مرشد الجمهورية الإيرانية يقول: التحالف ضد تنظيم الدولة كذبة صارخة والحقائق على الأرض تقول: “إن ادعاء إيران أنها ضد التحالف” هو كذبة صارخة
قال مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي في 2014/11/25: “فيما يتعلق بالقضية النووية فإن قوى الاستكبار جاهدة لتركيع إيران، إلا أنها لم ولن تتمكن من تحقيق ذلك”. وقال في تغريدة ثانية على تويتر: “إن الإسلاميين المتشددين حولوا انتفاضات الربيع العربي إلى اقتتال بين المسلمين تماشيا مع قوى الاستكبار”. وقال في تغريدة ثالثة: “التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية كذبة صارخة. تريد الولايات المتحدة عن طريق تنظيم الدولة الإسلامية استمرار الحرب بين المسلمين”.
إن كلمات مرشد جمهورية إيران تحمل معاني متناقضة ومنافية للواقع. فيدعي أن إيران لم تركع للدول الكبرى وهي قد خضعت لها ووقعت اتفاقية في 2013/11/24 فالتزمت بتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم من 20% إلى ما دون 5%، والتزمت بأن لا تركب أجهزة طرد مركزي جديدة لزيادة نسبة التخصيب، وبتعطيل نحو نصف أجهزة الطرد المركزي التي تم تركيبها في مفاعل “نتانز” وثلاثة أرباع أجهزة الطرد في مفاعل “فوردو” حتى لا يمكن استخدامها في تخصيب اليورانيوم، وكذلك التزمت بقصر إنتاج أجهزة الطرد المركزي على الأجهزة الضرورية لإبدال ما يلحق به الضرر من الآلات فلا تتمكن من تخزين كميات إضافية من أجهزة الطرد المركزية خلال الأشهر الستة، والتزمت بعدم تشغيل مفاعل أراك ووقف التقدم في مسار استخلاص البلوتونيوم، وعدم تركيب أية مكونات إضافية له. والتزمت بإتاحة المزيد من الفرص للمفتشين لدخول مفاعل أراك وتقديم بيانات رئيسية معينة ومعلومات كانت مطلوبة بموجب البرتوكول الإضافي لاتفاقية الضمانات الإيرانية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتزمت كذلك بإتاحة المجال بصفة يومية لمفتشي وكالة الطاقة الذرية لدخول مفاعل “نتانز” ومفاعل “فوردو” وسيسمح للمفتشين بمراجعة ما صورته الكاميرات لضمان المراقبة الشاملة حول ما يتعلق بالتخصيب في هذين الموقعين، كما التزمت بإتاحة المجال لوكالة الطاقة النووية الدولية للاطلاع على منشآت تجميع أجهزة الطرد المركزي، ودخول منشآت الإنتاج وتخزين مكونات أجهزة الطرد المركزي، ودخول مناجم اليورانيوم ومحطات تجهيزه، والتزمت بتشكيل لجنة مع دول 5+1 ومع وكالة الطاقة الدولية لمراقبة التنفيذ ومعالجة أية مشاكل قد تطرأ وستعمل اللجنة المشتركة أيضا على تسهيل تسوية المخاوف السابقة والحالية فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي بما في ذلك البعد العسكري المحتمل للبرنامج الإيراني. ألا يعد كل ذلك خضوعا وركوعا لقوى الاستكبار والاستعمار وهو يحدّ من قدرة إيران ويمنعها بشكل قاطع من أن تتقدم خطوة لأن تصبح قوة نووية؟!
ومع كل ذلك ادعت إيران أن ما حدث هو انتصار ونجاح! فقال مرشدها الأعلى علي خامنئي يومئذ مادحا الاتفاق: “لا بد من شكر فريق المفاوضين النوويين على هذا الإنجاز ويعود هذا النجاح أيضا إلى الرعاية الإلهية والصلوات ودعم الشعب”. ولكن الرئيس الأمريكي أوباما قال في حديثه عن الاتفاق: “إنّ ما قمنا به مع إيران، يعدّ تقدماً ملموساً، والأكثر أهمية منذ أن توليت منصبي، وإعلان اليوم هو مجرد خطوة أولى تحقق قدراً كبيراً”. وهكذا تكون إيران قد خضعت لقوى الاستكبار والاستعمار. واستمرار المفاوضات هو لتركيع إيران أكثر وجعلها دائما في دوامة المفاوضات وتحت الرقابة فتجعل أعصابها دائما مشدودة وخائفة كما هي منذ 12 عاما، ولتكون مستعدة لتنفيذ خطط الغرب، عدا أن الأوروبيين هم بالدرجة الأولى من يحدثون مشاكل ومطالب جديدة لتمطيط المسألة، مثل قولهم أن العقوبات لن ترفع نهائيا حتى الوصول إلى الحل النهائي، وكذلك طلبهم فتح ملفات جديدة مثل ملف حقوق الإنسان حتى يظهروا تأثيرهم العالمي بجانب أمريكا وحتى يحصلوا على موطئ قدم في إيران بعدما سارت إيران مع أمريكا وتركت السير مع أوروبا عقب سقوط الشاه.
والتناقض الثاني والمنافي للحقيقة هو اعتبار مرشد جمهورية إيران المسلمين الذين انتفضوا ضد هيمنة أمريكا والغرب وعملائهم وطالبوا بتحكيم شرع الله وإقامة الخلافة الحقيقية بأنهم متشددون، وحولوا الربيع العربي إلى اقتتال بين المسلمين تماشيا مع القوى الكبرى. فأهل سوريا انتفضوا ضد نظام حزب البعث العلماني برئاسة بشار أسد الذي ذكر أن سوريا هي آخر قلعة للعلمانية. والعلمانية هي فكر غربي كافر، وهي أساس المبدأ الرأسمالي الاستعماري، ومن يروج لها فهو عميل للغرب بلا شك. فمن يروج لبضاعة الغير هو عميل لهم، فكيف بمن يطبقها ويقاتل دونها؟! فأهل سوريا انتفضوا ضد قلعة العلمانية التي أقامها الغرب المستعمر في بلاد الشام. فالنظام السوري من ناحية فكرية هو عميل للغرب ولقوى الاستكبار الغربي والشرقي. فقوى الغرب والشرق العلمانية كلها؛ كبرى وصغرى، تعمل على المحافظة على النظام السوري من ناحية فكرية، لأنه قلعة من قلاع العلمانية التي أقامها الغرب في بلاد الإسلام بعد هدم نظام الإسلام عندما هدموا نظام الخلافة على أيدي عملائهم العلمانيين أمثال مصطفى كمال.
ومن ناحية سياسية فإن النظام السوري سار في المخططات الغربية من أول يوم أسس فيه من قبل فرنسا، ومن ثم تقاذفته بريطانيا وأمريكا بواسطة الانقلابات العسكرية، حتى تمكنت أمريكا من الإمساك بزمامه بواسطة عميلها حافظ أسد وورثه في ذلك ابنه بشار أسد وسارا في تنفيذ مخططاتها. فأهل سوريا يعرفون أن حافظ أسد هو من سلم الجولان لليهود عام 1967 عندما كان وزيرا للدفاع. وفي عام 1973 سمح للجيش بعبور القنيطرة لعدة كيلومترات فقط حتى يقال أنه حقق انتصارا ليعبر في عملية السلام مع كيان يهود مع حليفه النظام المصري بقيادة أنور السادات تنفيذا لمخطط أمريكي. ومنذ ذلك اليوم لم يطلق النظام السوري طلقة واحدة على كيان يهود، بل منع ذلك كما منع أهل القنيطرة من العودة إليها وما زالوا لاجئين في بلادهم. وأهل لبنان شاهدون على تنفيذ النظام السوري لمخططات أمريكا منذ تدخله في لبنان عام 1976 للمحافظة على هذا الكيان العلماني القائم فيه وعلى النفوذ الأمريكي، وعاث فيه فسادا وقتلا. واشترك مع التحالف الأمريكي عام 1991 تحت ذريعة تحرير الكويت، وكاد أن يوقع الصلح مع يهود عام 1994 بإشراف أمريكي مع رئيس وزراء يهود إسحق رابين، ولكن مقتل الأخير عرقل ذلك. وبدأ محادثات سرية مع يهود عام 2008 بسمسرة أردوغان تحت إشراف أمريكي لعقد صلح معهم، إلا أن هجوم يهود على غزة في نهاية هذا العام أجل ذلك. فالنظام السوري هو من ناحية سياسية نظام تابع وعميل للغرب وخاصة لأمريكا مثلما هو عميل من ناحية فكرية، وكل أنظمته مستوردة من الغرب.
وإيران التي تدعي أن نظامها إسلامي؛ أيدته في قتل أهل سوريا المسلمين الذين انتفضوا في بداية الثمانينات من القرن الماضي، وانبرت للدفاع عن هذا النظام ليل نهار، وهي التي وقفت في وجه المسلمين ومدت النظام بأسباب القوة وأرسلت حزبها من لبنان وعصاباتها من العراق ليقاتلوا جنبا إلى جنب مع النظام العلماني الإجرامي الذي يتبع القوى الكبرى أو قوى الاستكبار حسب وصف خامنئي.
فإيران هي التي أحدثت الاقتتال بين المسلمين، بل قاتلتهم وما زالت تقاتلهم في سوريا ولبنان والعراق واليمن خدمة لأمريكا كبيرة الاستعمار والاستكبار ولمنع المسلمين من إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وهي التي استعدت من أول يوم للقتال بجانب أمريكا ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فقد صرح رئيسها حسن روحاني في 2014/6/14 أمام شعبه عبر التلفزيون الإيراني قائلا: “إن إيران يمكن أن تفكر في التعاون مع الولايات المتحدة لإعادة الأمن للعراق إذا واجهت واشنطن جماعات إرهابية في العراق وفي أماكن أخرى”. وذكّر بأن “هناك تنسيقاً بين إيران وأمريكا وخاصة على مستوى وزارة الخارجية”. وقد نقلت وكالة فرانس برس في 2014/7/9 تصريحات هاشمي رفسنجاني الرئيس الإيراني الأسبق ورئيس مؤسسة تشخيص مصلحة النظام التي أدلى بها لصحيفة أساهي شيمبون قال فيها: “نشارك الولايات المتحدة المشاكل نفسها ولا توجد عقبة أمام تعاوننا، سنتعاون إذا اقتضى الأمر”. وأضاف: “إذا اتخذت الولايات المتحدة قرارا بشأن العراق وإذا كانوا في حاجة إلى تعاوننا فإننا سنتفاوض بشأن هذا التعاون مشيرا إلى مجالات ممكنة مثل تقاسم المعلومات والخبرات والدعم المتبادل في مجال التمويل والتكنولوجيا”. فتصريح خامنئي بأن “التحالف بقيادة أمريكا ضد تنظيم الدولة الإسلامية كذبة صارخة. وأنها تريد عن طريق تنظيم الدولة الإسلامية استمرار الحرب بين المسلمين”. هذا التصريح يدمغه ويدمغ نظامه ويدينهم لأنهم ضالعون مع هذا التحالف ويشاركونه بصور شتى حيث يساعدون عناصر هذا التحالف من النظام العراقي وحكومة كردستان إلى الحزب الكردستاني في كوباني كما اعترف المسؤولون عنده بذلك.
فادعاء إيران أنها لم تركع لقوى الاستكبار أو أنها ضدها هي كذبة صارخة، بل هي ضالعة مع هذه القوى وهي والغة في دماء المسلمين. والله شاهد على كذبها، وهو لها ولغيرها من الظالمين بالمرصاد.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور
2014_11_29_Art_Iran_is_against_the_Coalition_is_a_blatant_lie_AR_OK.pdf