خبر وتعليق تركيا وتشارلي
الخبر:
نشرت صحيفة الجمهورية التركية بعض صور الإساءة التي نشرتها المجلة الفرنسية، وقد شارك رئيس الوزراء التركي بالمظاهرة الفرنسية.
التعليق:
قبل أن أبدأ كلامي وتعليقي أخاطب كل من لبس نظارة سوداء، وأغلق أذنيه عن سماع الحق، والدفاع عن أشخاص، بل وتنْزيههم، وإعطائهم صفة القداسة من خلال قيامه بمسرحيات هزلية، ومواقف وصرخات تمثيلية، أبدأ كلامي بقوله تعالى: ﴿ولا تكن للخائنين خصيما﴾ قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: “أي لا تخاصم عمن عرفت خيانته، من مدّعٍ ما ليس له، أو منكرٍ حقا عليه، سواء علم ذلك أو ظنه. ففي هذا دليل على تحريم الخصومة في باطل، والنيابة عن المبطل في الخصومات الدينية والحقوق الدنيوية”. (تفسير السعدي)
أليس من الإجرام أن تشارك تركيا أردوغان في مسيرة فرنسا التي أساءت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفعت الصور المسيئة أثناء المسيرة، ولبس بعض الفرنسيين لباس الحروب الصليبية، وتعهدت المجلة بإعادة الرسوم بنسخ مليونية، وبأكثر من لغة، ثم تشارك تركيا؟!
كان بإمكانك يا أردوغان الانسحاب على عادتك ضمن مسرحية أخرى، ولكن الله يأبى في حق رسوله إلا أن يبين مكر المتسلقين على جدار هذا الدين، ولعل بعض المدافعين يقول: إن أردوغان لم يشارك، وإنما شارك رئيس الوزراء، فهل هذا يعني أن تركيا لم تشارك، ولم نسمع معارضة من مشاركة رئيس الوزراء، بل اكتفى أردوغان بإنكاره أن يشارك المجرم نتنياهو في المسيرة، وكأن مشاركة نتنياهو هي المعضلة؟
ثم كيف يسمح لصحيفة تركية أن تعيد نشر بعض الرسوم في ظل سيطرة أردوغان على الرئاسة والحكومة والبرلمان والجيش وبعض القضاء، بل وتحمي المدرعات التركية الصحيفة من أي اعتداء من قبل الأتراك؟ فتركيا لم تشارك فقط، بل نشرت بعض صحفها الإساءة وقامت الدولة بحماية المجرمين.
ثم يحاول بعضهم أن يدافع عن تركيا بأن أردوغان ألبس رجال الحرس الخاص بالرئاسة لباس العثمانيين أثناء زيارة عباس لتركيا، ونسي أردوغان أن مواقف أجداده ليست رداءً أو صوراً، وإنما ما ذكره التاريخ حين حاولت فرنسا عرض مسرحية فيها إساءة للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث استدعى السلطان عبد الحميد قنصل فرنسا بعد أن جهز الجيش، وألبس حاشيته لباس الحرب، ولبس هو الزي العسكري، فلما وصل القنصل ورأى لباس الحرب قال للخليفة: وصلت الرسالة، ومنعت المسرحية. هكذا يكون الرد يا أردوغان وهكذا يكون الاقتداء بالأجداد.
ثم يعترف وزير خارجية تركيا قائلا: إن حماس كانت تريد الاعتراف (بإسرائيل) بعد الموافقة على حل الدولتين من قبل يهود. وهذا اعتراف من وزير الخارجية التركي أن دور تركيا هو التنازل عن أرض المسلمين، وإعطاء قسم منها ليهود سيرًا من أردوغان في المخطط الأمريكي من حل الدولتين مع تذكيرنا لكل المدافعين بموقف السلطان عبد الحميد من إعطاء فلسطين ليهود، وليسمع كل من لديه عقل وبصيرة ماذا قال السلطان عبد الحميد لهرتزل حين راوده عن فلسطين. قال: “إن فلسطين ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، وإذا مزقت دولة الخلافة يومًا، فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن. أما وأنا حي، فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة العثمانية”. هكذا يكون السير على منهاج الأجداد يا أردوغان من مواقف منبثقة من العقيدة الإسلامية، وليس سيرًا ضمن مخططات أمريكية غربية ضد الأمة وعقيدتها.
وأذكر إخواني المؤمنين أن أرودغان عندما دخل مصر بعد الثورة استقبل استقبال الأبطال، لكنه عندما تحدث عن علمانية مصر انفضت من حوله الحشود، وقال في حقه الأستاذ محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين – فك الله أسره ومن معه، وجميع المسلمين من نظام الإجرام المصري – بعد اللقاء به في أحداث الثورة: إنه – أي أردوغان – مشروع صهيوني أمريكي وانفض عنه.
وختامًا أقول لكل المدافعين عن أردوغان ما قاله الله تعالى: ﴿هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّـهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان (أبو البراء) – الأردن