خبر وتعليق وهل هذا يُشيع العدل في أفغانستان (مترجم)
الخبر:
صادق رئيس أفغانستان المنصرف حامد كرزاي على إعدام خمسة رجال أدينوا بالاغتصاب والسطو المسلح حسبما قال المتحدث باسمه. فقد كتب أيمال فايزي في تغريدة له يوم السبت: “لقد وقع الرئيس كرزاي هذا اليوم الأمر الصادر بإعدام خمسة مجرمين أدينوا بارتكاب جريمتي الاغتصاب والخطف بالقوة في حادثة باغمان”.
وكانت النيابة العامة قد قالت في وقت سابق من هذا الشهر إن مجموعة مكونة من سبعة رجال، يرتدي بعضهم زيّ الشرطة، أوقفوا الشهر الماضي سيارة تستقلها إحدى العائلات، وقاموا باغتصاب أربع نساء كن فيها، وكانت إحداهن امرأة حاملا. وذلك في باغمان قرب العاصمة كابل.
وقد حكمت محكمة استئناف على خمسة من الرجال السبعة بالإعدام عقب محاكمة قصيرة، وقضت على الرجلين الآخرين بالسجن 20 عاماً.
ولقد قوبل حكم الإعدام بالترحاب من قبل الكثيرين من المتظاهرين الذين كانوا خارج المحكمة، بينما وجهت منظمة هيومان رايتس ووتش انتقاداً شديداً للنظام القضائي الأفغاني، حيث قالت إن الشرطة والمحكمة “قد ردّا على جريمةٍ مروّعة بمحاكمة خرقاء مرقَّعة، جعلت من العدالة مهزلةً للضحايا وللمدَّعى عليهم على حدٍ سواء”. [المصدر: قناة الجزيرة، ABNA، وصحيفة نيويورك تايمز]
التعليق:
لقد كان من المثير قراءةُ التعليقات التي أبداها القراء عقب نشر أخبار هذه الحادثة المأساوية بشأنها. حيث هلّل الكثير من القراء الغربيين وأعدادٌ ضخمة من القراء في الهند لهذا الحكم، معتبرين أن الرجال الذين اقترفوا هذه الجريمة، وغيرهم ممن يقدمون على ارتكاب جريمة الاغتصاب، يجب أن يُعلَّقوا على أعواد المشانق. ومعلوم أن التعليقات الواردة من الهند ما جاءت إلا لتبرز وتسلط الأضواء على الإجراءات القضائية غير الفعالة هناك، في حين جاءت التعليقات القادمة من الغرب لتعكس الاشمئزاز والقرف الذي يشعر به الناس عندهم تجاه الأرقام المذهلة للتقارير التي تتحدث عن حوادث إتيان الأطفال والزنا والسحاق الجماعية، وأن العقوبات المفروضة على مرتكبي هذه الجرائم ليست صارمة بما فيه الكفاية.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، ثمة مخاوف من أن تكون المحاكمة الاستعراضية في هذه القضية قد نظّمت من أجل تزيين صورة حامد كرزاي قبل تركه منصب الرئيس، لا لتخدم العدل وحقوق المرأة.
فقد قامت منظمة النساء الأفغانيات، بالتعاون مع وزارة شؤون المرأة الأفغانية، بإعداد تقرير بنتائج عمليات مسح وبحوث أجريت في مقاطعات قندوز وتاخار وجوزجان وبلخ وساريبول وهيرات. وتوصلت إلى أن ما لا يقل عن 245 امرأة وطفلاً قد تعرضوا للاغتصاب عبر البلاد خلال الشهور الستة الماضية. وقد استند هذا التقرير إلى مقابلات أجريت مع نحو 2000 شخص في المقاطعات المذكورة، التي كانت غالبية حالات الاغتصاب المبلغ عنها قد وقعت فيها. وينبه التقرير مع ذلك إلى أن معظم حالات الاغتصاب التي تقع فعلياً لا تبلغ عنها الشرطة ولا المؤسسات القضائية، بل تبقى طي الكتمان، وذلك لأسباب اجتماعية.
كذلك أضافت المشاركات في المسح أن ما يقرب من نصف المعتدين لا تجري محاكمتهم لأنهم أناس متنفذون. كما كان المعتدون في 40 في المئة من الحالات هم من أفراد عائلة الضحية المقربين.
وبناءً على ذلك، وبالرغم من المديح الذي كاله عامة الناس في أفغانستان، والبعض من الغربيين، للنتيجة التي تمخضت عنها المحاكمة، فإننا نرى أن الإنصاف للمرأة ما زال بعيد المنال. إذ إن الأنظمة التي يضعها الإنسان فاسدة من جميع النواحي. فهي مبنية على أساس النظرة إلى المرأة؛ وهي أن المرأة إما سلعة تباع وتشترى، أو ما خلقت إلا لتخدم الرؤية الثقافية للعرض أو الشرف. هذا أولاً؛ وثانياً، لأنه إذا ما ارتكبت جرائم بحقهن، يكون النظام القضائي إما بطيئاً للغاية، أو تكون الأحكام الصادرة عن هذا النظام متفاوتة من بلد إلى آخر، أو تُوظّف قضاياهن لخدمة مكاسب سياسية لمن هم في السلطة. وفي نهاية المطاف، لا يشعر أحدٌ أنه نال ما يستحقه من الإنصاف والعدل.
أما الإسلام فإنه يضمن حماية المرأة من خلال ترسيخ وتطبيق مفهوم بعيد النظر وهو “إن المرأة عِرضٌ يجب أن يُصان”. فإذا ما انتهك أي حق من حقوقها، فإنه يجري تطبيق عقوبات شديدة ضد المعتدي بعد ثبوت الانتهاك لدى المحكمة. ولا يؤثر في ذلك بحال وضع المعتدي، كائناً من كان؛ كما لا يؤثر فيه أي اعتبار، مثل إلحاق العار بعائلة المرأة المعتدى عليها أو بقبيلتها إن اشتكت أو رفعت قضيتها إلى القضاء. ففي ظل الخلافة، الراشدة على منهاج النبوّة وحدها، سيشعر رعايا الدولة كلهم أجمعون بنعمة العدل التام، سواء أكانوا ضحايا أم معتدين. حيث تأخذ الضحية حقها كاملاً؛ وينال المعتدي ما استحق من العقوبة الرادعة له ولغيره.
كما تجبر هذه العقوبة عن المعتدي العذاب في الآخرة. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾!
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ناديا رحمان / باكستان