خبر وتعليق ست عشرة دولة عربية شاركت أمريكا في جرائم التعذيب
الخبر:
دبي، (CNN) مع نشر تقرير أساليب الاستجواب التي خضع لها مشتبه فيهم بالإرهاب من قبل الولايات المتحدة، عاد السؤال ليفرض نفسه من جديد حول الدول التي ساعدت واشنطن في برنامجها.
وأشار التقرير إلى أنه لن يتم ذكر الحكومات والدول بالاسم تحديدا، لكن منظمات دولية مستقلة قارنت ما خلصت إليه من استنتاجات بشأن هوية تلك الحكومات وما تضمنه التقرير من معلومات وإشارات.
ومن ضمن تلك المنظمات Open Society Justice Initiative وسبق لتلك المنظمة وغيرها أن نشرت أوائل 2013 لائحة تضمنت 54 حكومة قالت إنها على علاقة بالبرنامج سواء من حيث أنها كانت مسرحا لعمليات استجواب أو أنه تم استخدام أراضيها أو مجالها الجوي لنقل أو استجواب المشتبه بهم.
التعليق:
بالنظر في الخريطة المرفقة بالخبر، نجد كل الدول العربية، فيما عدا العراق التي كانت تحت الاحتلال، والكويت وتونس وعمان ولبنان وقطر، شاركت باقي الدول أمريكا في جرائمها التي يندى لها الجبين في اعتقال واستجواب وتعذيب المعتقلين الذين صنفتهم أمريكا على أساس أنهم إرهابيون، ومن وسائل التعذيب المتبعة، والتي وصفت بالوحشية، حيث خضع المعتقلون لدى (سي آي إيه) لتقنيات استجواب قهرية لم توافق عليها وزارة العدل أو مدراء الوكالة، وابتكرها خبيران نفسيان شاركا في الإشراف على تنفيذها، ومنها الإيهام بالغرق، ومنها تعليق المعتقل بالسقف من رجليه وإلباسه حفاظا وإجباره بالتغوط على نفسه، وغير ذلك من الأساليب التي يندى لها الجبين، فإن فشلت سلمت المعتقل لدول عربية وأوروبية وغيرها، تتولى عنها التعذيب لتنتزع الاعترافات لاعتمادها أساليب أكثر وحشية من هذه، ومثال ذلك أن أمريكا أرسلت ماهر عرار إلى سوريا ليتعرض فيها نحو 10 أشهر للضرب والجلد والصعق بالأسلاك الكهربائية بصورة منتظمة.
وباستعراض ما روجت له وكالة الاستخبارات من نجاحات هذه الأساليب في انتزاع معلومات، تبين أن أغلبها ملفق ولا يرقى لمستوى الصحة، فكذبت الوكالة لتبييض وجهها، ثم كذبت الحكومة بادعائها بأن هذه التقنيات لم توافق عليها وزارة العدل، فإذا بصفحة أنشأتها وكالة الاستخبارات تحت عنوان: السي آي إيه أنقذت أرواحا، أكد مؤسسو هذا الموقع بأن برنامج استجواب المشبوهين بالإرهاب الذي طبقته السي آي إيه بعد اعتداءات الـ11 من سبتمبر 2001 “سمح به بالكامل مسؤولون كبار في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي ووزارة العدل”.
لقد أظهر هذا التقرير وعرّى بشكل فاضح كل ادعاء للولايات المتحدة بأنها راعية ما يسمى بحقوق الإنسان، أو النزاهة والعدالة، وأظهر أن أجهزتها الرسمية لا تتورع عن الكذب، فهي تكذب في ترويجها لما يسمى بحقوق الإنسان وهي أول من ينتهكها، وهي تكذب في أنها تتبرأ من هذه الجرائم وهي التي صادقت عليها، وهي تكذب إذ تدعي أنها نجحت من خلال هذه الأساليب بانتزاع اعترافات، ظلمات متراكبة من الكذب بعضها فوق بعض لو أخرجت يدك من خلالها لم تكد تراها!
وتعليقا على التقرير، قال موريس دايفيس، المدعي العام السابق بسجن خليج غوانتانامو، إن التقنيات والوسائل التي استخدمتها وكالة الاستخبارات الأمريكية والمذكورة في تقرير مجلس النواب الأمريكي تعتبر جرائم حرب.
أما هذه الدويلات التي لا تنفك تعرض خدماتها لتعذيب المسلمين، وإيذائهم والتنكيل بهم خدمة لأمريكا، فإنما تفعل ذلك لأنها لا تخشى الله ولا تخشى غضبة الحق، ولأنها تؤمن بأن أمريكا هي ربها الذي عليها أن تركع له وتسجد ليثبتها على كراسيها المهترئة.
لقد أصبح دم المسلم وماله وعرضه عند هذه الحكومات البغيضة أرخص من فنجان القهوة، ذلك الدم والعرض الذي ما انفكت الخلافة تجيش الجيوش لحمايته حتى استقر في أذهان أمم الأرض عزة المسلم وقوة دولته.
ولم يكتف حكام الضرار بتعذيب المسلمين والتنكيل بهم، بل أسلموا الأمة وخيراتها نهبا للكافر المستعمر، فهذا النفط المنهوب وهذا المال المسلوب، وهذا الحق المغصوب، وهذه أفغانستان وتلك الشيشان وهذه فلسطين وتلك الشام، وهذه العراق وتلك ليبيا، وتلك الثغور الإسلامية الغالية على أفئدتنا، كلها أسلمها هؤلاء الحكام للكافر المستعمر، وهؤلاء الحكام ما أورثوا شعوبهم إلا الفقر والجهل والتخلف والضياع، فتحكّم الحكام الرويبضات أمراء السوء الذين أسلموا رقاب الأمة وخيراتها لأعدائها وباعوها بثمن بخس كراسي مهترئة، فمزقوا العالم الإسلامي إلى بضع وخمسين دويلة هزيلة لا تملك من أمرها شيئا ولا تستطيع أن تحمي أبناءها أمام أراذل الخلق، بل تشارك في قهرهم وتجويعهم وتركهم في مخيمات الضياع بلا رحمة، إن الناظر في كل هذا وغيره الكثير ليرى بوضوح أن سبب وصول الأمة الإسلامية لهذا المنحدر السحيق هو غياب الإسلام عن واقع حياتها، مما أفضى إلى تمزق شمل الأمة، ذلك الشمل الذي ما انفكت الخلافة الإسلامية تلمه كلما انفرط عقده، وأفضى إلى تطبيق أنظمة الظلم والطاغوت في حياة المسلمين بدلا من نظام الإسلام العادل، وشريعة الرحمن التي ما نزلت إلا رحمة للعالمين، فإذا ما أمعن الناظر النظر وجد أنه لا ملجأ للأمة الإسلامية من الله إلا إليه، ولا خلاص لها إلا باتباع منهجه وتطبيقه نظام حياة في دولة إسلامية تعيد للأمة الإسلامية وحدتها، وعزتها وقوتها.
أما وقد مضى على انفراط عقد الأمة الإسلامية وتمزق كلمتها وضياع خلافتها تسعون عاما ميلاديا، أو ثلاثة وتسعون عاما هجرية، فإنه قد بلغ السيل الزبى، وبلغ الكتاب أجله، وآن لهذه الأمة أن تلتف حول قيادة مخلصة راشدة تعيد لها مجدها وتضع خيراتها تحت تصرف أبنائها، وتكف يد أعدائها عنها، وتطبق فيها شرع ربها، لذلك قام حزب التحرير يستنهض الأمة في شتى بقاع الأرض، فهل من مُلبّ؟ وهل من مجيب؟ قام يدعوها لما فيه حياتها، وهل الموت إلا في البعد عن شرع الله وهو القائل سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.
أما آن لخير أمة أخرجت للناس أن تخلع أنظمة الضرار هذه وتقيم مكانهم خلافة راشدة على منهاج النبوة تحرس دينهم ودنياهم وتكون لهم درعا منيعة تمنع عنهم كيد أعدائهم؟
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو مالك