خيرُ أمة أُخرجت للناس أولى بالدفاع عن قيمها ومقدساتها
منذ سنتين تقريبا قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في إطار أجوبة عن أسئلة من طلاب أوروبا على قناة “أورونيوز”: إن الديمقراطية أمر مقدس.
والآن عند ردة فعل المسلمين على رسومهم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم قال الغرب لا توجد مقدسات حتى في الأديان. ولكنه شدد على صيانة قيمه وخاصة منها حرية التعبير واعتبرها مهددة من طرف المسلمين، وهو في واقع الأمر يعتبرها من المقدسات وإن لم ينطق بذلك.
ومنذ أن استفاقت الأمة وأخذت تعود إلى دينها ورشدها، حشد الغرب جنده وأتباعه للدفاع عن قيمه والرفع من شأنها والحط من قيم الإسلام، وشنّ حربا على مَن يريد إعلاءها. وكما هو معلوم لا توجد قيم عند الغرب كما يزعم إلا القيمة المادية، وكل هذه المنظمات من إنسانية وغيرها هدفها مادي؛ فهي للتجسس وبث الأفكار الغربية واختيار مَن يصلح مِن المسلمين لخدمتهم. وأعمال الدول الغربية وقتلها واستعمارها لبقية الشعوب وخاصة الإسلامية خير دليل. هل نسي المسلمون الاستعمار البرتغالي والإسباني والهولندي ومن بعده البريطاني والفرنسي والآن الأمريكي، فهذا من طبع المبدأ الرأسمالي وإن وقع تغيير في أسلوب الاستعمار.
يقول الله تعالى في محكم تنزيله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾، وشر البرية في التفاسير شر الخليقة. وبالتالي لا غرابة فيما نلاقيه من الغرب، ولكن الغريب أن يكون حكامنا وجيوشنا والعلمانيون من أبنائنا عَونا للغرب علينا.
وردة الفعل التي تليق بالأمة يجب أن تتجاوز المظاهرات وحرق أعلام الدول الغربية إلى الاقتداء بمَن تظاهرنا من أجل الإساءة إليه. الاقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم واتباع طريقته في إيجاد دولة الإسلام التي تطبق أحكامه وتحافظ على قيمه وعلى عقيدته وتؤدب كل مَن تجرأ على الإساءة للإسلام أو نبي الإسلام مسلما كان أم كافرا. وهنا يحضرني منع فرنسا عرض مسرحية مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم عندما علمت أن السلطان العثماني عبد الحميد غضب وأعد جيشه تحسبا لمضي فرنسا في عرض تلك المسرحية. فرنسا المجرمة التي تدعو الآن مع بقية الدول الأوروبية إلى مكافحة الإرهاب ووصم المسلمين بذلك هي صاحبة السجل الإرهابي في إفريقيا وخاصة في الجزائر حتى إنها أصدرت طابعا بريديا سنة 1922 عليه صورة رأس مقطوعة لنفس مسلمة جزائرية.
ولهذا ندعوكم أيها المسلمون أن تشمروا عن ساعد الجد للعمل مع العاملين لاسترجاع دولتنا المفقودة ـ خلافتنا الراشدة التي بشرنا بها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم. كما ندعو عائلات الضباط في الجيوش أن يذكروا ذويهم في الجيوش بالإسلام وبرسالة الإسلام وبالموت وبالحساب وبالجنة وبالنار لعلهم يوقظون فيهم ما يدعوهم للوقوف إلى جانب أمتهم بدل أولئك الحكام الذين هم المستعمر المباشر والمانع المباشر لمشروع الأمة.
في بداية هذه الثورات أراد الغرب أن يطيل من عمر العلمانية في بلادنا حيث إنه ابتدع فكرة التجربة الديمقراطية كي يوهم الناس بأن طريق الديمقراطية طويل مع أنه مستحيل إذ هو يتناقض مع عقيدة الأمة، ويريد الغرب كذلك التمديد من صلاحية مصطلح الإرهاب الذي ابتدعه بأن افتعل وشجع حوادث القتل والتفجير واستغل أخرى في بلاد المسلمين وفي غيرها ومن ثم رفع شعار مكافحة الإرهاب. وها هو الغرب يعلن الآن صراحة بأن على المسلمين تعديل الإسلام ليتماشى مع العلمانية كما عُدلت اليهودية والنصرانية. ومن قبل بدأوا جس النبض في هذا الموضوع عن طريق السيسي.
آن الأوان أن ننفض أيدينا من الحكام ووسطهم السياسي العفن ومن العلمانيين ومن الحركات الإسلامية التي تعلمنت، وأن نلتفّ حول أبناء الأمة الواعين المخلصين الذين يحملون مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة والذين لا يرتبطون لا بالحكام ولا بالغرب وأتباعه ولا يرجون العون إلا من الله ومن الأمة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد بوعزيزي