خبر وتعليق حقا إن الثورة السورية مباركة فهي كاشفة وفاضحة وممحصة ومبصّرة
الخبر:
نشرت وسائل الإعلام التركية في 2014/09/24 أجوبة الرئيس التركي رجب أردوغان عن الأسئلة التي وجهها إليه الصحفيون أثناء وجوده في نيويورك حول اشتراك تركيا ووظيفتها في التحالف الذي تقوده أمريكا ضد التنظيمات الإسلامية العاملة في سوريا على إسقاط نظام بشار وعلى إقامة حكم الإسلام هناك؟ فقال أردوغان: “إننا نتحدث معهم (مع الأمريكيين) وسنقوم بالوظيفة التي ستسند إلينا مهما كانت”. وعندما سئل عما إذا كان سيقدم الدعم العسكري أم لا؟ فقال: “يا أصدقاء! إن الدعم سيشمل كل شيء عسكري وسياسي… وغير ذلك” وقال: “إنه كما أفاد الرئيس أوباما في خطابه يوم الأربعاء فإن العراق وسوريا ضمن الأهداف. فإن الخطوات التي يخطى بها نحو هذه الأهداف وخاصة تلك العمليات التي تنفذ ضد التنظيمات الإرهابية نراها خطوات إيجابية. وإني أرى أنه من الخطأ إيقافها بعدما جرى البدء بها. فيجب الاستمرار فيها بثبات والسير في خارطة الطريق بشكل جاد. خاصة وأنني أعتقد أنه من الواجب السير في محاربة الإرهاب بتوافق مشترك”، وقال: “إن شاء الله عندما أعود سأجري محادثات مع حكومتنا وسنقدم الدعم اللازم للتحالف بناء على القرارات التي سنتخذها”.
التعليق:
إن تصريحات أردوغان واضحة، فمنطوقها مطابق لمفهومها، فلا تحمل على معنى آخر غير الذي قصده. فهو يعلن أنه ونظامه غارق حتى أذنيه في الخيانة بالتحالف مع قوى الكفر والشر التي أعلنت محاربة الثورة السورية والتي أعلنت وإياه بأن الحركات الإسلامية التي تعمل على إسقاط بشار أسد ونظامه العلماني وإقامة حكم الإسلام متمثلا في نظام الخلافة الراشدة هي تنظيمات إرهابية. ويعلن أردوغان بأنه منقاد لأمريكا، ولذلك فإنه سيقوم بما تسنده أمريكا له ولنظامه من وظائف سواء عسكرية أو سياسية أو غير ذلك، وأعلن مبايعته للرئيس الأمريكي في خطواته بالهجمات التي تنفذها أمريكا ضد التنظيمات الإسلامية، فهو يراها إيجابية، وطالب بالاستمرار فيها وعدم إيقافها حتى يقضى على هذه التنظيمات التي ترفض النظام العلماني وترفض الخضوع للمشاريع الأمريكية. فهو يخاف من أن تتوقف أمريكا عن الضربات بسبب الرأي العام في العالم الإسلامي الذي أصبح ضد هذه الضربات، فيطلب الاستمرار فيها وعدم إيقافها مبديا استعداده لتقديم كل أنواع الدعم للتحالف الصليبي الذي تقوده أمريكا.
فهذا هو أردوغان الذي يقال أنه إسلامي زورا وكذبا، وهذه هي حكومته التي يدّعى أنها إسلامية بادعاء باطل لا أساس له من الصحة. فيسقط كل ادعاء بأن النظام التركي وعلى رأسه أردوغان يدعم الثورة السورية وأهل سوريا، بل هو يقوم بدور خبيث مخادع لأهل سوريا ومتآمر عليهم وعلى ثورتهم، فعندما زار أحمد داود أوغلو إيران لما كان وزيرا للخارجية والتقى رئيسها حسن روحاني ووزير خارجيتها جواد ظريف في 2013/11/27 صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية ليفنت جمركجي بأن هناك “محادثات إيجابية حول سوريا وتوافقاً تاماً على التزام التعاون بين البلدين لحل الأزمة في سوريا” وعقبها قام أردوغان بزيارة إليها في بداية هذا العام ليتوج هذا التوافق بين بلديهما.
وهكذا كشفت الثورة السورية حقيقة أردوغان ونظامه، كما كشفت حقيقة النظام السعودي والقطري اللذين اتهما بأنهما يؤيدان التنظيمات الإسلامية، فسقطت التهمة عنهما وثبت أنهما متآمران على أهل سوريا وثورتهم. ففضحت كافة الأنظمة في العالم الإسلامي كما فضحت إيران وحزبها في لبنان من قبل.
فلم تؤسس أمريكا مثل هذا التحالف لضرب بشار أسد ونظامه والنظام الإيراني وحزبه في لبنان الذين دمروا سوريا وقتلوا مئات الآلاف من أهلها الأبرار، بل تراجعت أمريكا عن ضربها للنظام السوري عندما شعرت أنه سيسقط قبل إيجاد البديل.
