنيا والآخرة، ومن استنكف أو اختار ولاء الناس على ولاء الرحمن جعله الله في هذه الدنيا كالوحش يركض في البرية تنهشه الوحوش وتتكالب عليه الذئاب، ولقد كرم الله سبحانه الإنسان وزاد تفضله عليه أن أنزل له من السماء كتابا منيرا، وخطاً مستقيما يسير عليه الناس ليحفظهم من التخبط والضياع وتوعد بنصره فقال سبحانه وكان حقاً علينا نصر المؤمنين، والمؤمن هو من آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً من غير تحريف أو تلوين، فمن اختار الإيمان بالله ورضي بالإسلام ديناً كان لزاماً عليه أن يمتثل شرعه ويغار على دينه، والناظر لحال أمة المليار ونصف المليار يجد أن هناك غشاوة على الأبصار وغشاوة على مفهوم اليقين وأن الله المتصرف بالأحوال، فعندما خرجت الأمة مطالبة بالتغيير في مصر فإنها خرجت لحبها لدينها وشوقها لإسلامها، إلا أن تحريف وتلوين رموز أعطت الأمة ولاءها لهم حال بينها وبين النهوض وبين نجاح الثورة والمطالبة بعودة الإسلام لحياتها فانقضت عليها رموز العلمانية وأسيادها، ففي الكنانة رأينا نصاعة بياض أغلب الشعارات التي كانت تهتف بالتغيير، وهذا يؤكد بكل معاني التضحية أن الأمة قد بدأ الوعي العام أن يُشكل في جنباتها فلا خلاص لنا مما نحن فيه من ذل وهوان ولا خلاص لنا من هذه التبعية إلا بالرجوع لعقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله. فالفكر هو الأساس وليس الأشخاص.
وقد أصبحت هذه النظرة الخاصة تمثل رعباً حقيقياً في الوسط السياسي العلماني وتمثل كابوساً عند أصحاب القرار الغربي مما جعل تصرفاتهم متخبطة فلجأوا لـ”انتخابات ديمقراطية” مزيفة وهزلية أوصلت السيسي القاتل للحكم الجبري فوق جثث المسلمين الذين استشهدوا مطالبين بتطبيق شرع الله وإن غشى عليهم بالمطالبة بـ”الشرعية” التي استمدوها من فكرة الديمقراطية مما ضيع نقاء مطلب الثورة أن تكون ثورة على أساس العقيدة الإسلامية، فلا وجود للديمقراطية ولا وجود لـ”للشرعية” أو لرئيس منتخب بل ما يوجد ديكتاتورية المبدأ الرأسمالي العلماني، مبدأ المصالح المادية الذي يقتل ويقمع ثم يجلس مبتسماً وشبعان وكرشه ملآن وكل من يعارض ومن يقاوم هذا المبدأ العفن مجرد حشرات يتم قتلهم بدم بارد! فغير مسموح النطق بكلمة واحدة ضد هذه السياسات القمعية البعيدة عن رعاية شؤون الشعب المكلوم وإلا رفع النظام عصا الإرهاب والتطرف. فلن يكون الرد المزلزل على هكذا فكر إلا بفكر أقوى منه، بالأفكار الإسلامية النقية – أي بالمبدأ الذي أنزله الله رب العالمين القادر على أن يغلب أفكار البشر والله تعالى بيده النصر وبيده مقاليد الأمور. فليتحقق التغيير وليتحقق زوال الطغاة لا بد أن يزيد الوعي العام المستنير الجريء الذي يدفعنا جميعا لثورة فكرية عارمة تزحف نحو تحقيق الهدف لإقامة الخلافة وكسر الأبواب المؤصدة وإزالة العقبات التي تحول بيننا وبين هدفنا المنشود باستنفار الرأي العام مجدداً بكل الوسائل والأساليب التي تمكننا من إرجاع مجدنا وسلطاننا المغتصب، سلطان الأمة التي تبايع خليفة المسلمين في الدولة الإسلامية الواحدة لكل المسلمين بالبيعة الشرعية وصيغتها المعلومة، ولا يكون ذلك إلا بالثقة والاطمئنان أن لا ناصر لنا إلا الله ولا معز لنا إلا الله بعيدا عن كل رموز التلوين والتحريف التي تستجدي الأمم المتحدة أو تلك التي تطالب الدول الغربية الكافرة بدعمها أو الأنظمة العلمانية التي تدعي أنها تقف مع الثوار وتلبس ثوب الإسلام.
إن المسلم الذي جعل الإسلام مركز تنبهه الطبيعي قادرٌ على أن يرسم نمط عيشه كما أراد الله، وقد قص لنا القرآن الكريم الكثير من القصص التي تربط الفؤاد وتعزز ثقة المسلم بمواجهة العواصف والأمواج والتي تؤكد لنا أننا قادرون على التغيير وحمل الراية وكسر كل الحواجز التي تحول بيننا وبين تطبيق شرعنا ووقتها فقط تكون الشهادة في سبيل الله بكلمة حق عند سلطان جائر فإلى مثل ذلك ندعوكم يا أبناء مصر أم الدنيا، فإلى ثورة الخلافة فلننتفض ولنعلن ثورة نقية تخرج من أبواب الجامعات والمعاهد والمساجد تطالب بعودة الخلافة من جديد، النظام الذي ارتضاه الله سبحانه وحده لا شريك له، فالثورة ثورة ودماء لا يجني ثمرها غير المخلصين فلا تتركوها للجبناء.
روى الطبراني عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُصْبِحْ وَيُمْسِ نَاصِحًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ ولإِمَامِهِ ولِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ» المعجم الأوسط (7 / 270)
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم حنين
2014_06_12_Art_In_Egypt_revolution_and_blood_not_for_cowards_AR_OK.pdf