Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق انفصالُ اسكتلندا هو بدايةُ نهايةِ المملكةِ المتحدة


الخبر:

ناشدَ رئيسُ الوزراءِ ديفيدْ كاميرون في مقالٍ له الأربعاءَ بصحيفة الدايلي مِيل الاسكتلنديين بالبقاءِ ضمن المملكةِ المتحدة.

وقال إن وجودَ “مستقبلٍ أكثرَ إشراقا للاسكتلنديين لا يتوقفُ فقط على البقاءِ في المملكة المتحدة، بل أيضا في وجودِ سلطاتٍ جديدةٍ وكبيرة”، مضيفا أن الجدولَ الزمنيَّ الجديدَ سيمنحُ الاسكتلنديينَ “الوضوحَ” الذي يحتاجونَه وهم يدرسون خِياراتِهم بشأن التصويتِ في الاستفتاء.

وأضاف “المملكةُ المتحدة هي دولةٌ ذاتُ قيمةٍ كبيرةٍ ومميزة، وهذا هو الأمرُ الذي يواجِهُ مخاطرَ، ولذا على الجميعِ في اسكتلندا ألا يساورَهُ الشكُّ بأننا نريدُكُم بشدةٍ أن تبقَوا (ضمن المملكةِ المتحدة)، ولا نريد لهذه المجموعةِ من الدولِ أن تتمزقَ”. (بي بي سي الأربعاء، 10 سبتمبر/ أيلول، 2014)


التعليق:

سياسةُ الغرب في الاستعمار يلخصُها المصطلحُ السياسي المعروف “فرق تسد”، سياسةٌ عشنا واقعَهَا في بلادِ المسلمين على أيدي الغربِ وبالأخصِّ الإنجليزُ الذين كانوا المعولَ الأساسَ في هدم دولةِ الخلافةِ وفي تقسيمِها في اتفاقيةِ سايكس – بيكو. بدأت رحلةُ الإنجليزِ الاستعماريةُ الداميةُ أولا في توحيد الدول التي حولَها؛ وِيْلزْ واسكتلندا وشمالِ إيرلندا، وذلك لكي تقوى شوكتُها ولا ينازُعها جزيرتَها وما تحتويه من خيرات أحد، فأصبحت بما هو معروف اليوم المملكةَ المتحدةَ. فقويت شوكتُها وبدأت حروبَها في أوروبا وبعدها ضد دولةِ الخلافةِ حتى أعلنت عن سقوطِها في تركيا وقسمتها وزرعت الفتنَ الطائفيةَ والوطنيةَ والدينيةَ بين المِزَقِ التي صنعت كي لا يكونَ لها أمرٌ بعد ذلك.

فلم تألُ بريطانيا جهدا في تمزيقِ الممزقِ من بلاد المسلمين، والعراقُ والسودانُ من بعض الشواهدِ على ذلك. وهي الآن تعاني الانقسامَ الذي لطالما عانى المسلمون منه بسببها. يصوتُ الاسكتلنديون الآن على انفصالِ اسكتلندا وستُعلَنُ النتائجُ صباحَ الجمعةِ 2014/09/19م. سيكونُ يوما قد نشهدُ فيه بدايةَ انحلالِ أمرِ دولةٍ عاثت في الأرضِ فسادا لعقودٍ من الزمن، يوما يصوتُ فيه الاسكتلنديون على بقائهم كجزءٍ من المملكة المتحدة، أو انفصالِهم واستقلالِهم.

إن لاسكتلندا ثقلاً في هذا الاتحادِ لما فيها من صناعاتٍ خفيفةٍ كصناعة القماش، وصناعاتٍ ثقيلةٍ كصناعة محركاتِ الطائراتِ والسفن، وأيضا الصناعاتِ الحربية. تولدُ اسكتلندا الكهرباءَ من خلال محطاتِ نوويةٍ ومحطات الطاقةِ المتجددةِ وغيرِها لما تصل نسبته 10 جيجاواط. أما الناتجُ المحليُّ الإجمالي لاسكتلندا فإنه يزيدُ عن 240 مليارَ جنيهٍ استرليني (إحصاء 2013)، وهذا يشكلُ عشرةً في المئة من الناتجِ الإجماليِّ المحلي للمملكة المتحدة. تُصدِّر اسكتلندا من صناعاتِها وأيضا الخدماتِ الماليةَ بما نسبتهُ 100 مليارَ جنيهٍ استرلينيٍّ محليا لباقي أنحاء المملكة المتحدة، وخارجيا لعدةِ دولٍ من ضمنها الولاياتُ المتحدةُ وألمانيا وفرنسا (إحصاء 2012).

يبلغُ تعدادُ سكانِ استكتلندا خمسةَ ملايينَ نسمةً، ما نسبتُه ثمانيةً في المئة من إجمالي تعدادِ سكانِ بريطانيا. أما مساحةُ أرضِها فتزيدُ عن ثلثِ مساحةِ المملكة المتحدة، 78,000 كيلومتر مربع. يعومُ بحرُ الشمالِ على حدودِها الشماليةِ والشرقية على أكثرَ من تسعين في المئة من آبارِ البترولِ في بريطانيا، وما يُقدرُ بأكثرَ من ستينَ في المئةِ من المخزونِ النفطيِّ في أوروبا.

واقعُ اسكتلندا هذا يجعلُ انفصالها له وقْعُهُ، ولا شكَّ سيؤثرُ على بريطانيا اقتصاديا وأيضا سياسيا، وسيهزُّ مكانَتَها عالميا. وهكذا هي الأيامُ دُوَلٌ، وقد أَزِفَ وقتُ الغربِ حيث أنهكتهُ الأزماتُ الاقتصاديةُ والحروبُ الخاسرةُ والآن الانقسامُ. وقد حان الوقتُ لبزوغِ فجرِ الخلافةِ التي أظلَّ زمانُها وإنْ هي إلا قابَ قوسين أو أدنى.

﴿إنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾




كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الرحمن الأيوبي