خبر وتعليق مكر كبّار
الخبر:
أكدّ الرئيس المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري في تونس “رضا قطعة” يوم الجمعة 26 سبتمبر 2014 على هامش ندوة علمية حملت عنوان “وسيلة منع الحمل اختيار يحفظ صحتك ومستقبلك” عقدت بإشراف وزارة الصحة وفي إطار الاحتفال الأول باليوم العالمي لمنع الحمل؛ أكدّ على أهمية استعمال وسائل منع الحمل وأنه لا بد من توعية النساء بأهميتها؛ كما قال “سنعمل أكثر على التحسيس بأهمية الوسائل الحديثة خاصة لدى فئة الشباب التي تمثل 33 بالمائة من المجتمع التونسي لأن هذه الفئة بحاجة للمعرفة والتثقيف وبحاجة لمن يوجهها للوقاية من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر ونعلم جيدا أن هناك حملاً غير مرغوب فيه لدى الشباب ومسألة الأمهات العازبات موجودة إذا فإن الوقاية واستعمال وسائل منع الحمل من أحسن ما يمكن أن يتوجه إليه الشباب.”
التعليق:
يعجب السامع حقا لما قيل في الندوة الآنفة الذكر على لسان المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري؛ إذ قدم وسائل منع الحمل كحل سحري لعديد من المشاكل العويصة المنتشرة في البلد؛ بدءاً بارتفاع وفيات الأمهات التي تبلغ 44.8% على كل 100 ألف ولادة؛ رغم أنّ المعلوم أنّ هذه النسبة المرتفعة عائدة بالأساس إلى غياب الرعاية الصحية اللازمة والتجهيزات والمعدّات خصوصا في الأرياف والمناطق النائية إضافة إلى أسباب أخرى مما يجعل المدقق في الأمر يعي أنّ ما يطرحه المدير العام ليس الحل الصحيح للمشكل.
أيضا في ما يتعلق بما ذكره تلميحا “بالسلوكيات المحفوفة بالمخاطر لدى الشباب” أو ما نسميه تصريحا “فاحشة الزنا” فهل تشجيع الشباب على استعمال موانع الحمل يعالج هذه الآفة في المجتمع ويحفظه من انتشار هذه الرذيلة فيه؟! وهل استعمال المرأة لوسائل منع الحمل يحميها من العار والشنار الذي يلحقها ويرجعها عن طريق الضياع التي تجد نفسها ماضية فيه. والحديث عن الأمهات العازبات في نفس السياق؛ هل يفهم من تشجيعهن على استعمال وسائل الحمل غير القبول والإقرار بمضيهنّ في دربهنّ درب الخطيئة؟!
أيضا الأمر بالنسبة للإجهاض؛ أيعقل أن نتغافل عن الغطاء القانوني له وغير ذلك من الأسباب الرئيسية له لنقول بأن موانع الحمل ستحل مشكلة النسب الصادمة للإجهاض 14 ألف حالة سنويا؟!
إن الإنسان الواعي لا يخفى عليه أنّ ما طرحه المدير العام من دعاية لوسائل منع الحمل يتضمن كثيرا من المغالطات بل يدرك أنها مجرد دعاية لترويج البضاعة في السوق؛ إنّ الإنسان الواعي الذي يبحث ما وراء الدعاوى لا يصعب عليه معرفة مصادرها؛ ومن يبحث في تاريخ فكرة التشجيع على منع الحمل أو ما يسمى بتحديد النسل يكتشف الكثير من الحقائق: منها أنّ دولنا الكرتوتية التي تسير جبرا عنها في المشاريع الغربية والتي تصدر معها مفاهيم الغرب عن الحياة إلينا؛ لم تخترع فكرة تحديد النسل والحث على منع الحمل اختراعا؛ بل هي قد مضت في التشجيع عليها في سياق دولي هو الأصل والمنبت؛ سياق دولي مشبوه يشجع الدافعون إليه العالم بأسره على تحديد النسل، وفي المقابل لا يدخرون جهدا في دفع شعوبهم وتحفيزهم لزيادة الإنجاب لعلمهم أنّ ارتفاع نسبة الولادات يساوي في المستقبل طاقة بشرية قوية عاملة ودافعة للتطور الإنتاجي على جميع المستويات. دول تخشى على نفسها أن تعود في ذيل الدول بعد أن هرمت شعوبها فما عادت تجد سواعد تعمل وتنتج؛ فانكفأت تروج المغالطات لبقية الشعوب علهم يتجرعون من نفس كأسها فيصيبهم ما أصابها.
إن الدعاوى لمنع الحمل والاحتفال بها هي في الحقيقة وسائل استعمار ناعمة تعتمدها الدول المتنفذة في العالم اليوم لتسلب باقي الدول عاملاً من عوامل قوتها؛ وإن هي إلا مكر كبار يمكر بالمرأة فيصور لها أن الإنجاب مهلك لصحتها ولذا وجب التقليل منه بل التقليل جدا منه.
إنّ الإسلام قد حثّ على تكثير النسل وإنّ رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم قد أمرنا «… وَتَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ»، كما أباح تنظيم الولادات ليكون كيان أمة الإسلام قويّا فتيّا؛ أنترك هدي الله لنتبع دعاوى تهدف لإضعافنا وجعل الوهن يدبّ فينا أكثر؟!
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أنس – تونس