خبر وتعليق الإشادة بأكبر آلة قتل خلال حفل إفطار في البيت الأبيض (مترجم)
الخبر:
استغل الرئيس باراك أوباما حفل الإفطار السنوي لعام 2014 والذي يعقد في البيت الأبيض ليناقش بإيجاز الأزمات المتتابعة في الشرق الأوسط. حيث قال “حتى ونحن نحتفل بما لدينا من قواسم مشتركة، فإننا نعلم بأن العالم في أنحاء كثيرة منه يعمه العنف والإرهاب وأولئك الذين يريدون الهدم لا البناء” [CNN, July 15, 2014]
وجاء في مقتطفات من خطاب باراك أوباما “الليلة نكرم تقليد واحدة من الديانات الكبرى في العالم. فبالنسبة للمسلمين، رمضان موسم تفكر وتذكر بأن الانضباط والتفاني هما جوهر حياة الإيمان. وبالنسبة لنا جميعا على اختلاف أدياننا فإن رمضان موسم نتذكر فيه المشاركة. فقيم السلام والمحبة وما للأسرة والمجتمع من أهمية، هذه جميعا قيم عالمية. فالأمر بأن نحب بعضنا البعض لتحقيق العدالة وبأن نسعى لرعاية الضعفاء – هو أمر تشترك فيه تقاليدنا الدينية جميعا. في هذه الليلة نؤكد من جديد حقيقة بسيطة. إن من الأسس الطبيعية التي تقوم عليها بلادنا الحرية الدينية – الحق في أن تمارس تعاليم دينك كما تختار، وأن تغير عقيدتك إن أردت بحرية، أو حتى أن تكون بلا دين مطلقا فهذا حق لك تمارسه بحرية دون خوف – بغض النظر عن هويتنا، أو شكلنا، أو ما نؤمن به، أو حتى الكيفية التي نؤدي بها صلاتنا. وبالمقابل فكل واحد منا عليه واجب يقوم به بدوره – مساعدة الآخرين في التغلب على ما يعيق طريقهم، ودحض الظلم المتولد عن اللامساواة، وكذلك مساعدة رفقائنا المواطنين ليكونوا ممن يشارك في الوعد الأمريكي”.
(نقلا عن موقع البيت الأبيض [http://www.whitehouse.gov])
التعليق:
إن الخداع الذي تمارسه الحكومات لتخدير الشعوب هو أمر نشهده نحن كأمة مليار قوية يوما بعد يوم. فأي تقليد ذاك الذي يشير إليه أوباما ولكونه يشارك به المسلمين الملبين لدعوة الإفطار؟ وعوضا عن الشعور بأن الجلوس على مائدة البيت الأبيض شرف عظيم فإن الأصل أن يكون حضور هكذا مكان وصمة عار تلحق بمن يجالس من يصرح على موائد الإفطار هذه بأن لـ”إسرائيل” الحق المطلق في الدفاع عن نفسها بل ويفتخر ويتباهى بحربه على الإرهاب، كل هذا وهو يتشدق ويروج للقيم والأخلاق. وهل من بين مبادئ حقوق الإنسان الذهبية التجسس على نشطاء مسلمين أميركيين ومحامين وأئمة مساجد، أم أن من بينها احتجاز مواطنين في “مراكز اعتقال” لسنوات طويلة دون توجيه تهمة لهم مع غياب تام لمن يمثلهم بشكل ملائم؟!
إن القوى العظمى في العالم تُثني بمكر ودهاء على بضع قصص تنشرها وتجعل منها دليلا على الشعار الباهت للحلم الأمريكي. وفي الوقت ذاته نراها في غرف التحكم ترسم الخطط الاستراتيجية لقتل أكبر عدد من “الإرهابيين” ثم تسرب عبر وسائل إعلامها بأن خطأ حصل بقتل مدنيين أثناء محاولة قتل الإرهابيين، وفي غرف تمويل أكبر منصة للنشاط الإرهابي – الكونجرس- تُعقد صفقات بمليارات الدولارات لقصف الأراضي الإسلامية من غزة إلى أفغانستان.
وفي الوقت الذي تجتمع فيه شخصيات مختلفة تصفق للرئيس الأمريكي وهي “تستمتع بشرب الحساء” الذي وضعه لهم أوباما، تفجَّر أجساد أهل غزة إلى قطع صغيرة ويُستهدف أهل باكستان بهجمات بطائرات دون طيار وتُغتصب نساء العراق. فماذا كان يأمل هؤلاء بتحقيقه عند حضورهم هكذا إفطار؟ أكانوا يأملون بتمزيق معاهدة كامب ديفيد التي على ما يبدو نُحتت على الصخر أم بإلغاء اتفاق أوسلو أم بنسف اتفاقية نيفاشا التي تفرض على حكام المسلمين دعم السلام العالمي الأسطوري وقيم أوباما العالمية؟!
وفي حين تروج هذه الشخصيات لفكرة كون الاتصالات المفتوحة أو التصريحات الاعتذارية ستساهم في تهدئة العلاقات وحل “الخلافات” – فإن الذي علينا ملاحظته هو أن هذه “الخلافات” و”الصراعات” ليست مجرد لعبة مفردات، بل هي حرب صريحة واضحة على الأمة الإسلامية في العالم أجمع خلفت قتلى ويتامى ومشردين. وبالانخراط والمشاركة في إفطار البيت الأبيض هذا يحق لأي شخص أن يتساءل: على أي كوكب يعيش هؤلاء؟!
وإن كنا نعجب من احتفاظ توماس جيفيرسون بنسخة للقرآن الكريم المعروضة في البيت الأبيض فقد يخدم هؤلاء الحاضرين غريبي الأطوار قراءتهم لهذه الآية:
﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّـهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ [البقرة:120]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم مهند