الحديث الشريف باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي “بتصرف” في “باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن”.
حدثني يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر جميعا عن إسماعيل بن جعفر قال ابن أيوب حدثنا إسماعيل قال: أخبرني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا”.
قوله – صلى الله عليه وسلم – : “بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم..” معنى الحديث الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم لا المقمر. ووصف – صلى الله عليه وسلم – نوعا من شدائد تلك الفتن، وهو أنه يمسي مؤمنا ثم يصبح كافرا أو عكسه.
موضوع الحديث هو الترهيب من الفتن وبيان خطرها وأضرارها على الناس، ولعل هذه الفتن تندرج تحت فتن الشهوات وفتن الشبهات. أما فتن الشهوات فهي معروفة لدى جميع الناس، فمنها شهوة المال والأكل والشرب واللبس والجسد واللهو وغيرها الكثير. وأما فتن الشبهات فهي التي تخفى على كثير من الناس، فهي أكثر خطرا كونها غير ملموسة ولا ترى إلا بالعقل والقلب والدين. فقد يكون المسلم طائعا تقيا عابدا ملتزما بأحكام ربه، إلا أنه واقع بالحرام وهو لا يدري؛ فهو لا يعمل مثلا لتحكيم شرع الله في الحياة، يكتفي فقط من الدين بالناحية الفردية، يرى أنه ما دام يحفظ القرآن ويصلي الصلاة في وقتها في المسجد مع الإمام أو قد يكون هو الإمام، ولكنه يسبح بحمد أنظمة لا تحكّم قرآن الله في الحياة، لا بل تضرب وتعتقل من يعمل لإعادة خلافة المسلمين التي بها وحدها تعود الأمة خير أمة أخرجت للناس. فتراه يدافع عن هذه الأنظمة، يبيع دينه بعرض من هذه الدنيا.
أي فتنة هذه؟ وأي شبهة هذه؟ لذلك حذرنا الرسول- صلى الله عليه وسلم – منها وبين لنا حجمها وطلب منا أن نبادر بالأعمال، بترك المعاصي وبالتلبس بالعمل المنتج لإعزاز هذا الدين، بالعمل مع العاملين الواعين لإعادة الخلافة الثانية الراشدة على منهاج النبوة.
فاللهمَّ عاجلنا بخلافة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم