تلخيص كتاب سرعة البديهة ح5
حقيقة المشكلة:
حقيقة المشكلة هي أن التفكير صار بطيئاً بشكل طبيعي، والعلاج هو الخلاص من هذه المشكلة، فالتفكير البطيء هو المشكلة، وكونه صار عادة، وصار طبيعياً، أصبح هو المشكلة في حقيقتها. فالتفكير البطيء هو الأصل عند الناس، حتى فقدوا سرعة البديهة، وإذا جاءت إنما تأتي ساعة الخطر، ولا يتأتى أن تتخذ إجراء بناء على سرعة البديهة، وقد نحتاج إلى إجراء، وقد لا نحتاج. لذلك فإن سرعة البديهة لا بد أن تكون دائمية وفي كل شيء، فلا يصح أن تكون ساعة الخطر فقط، بل يجب أن تشمل جميع الحالات.
لهذا صار التفكير البطيء هو المشكلة، أو هو حقيقة المشكلة، فالمشكلة ليست سرعة البديهة، وإن كانت هي أبرز ما ترتب وما بلي به الناس.
وما دام قد ثبت أن المشكلة ليست سرعة البديهة، بل هي نتيجة المشكلة، فيجب أن يكون العلاج منصباً على المشكلة لا على نتائجها، وهي بطء التفكير، وعلاجها يقضي بمعالجة السيطرة على الناس، سواء سيطرة الغرب أو سيطرة أفكاره. صحيح أن سيطرة الغرب على البلاد، وسيطرة أفكاره على الناس هو الأساس، ولكن هذا الأساس لا يحتم أن المشكلة لا تعالج إلا بزواله، بل يمكن أن تعالج وهو موجود، وذلك بمعالجة التفكير نفسه، ونقله من البطء إلى السرعة. فالسيطرة وإن كانت الأساس، ولكن السيطرة لا تكون من غير مفاهيم الشعب، فمفاهيم الشعب هي التي تديم السيطرة أو تقصر أجلها. ويجب أن تسير الأمور نحو المشكلة، وهي إيجاد سرعة البديهة، وذلك عن طريق الشعب، لا عن طريق السيطرة، أي عن طريق تغيير المفاهيم نحو أشياء الحياة، لا عن طريق تغيير السيطرة.
علاج المشكلة:
البطء آت من سيطرة الغرب على البلاد، وسيطرة أفكاره على الناس. لذلك يتبادر للذهن أن معالجة الأساس هذا هو علاج المشكلة، لكن عند إمعان النظر يلاحظ أمران: أحدهما: أن هذا تبسيط للمشكلة، والثاني: أن هذا يعني الهروب من حل المشكلة.
فجعل العلاج ينصب على الأساس، يعني أن زواله يزيل البطء، وهذا وإن كان صحيحا على الإجمال، ولكنه يحتاج إلى معاناة، ووجود المعاناة أمر ضروري حتى لو زال الأساس، فالمعاناة هي التي تؤدي إلى زوال ما تركه الأساس، فالمعاناة هي العلاج.
أما كيف تنصب هذه المعاناة:
أولاً: لا بد من عرض أشياء كثيرة على الشعب وعلى الأفراد، ليفكروا بها، ومن خلال تفكيرهم يمكن أن يلاحظ البطء في التفكير، فهذه الملاحظة أو الإحساس بالبطء تكون نقطة الابتداء بالعلاج، فهذا البطء في التفكير هو الظاهرة البارزة عليهم جميعاً، نأخذ الظاهرة العامة عليهم جميعاً، ونقبض عليها، ونمسك بتلابيبها فنهاجمها بشكل عنيف، فإذا كرهوا البطء في التفكير، أي كرهوا التحليل البطيء، ظهر عليهم ميل إلى السرعة.
ثانياً: لا بد من متابعة هذا العرض، والإمعان في المتابعة، حتى يظهر على الناس أو على الأفراد ملل من هذه المتابعة، فلا يصح أن يبقى متابعاً حتى يمل جميع الناس دون أن يحس أو يشعر بذلك، ولا يقطع المتابعة بمجرد أن صرح بذلك أفراد من الأذكياء، بل يجب أن يتابع حتى يحس أن المتابعة لم تعد تجدي.
ثالثاً: أن ينوع هذه المتابعة، على أن تكون مما فيه تفكير، لا أشياء آلية، كالمغامرة والكرسي.
رابعاً: أن يكون في حالة وعي عند طرح الأشياء عليها، يكون تدبره هذا، أي وعيه وسيلة لصحة الأحكام التي يصدرها.
أما من الذي يعالج؟ فإن كل فرد من الناس يمكنه ذلك، مع الناس أو مع نفسه.