Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق انتخابات تونس تضليلٌ وتحريف

ما زال الهدف الذي من أجله قامت أولى الثورات في البلاد العربية (ثورة تونس) قائماً في أذهان الشعب التونسي، وما زال الناس ينتظرون بفارغ الصبر تحقّق هذا الهدف وهو (رفع الظلم عن كاهلهم، وتحقق العدل وبحبوحة العيش والرفاهية في حياتهم اليومية..).

فشرارة الثورة في تونس كانت بسبب تفجر الغضب عند أحد الشباب في (بوزيد)؛ بسبب الظلم والفقر والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية؛ وهي الحياة الكريمة والعمل الكريم لتحصيل لقمة العيش..

وتجاوبت مشاعر الجماهير في طول البلاد وعرضها مع هذا الشاب وثورته على الظلم، وأضرمت الثورة في نفوس الناس حتى وصلت إلى درجة الغليان والاندفاع، لتجبر – بعد ذلك – طاغية تونس على الرحيل والتنازل عن كل شيء..

لكن الاستعمار السياسي وأدواته من السياسيين وبعض العسكريين لم يتركوا الشعب التونسي يحدد اتجاه سيره في هذه الثورة العظيمة، واضطر هذا الاستعمار الماكر أن يلعب لعبة خبيثة لتضليل الشعب عن مساره الصحيح وهو (رفع الظلم وتحقيق العدل..)

وأولى الخطوات التي قام بها الاستعمار وأدواته من السياسيين وغيرهم هو إيصال طائفة من أهل تونس إلى الحكم تحت مظلة القوانين والدساتير القديمة، وتحت مظلة الوضع السياسي القائم ببرامجه الداخلية والخارجية، وعلاقاته الداخلية والخارجية، ومع كافة دول الجوار، ثم عمد الاستعمار إلى الخطوة التالية وهي ترسيخ هذا الأمر في الواقع عن طريق انتخاباتٍ تضلّل الناس، وتوهمهم أن هذا الأمر هو نتيجة الديمقراطية والاختيار الانتخابي!!..

لكن الناس لم تنطل عليهم هذه الضلالات والأكاذيب؛ حيث إنهم لم يشعروا بأي تحسّن في حياتهم سوى بعض الأمور الشكلية من حرية التعبير وحرية الانتخاب، أما جوهر الأمور فلم تتغير ومنها: –

1- بقاء البلاد نهباً لشركات الاستعمار، وخاصة شركات البترول والغاز والمعادن.

2- بقاء الفكر الغربي متحكماً في حياة الناس وطريقة عيشهم ودستورهم.

3- بقاء حالة الفقر والبؤس والبطالة والحرمان في أوساط شريحة واسعة من أهل تونس تشكل الأغلبية.

4- بقاء كافة العلاقات والمواثيق الخارجية كما هي، وتجديد أمر القروض الخارجية لصندوق النقد الدولي لتزيد عن حدها السابق وتتضاعف.

5- الكبت السياسي وتقييد الأحزاب السياسية التي تعمل على أساس إسلامي، بل سجنها واستعداؤها، وأحيانا عدم السماح لها بالعمل السياسي.

6- ترسيخ سياسة الانفتاح الحضاري على الغرب، وتشجيع المنكرات والموبقات تحت ذريعة الحريات والسياحة.. وغير ذلك من ضلالات…

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو: هل الانتخابات الجديدة في تونس سوف تغير من الأسس القائمة في تونس، أم أنها ستقوم على نفس الأفكار والأسس والدستور الموجود.. وإذا كان الأمر كذلك فما هي قيمة هذه الانتخابات، هل سوف تأتي بأشخاص جدد بملابس جديدة لها ألوان جديدة لترسيخ الوضع القائم أم أن هناك مؤامرة جديدة تحاك لأهل تونس الطيبين – وخاصة المسلمين المخلصين غير الموالين للغرب وسياساته – من خلال هذه الانتخابات؟!

