Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق المحكمة العليا في تتارستان تطلق أول أحكامها في قضية مسلمي تشيستوبل (مترجم)


الخبر:

نشر موقع إنترفاكس في 2014/12/30م خبراً مفاده أن “المحكمة العليا في تتارستان قررت بأن ديمتري كودرياتسيف من سكان مدينة تشيستوبل مذنب في قضية المشاركة في منظمة إرهابية وتحضير عبوات ناسفة…”. كما وذكرت الأخبار قبل ذلك عن “اثنين من المسلمين المتهمين في المشاركة فيما بات يعرف بـ “جماعة تشيستوبل” وهما دانييل مخليصوف حيث اعتبرته المحكمة مذنباً في المشاركة في أعمال إرهابية وحكمت عليه بالحبس لخمس سنوات مع الأشغال الشاقة. وفي 26/12 حُكم على راييس شايدولين بالحبس لأحد عشر عاماً مع الأشغال الشاقة بتهمة المشاركة في أعمال إرهابية”.

 

التعليق:

إن هذه الأحكام جاءت بعد التعذيب، والامتهان والفبركة التي استمرت لأكثر من عام. فبعد اعتقال مسلمي مدينة تشيستوبل في نوفمبر 2013م، قالت الأجهزة الأمنية بأنه لن يوقفها شيء. وبعد أن وقع المسلمون في أيدي الأجهزة القذرة أدخلوا إلى المشافي بكسور خطيرة وبعضهم صار معاقاً. فكل معتقل كان ينتظره التعذيب، والامتهان، والضغط المادي والمعنوي، ولا مجال لإيقاف هذه الخروقات القانونية، فلا شكاوى المحامين ولا المدافعين عن حقوق الإنسان ولا الأعمال الجماهيرية الهادفة للوقوف إلى جانب المعتقلين، أجدت نفعاً. بل إن الحكومة ووسائل الإعلام إما أنهم كانوا يتجاهلون الحقائق حول المخالفات القانونية، أو أنهم كانوا ينكرون وقوعها، مدافعين بذلك عن المجرمين الذي يتخفون خلف عباءة القانون. وكل من حاول الدفاع عن المسلمين أو حاول بيان الحقائق حول التعذيب الذي تمارسه الأجهزة الأمنية، كان له حظ من التهديد بل وحتى من الدعاوى القضائية، كما حصل مع الكاتبة التترية المشهورة فوزية بايراموف والمغرد إلمير إيمايف.

وبغض النظر عن الأمور غير المعقولة والمحيرة حول حرق الكنيسة وإطلاق الصواريخ على مصنع تكرير البترول، وأنها من البداية جعلت الكثير من الأسئلة تطفو على السطح، فإن وسائل الإعلام بالتعاون مع الأجهزة الأمنية أصروا على النفخ في قربة محاولة لزعزعة الوضع في تتارستان، والذي يحاول القيام به أنصار “الإسلام المتطرف”. بعد ذلك بدأ الكلام في تتارستان حول بروز وضع يشابه ما وجد في القفقاس، حتى ظهر في الإنترنت “أمير مجاهدي تتارستان” الذي لا يعرفه أحد.

ثم بعد ذلك، ظهر في الإعلام تسجيل فيديو لمن بات يعرف بـ “أمير مجاهدي تتارستان” المحير، مما جعل الأمر يصبح واضحاً بأن التهديدات الإرهابية والفبركة حول الدعاوى القضائية لا تمت للواقع بصلة. ثم إن هذا الشخص هدد سكان البلد بعدم الاستقرار ولم يهدد الأجهزة الأمنية، على خلاف ما يقوم به المتطرفون، فهو هدد بإطلاق صواريخ ذاتية الصنع على مصنع تكرير البترول. وهو تهديد للمسلمين بأن عليهم الهجرة من أراضي جمهورية تتارستان. إن هذا التسجيل موضع شك من أوله وحتى آخر ما ورد فيه. أما تهديده الوقح للمسلمين بترك أراضيهم فإنه يدل على أن هذه هي رغبة أعداء المسلمين، وليست رغبة المسلمين. يبدو أن هذا التسجيل قد فضح من وراء هذه المسرحية المسماة “جماعة تشيستوبل” مما حدى بهم إلى حذفه بسرعة، ليبقى مجرد خيالات حول إرهابيي تتارستان.

لماذا تم إخراج هذه المسرحية؟ ربما من أجل البدء في حملة اضطهاد للمسلمين في تتارستان على خلفية الأحداث الجارية في الشرق الأوسط وتعزيز سياسة الحرب ضد الإسلام التي تنتهجها موسكو في المنطقة. إحراق الكنائس والتظاهر بأن صواريخ أطلقت على مصنع تكرير البترول، لم يؤثر على نفسية المسلمين لحسن الحظ، ولكنها كانت مبررات من أجل رفع دعاوى قضائية وتشكيل الرأي العام حين البدء في تطبيق خطتهم المضحكة.

وبعد التعذيب والتخويف الذي طال مئات المسلمين، تم رفع دعاوى قضائية ضد 24 منهم، ممن لم يتحملوا التعذيب الوحشي، فاعترفوا بما طلب منهم المجرمون المختبئون خلف عباءة القانون الاعتراف به. فشهد مسلمو تشيستوبل على أنفسهم شهادة زور بأنهم هم من أحرق الكنيسة، وأنهم أعضاء في “الجماعة” المجهولة. والأهداف من وراء هذه الأعمال كما ذكرها النائب العام في الجمهورية حيث قال: “كانت أعمال مادية في الصراع (الجهاد) وذلك عن طريق القيام بأعمال إرهابية على أراضي تتارستان، لإقامة حكم إسلامي متطرف، وإقامة دولة إسلامية في روسيا الاتحادية”.

إن موقف الحكومة يدل على أنهم ماضون في سياستهم ضد الإسلام إلى أبعد مدى. كما وأن الشرطة والمخابرات جاهزون “للعثور” على الإرهابيين حتى حيثما لم يوجدوا أبداً، والمحققون جاهزون لفبركة القضايا وتلفيق أي تهمة عند اللزوم، ولديهم من يطيعون الأمر بتعذيب المعتقلين. والمحكمة جاهزة بالمساهمة في هذه الجرائم والحكم على المسلمين الأبرياء بالسجن. أما وسائل الإعلام فهي تقدم خدماتها وتبدي استعدادها في المشاركة بوضع الرأي العام في عكس صورة ما يجري. إن هذه الأعمال كانت تمارس فيما مضى في جمهوريات شمال القفقاس، والآن امتدت إلى باقي المناطق. ولكن يبقى السؤال: بماذا ستأتي هذه السياسة الروسية المجنونة ضد الإسلام؟ روسيا لا تدرك أن نتائجها ستكون التأكيد على النظرة إليها على أنها عدوة للأمة الإسلامية جمعاء وليس فقط لعشرين مليون مسلم يعيشون فيها. والله سبحانه يقرر تلك الحقيقة بقوله: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سليمان إبراهيموف