حزب التحرير يقلق الغرب في تونس
قدّر الله أن تنطلق من تونس الشرارة التّي أشعلت نار الرّبيع العربيّ الذّي امتدّ لهيبه إلى الشّام عقر دار الإسلام مرورا بمصر وليبيا واليمن. فأحرقت الطّغاة والمتجبّرين الذّين تسلّطوا على رقاب المسلمين لعقود لا يرقبون في المؤمنين إلا ولا ذمّة وأخلصوا دينهم للغرب الكافر فمكّنهم من الحكم في مقابل إحكام سيطرته على الأرض والثّروات التّي وهبها الله لنا لتكون عضدا لنا نستخدمها في نصرة دينه الذّي كُلّفنا بحمله إلى العالم بالدّعوة والجهاد. ولقد منّ الله علينا بنصر عظيم على رأس النّظام “بن علي” فكانت تداعيات ذلك أن صارت المرأة المحجّبة تسير من شمال البلاد حتّى جنوبها لا تخشى إلاّ الله بعد أن كانت تخشى الخروج من بيتها، وعمر مساجد الله المصلّون الذين كانوا من قبل يخشون أن تدرج أسماؤهم ضمن قائمة الملاحقين من قبل النّظام وزبانيته.
ولكنّنا عوض أن نمضي قدما في إحقاق الحقّ بتحكيم نظام الإسلام بدلا من النظام الجمهوريّ الدّيمقراطيّ المدنيّ الذّي كان يحكم به الطّاغية “بن علي” تراخينا ووقفنا نهنئ أنفسنا بنصر لم يكتمل بعد، فسنحت الفرصة للغرب الكافر وعملائه أن يستردّوا أنفاسهم وينظّموا صفوفهم وأوراقهم المبعثرة فعادوا مرّة أخرى بثوب الحرّيّة والحداثة القديم الجديد فأزكموا أنوفنا بالدّعوة لمفاهيم الغرب الكافر تحت مسمّيات جديدة.
وما كان من عامّة المسلمين في تونس إلاّ أن ساروا وراء صراع وهميّ مفتعل بين علمانيّة ملحدة وإسلام مُعدَّل ألبس الحقّ بالباطل وكتم الحقّ وأصحابه يعلمون بالرّغم من أنّ كليهما فصل للدّين عن الحياة. نتج عن هذا الصّراع المفتعل توافق على ترك الشّريعة والمضيّ قدما نحو إعادة تثبيت النّظام القديم. فنشأ مجلس تأسيسيّ نجح في سنّ دستور جديد للبلاد يحمل في طيّاته الخزي والعذاب، يعلنها من جديد جمهوريّة ديمقراطيّة مدنيّة تحت راية التّقسيم المسمّاة براية الاستقلال.
هكذا حافظ الغرب الكافر على سيطرته وضمن مصالحه، وأقصى الإسلام عن الحكم بل ويسعى الآن من خلال الانتخابات القادمة إلى تأبيد التبعيّة والاستعمار والإبقاء على النّظام الرّأسماليّ. ولكنّ حزب التّحرير في كلّ مرّة يكشف مخطّطاته وينير الرّأي العام حول ما يحاك ضدّهم. فضجّ الغرب الكافر من كثرة نشاط الحزب وتوسّع حاضنته الشّعبيّة وتأثّر الرأي العام به فحرّك عملاءه الصّغار هنا وهناك في محاولة منه لحظر الحزب أو تضييق الخناق عليه ولكنّه وُوجه بموقف قويّ مثّل صفعة في وجه الاستعمار وعملائه واكتشفوا أنّ الحزب عصيّ على الحجر والمنع ولا يبالي بالوعيد والتّهديد مقتديا بالحبيب المصطفى في الأصل والفصل.
وها نحن اليوم نجد أنفسنا مرّة أخرى وجها لوجه مع الاستعمار الذّي يسعى من خلال الانتخابات في إنجاح مشروعه. فنقابل دعوة “الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات” الناس للإقبال على التسجيل بالانتخابات بدعوتهم لما هو خير لهم في الدّنيا والآخرة، أن يقفوا موقفا يحسب لهم أمام الله ضدّ المشروع العلمانيّ المحارب للإسلام ويقاطعوا الانتخابات ويطالبوا بتحكيم شرع الله فينالوا السّعادة في الدّارين وحتى لا ينطبق علينا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر أو ليسلطنّ الله عليكم من لا يرحمكم وليدعون خياركم فلا يستجاب لهم».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سلمان الغرايري
عضو المكتب الاعلامي لحزب التحرير في تونس
2014_07_08_Art_Hizb_ut_Tahrir_worry_the_west_in_Tunisia_AR_OK.pdf