والحقيقة أن جميع المؤشرات والوقائع السياسية تدلل على أن الغرب الكافر الماكر يحوك مؤامرات جديدة لتونس تهدف إلى زرع بذور الفتنة والشرخ بين أبناء الشعب المسلم في هذا البلد، وتهدف إلى ترسيخ مبادئ وأفكار الكفر والحريات الكاذبة والمحافظة عليها، وإبعاد مشروع الإسلام من الساحة السياسية…

فبعد أن يدرك الشعب في تونس اللعبة جيداً – لعبة الانتخابات – ويرى آثارها السياسية في حياته، وأنها لم تأت بجديد ولم تغير قديماً، سوف تثور ثائرته مرة أخرى، وسوف تبرز بذور التحدي لهذا الوضع القائم عن طريق الاحتجاجات والمسيرات، وسوف يتهم كل من يخرج على هذه الانتخابات وما تجره من أوضاع بأنه إرهابي أو يوجه من الإرهابيين لهدم مسيرة الديمقراطية والحريات…

ومن هنا تبدأ مرحلة جديدة يمهد الكافر المستعمر من خلالها لجر المجتمع التونسي إلى فتن وشرور عريضة تهدف إلى:

1- إيجاد الفتن بين فئات الشعب المسلم في تونس؛ وذلك عن طريق إثارة المشاكل بين مختلف الأحزاب السياسية، وبين التيارات الإسلامية كما حصل في مصر من قبل.

2- ترسيخ الوضع السيئ القائم في البلد عن طريق الشعب تحت مسمى الانتخابات والحريات؛ لأن الحكام الجدد لا يملكون شيئا من برامج التغيير الصحيح، ولا حتى من قرارات التغيير.

3- إعلان الحرب على الفئات المعارضة لهذا الوضع الجديد تحت ذريعة القانون والدستور، ومخالفة الديمقراطية.

4- إقصاء الصبغة الإسلامية عن الساحة السياسية تحت ذريعة المشاركة السياسية، أو تحت ذريعة تجنيب تونس الحرب على الإرهاب وغير ذلك من أكاذيب.
5- إجهاض أي توجه مستقبلي عند الشعب نحو المشروع الإسلامي الصحيح، وذلك بحجة أن الشعب اختار الديمقراطية والحريات..

هذه هي المؤامرة الجديدة على تونس تحت غطاء كاذب اسمه الانتخابات.. فهل سينجح الكافر المستعمر في سلخ الشعب التونسي عن مشروعه الحضاري العظيم نحو تطبيق الإسلام، وإعادة تونس إلى تاريخها العريق، وإلى وضعها الصحيح الذي يرنو إليه الشعب المسلم في تونس ويتمنى ويطمح إلى عودته؟!

1- إن الشعب المسلم في تونس الخضراء بتاريخه وإيمانه هو شعب واعٍ بإذن الله على ألاعيب الاستعمار، وبرامجه السياسية الماكرة، وهو متميز بهذا الأمر بين شعوب العالم الإسلامي، لذلك نأمل أنه لن تخفى عليه هذه المسرحية الهزلية، ولن تخفى عليه أهدافها وبرامجها وما ترنو وتهدف إليه.

2- إن الوضع الاقتصادي السيئ في تونس لن يستطيع أحد من هذه الأحزاب وبرامجها أن يغيره وينقذه، لأنها كلها أحزاب مرتبطة بالاستعمار وتطبق برامجه السياسية الماكرة الخبيثة..

3- إن مسألة إعلان الحرب على دين الله وعلى حملة رسالته لإيجادها في أرض الواقع إنما هو إعلان حرب على الشعب بأكمله لأن الشعب في تونس شعب مؤمن وواعٍ على دينه والحمد لله، ولن يخدعوه بهذه الأضاليل والأكاذيب الواهية..

4- لقد رأى الشعب في تونس ما جرى للشعوب الأخرى بسبب البرامج السياسية الكافرة، وبسبب الانتخابات المخادعة، لذلك لن يتشجع كثيراً لهذه الانتخابات، وسوف تكون المشاركة فيها ضعيفة، فقد رأى ما جرى في مصر واليمن، وكيف أدى الأمر إلى إجهاض الثورات وإلى الالتفاف على أهداف الشعوب في الانعتاق الحقيقي من تبعية الغرب…

وفي الختام نقول: بأن موضوع الانتخابات في تونس هو مؤامرة خبيثة لن تنطلي على المسلمين في تونس الخضراء بوعيها وإيمانها وتاريخها العريق، وسوف يُفشل الشعب هذه المؤامرة بعدم مشاركته أولاً من قبل قسم لا بأس به من الشعب، وسوف يعمل على إفشال مشروع الانتخابات بعد حصولها.. وسوف يعمل هذا الشعب المسلم بإذن الله لإعادة تاريخه وحضارته بإعادة دينه إلى أرض تونس لتكون محطة الفتح الإسلامي من جديد كما كان ماضيها، ولتكون مفتاح التغيير لكل العالم الإسلامي بإذنه تعالى تماماً كما كانت شرارة الثورة الأولى التي أشعلت بلاد المسلمين..

نسأله تعالى أن يكرم أمة الإسلام بمفاتيح الفرج والتمكين… آمين يا رب العالمين.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حمد طبيب – بيت المقدس