فألاعيب أمريكا المكشوفة على مدى ثلاث سنوات ونصف وقد توجتها بإنشاء تحالف الشر هذا وبقيامها بهذه الضربات بصّرت أهل سوريا أكثر وفي مقدمتهم ثوارهم الأشاوس، بل بصّرت جميع المسلمين عليها وعلى كافة الأنظمة في المنطقة، وخاصة التي عملت على حرف بعض الثوار بالمال السياسي المسموم مثل السعودية وقطر، وأسقطت ورقة التوت عن تركيا أردوغان، فجعلتهم يقولون إن هذا التحالف وهذه الضربات تستهدفهم جميعا وتستهدف الثورة وضرب الإسلام وليس تنظيما بعينه والذي يتخذ ذريعة للقيام بذلك. فعلموا أن تحالف الشر هذا بقيادة أمريكا وما يقوم به من هجمات وقتل وتدمير ما هو إلا عدوان عليهم جميعا، وما ذلك إلا تمحيص لهم من ربهم ليعلم الصادقين والمؤمنين، وليعلم الكاذبين والمنافقين، أي ليكشف الكاذبين والمنافقين ويفضحهم ويميزهم عن المؤمنين الصادقين.
وهكذا يتجلى القول بأن الثورة السورية ثورة مباركة، فنظن أن الله بارك فيها، فلا يريدها أن تنحرف، فأراد ما أراد، والله أعلم بما يريد، ويحكم وهو خير الحاكمين. وعسى أن يحدث الله بعد ذلك أمرا ويجعل فيه خيرا ليجعل الثورة ترجع إلى نقائها وصفائها ويجعل الناس كلهم يعون على تآمرات دول الكفر ومن يتحالف معهم ومن يواليهم، فيبقون مؤمنين صادقين، وعسى الله أن يأتي بعدها بالفتح. وقد أعلنها كبيرهم في البيت الأبيض أنها طويلة تمتد لثلاث سنوات ويزيد، وأهل سوريا قاتلوا طوال هذه المدة النظام السوري وحلفاءه المباشرين إيران وحزبها في لبنان وعصاباتها في العراق الذين زجت بهم أمريكا لحماية هذا النظام بعدما عجز وحده عن مجابهة الثوار وكاد أن يسقط، ومع ذلك ثبت الثوار ولم ينهزموا. ولهذا فإنهم بإذن الله قادرون على الثبات أمام أمريكا وحلفائها مثل هذه المدة وأكثر. وما تدخل أمريكا المباشر إلا دليل على انهزام النظام السوري وحلفائه المباشرين أمام الثوار، وقد أعلن أوباما أن النظام السوري لن يقدر على هزيمة التنظيمات الإسلامية، ولذلك قام وتدخل مباشرة. فهذه بشرى للثوار في سوريا بانتصارهم، فما عليهم إلا أن يثبتوا، فهم قادرون بإذن ربهم على هزيمة أمريكا كما هزمها إخوانهم من قبل في العراق وفي أفغانستان مع حلفائها.
وما بقي عليهم إلا أن يعودوا ويتحالفوا مع بعضهم ضد تحالف الشر هذا بقيادة أمريكا، وأن يلتفوا بصدق أقوى من المرة الأولى حول مشروع ثورتهم ثورة الأمة، وهو إقامة نظام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة عندها يمكّنهم ربهم من إسقاط النظام السوري العلماني برمته، وليس إسقاط بشار أسد بشخصه مع بضعة أشخاص وجلب أشخاص آخرين أمثال البحرة ومن هم على شاكلته في الائتلاف الوطني الذين وافقوا على التفاوض مع النظام في جنيف والذين يحرصون على النظام العلماني والتبعية لأمريكا ويؤيدونها في ضرب أهل سوريا المسلمين وتنظيماتهم الإسلامية، والذين باعوا أمتهم ودينهم وآخرتهم بما تعدهم وتمنيهم أمريكا من مناصب.
وعسى أن يكون ذلك فاتحة خير لترجع الثورة إلى نقائها وصفائها، وتجعل الناس كلهم يعون على تآمرات دول الكفر ومن يتحالف معهم ومن يواليهم فيحذروا منهم، وعسى الله أن يأتي بعدها بالفتح، ويتأكد لهم مرة أخرى صدق حزب التحرير معهم، وهو الرائد الذي لا يكذب أهله والذي صدقهم في كل توقعاته وعمل على توعيتهم سياسيا وفكريا وأبدى لهم إخلاصه ونصحه لهم، فلينسقوا معه ويسيروا معه وليضعوه في مكانته التي يستحقها، وقد حذرهم من أن يمدوا أيديهم إلى أية دولة من هذه الدول بل يرفضوا مساعداتها، وطلب منهم أن يمدوا أيديهم إلى الله وحده، فهو متكفل بهم ولسوف يمدههم بخمسة آلاف من الملائكة ويزيد، وسوف يساعدهم وينصرهم إن هم نصروه بنصرتهم لدينه، لأن وعده للمؤمنين الذين ينصرونه وعد حق لا عبث، ولن يخلف الله وعده.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور