Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق الشريعة لم تطبّق على وجهها في أتشيه يا دياني (مترجم)


الخبر:

نشر موقعا (Hidayatullah.com) و(Citizen Daily) تصريحا مثيرا للجدل لريحان دياني – ناشطة ورئيسة منظمة آتشيه الديمقراطية للمرأة (ORPAD) سابقا – أدلت به في مناقشة تمت في جاكرتا في السادس عشر من كانون الثاني. وقد اتهمت دياني أحكام الشريعة المطبقة قسرا في آتشيه بالمساهمة في كثير من الأحيان بالتمييز ضد المرأة هناك.

وكان هذا الاتهام قد صُرح به في منتدى للنقاش في مقهى باكويل في سيكيني جاكرتا في جلسة بعنوان “الشريعة وازدهار المرأة في آتشيه”. وشددت دياني أيضا على أن “الشريعة في آتشيه لم توفر أي ازدهار للناس فيها، وقع كثير من الناس في فخاخ التنظيمات باسم الشريعة”. وقد سجلت وكالة القوى العاملة الوطنية في كانون أول 2014 معدلات عالية للفقر في آتشيه بما يقارب 17% وهذا فوق متوسط المعدل الوطني البالغ 11%. وفي آب 2014 بلغ عدد العاطلين عن العمل 191 ألف شخص بزيادة قدرها حوالي 44 ألفا مقارنة مع إحصائية أجريت في شباط 2014.


التعليق:

قد لا تفهم ريحان دياني أو تتظاهر بأنها لا تفهم أن تطبيق الشريعة في آتشيه ليس تطبيقا مثاليا صحيحا. فليس هذا التطبيق الشكلي إلا حلٌّ وسط سياسي برغماتي بين حركة (النظام العلماني إندونيسيا) وحركة (آتشيه المستقلة) (GAM) اللتين تمثلان كيانين سياسيين محليين، وقد اتفقت هاتان الحركتان على تقزيم الشريعة الإسلامية وتجزئتها محليا في آتشيه. ومن ناحية أخرى، يبدو أن ريحان دياني لا تملك فهما واضحا للشريعة الإسلامية، فقد جعلت من حقوق الإنسان والحريات أمورا مقدمة على القوانين الإسلامية، تماما كما العلمانيون الذين يسخرون من الإسلام لاستدرار عطف الغرب وشفقته.

على دياني ومعها جميع الناشطات النسويات اللاتي يقدسن الحريات وحقوق الإنسان أن يعرفن أن أصل هذه المشاكل والتعقيدات والمعضلات الكثيرة التي نتجت عن تطبيق الشريعة في آتشيه جاءت نتيجة التبعية التي فُرضت على أحكام الشريعة للقوانين العلمانية وأفكارها كالديمقراطية وحقوق الإنسان. لذلك، حُجِّمت الشريعة الإسلامية وجُعل منها أمر محلي جزئي وأُخضعت أحكام الإسلام لقوانين بشرية وضعية بما فيها من نظام اقتصادي رأسمالي ساهم ولا يزال في إشعال جذوة الفقر وعدم العدالة الاقتصادية بين صفوف آلاف النساء في آتشيه.

لقد طُبقت الشريعة في آتشيه مع ضوابط وُضعت عمدا لمنع أحكامها من التدخل في حرية التملك والاستثمار الأجنبي. كما تُرك تطبيق الشريعة عمدا لنظام غير كفؤ ناقص عاجز لطالما كان ولا يزال ذيلا لوسائل الإعلام الأجنبية. إضافة لذلك كله طُبقت الشريعة دون تثقيف واع على أحكامها ولا تنشئة اجتماعية على أفكارها في المجتمع؛ ما جعل الناس عاجزين عن تقويم حاكمهم ومحاسبته إذا أساء تطبيق الإسلام بالشكل الصحيح. وقد قُزمت أحكام الشريعة واختزلت في تطبيق أحكام العقوبات فحسب مع قصور واضح في الرؤية السياسية في هذا الباب؛ ما تسبب في جعل الظلم السائد في المجتمع مضاعفا. وما يثير السخرية فعلا أن هذا الفشل في التطبيق الجزئي المشوه لأحكام الشريعة في آتشيه أصبح هدفا سهلا لنقد أعداء الإسلام. فامتلك أولئك من هذه التجرية ذخيرة لا نهاية لها ليوجهوا عبرها أصابع الاتهام للإسلام على أنه غير قادر على حل المشاكل المختلفة.

إنه لمن الواضح أن تقييم النظام الإسلامي لا يمكن أن يكون موضوعيا إلا إذا طُبق كاملا شاملا، فالتطبيق الجزئي لأحكام الشريعة لا يحل المشاكل بشكل كلي رادع. وتاريخ آتشيه وحده ينطق بذلك. فقد طُبق الإسلام كاملا في آتشيه وجميع أنحاء الأرخبيل قبل ما يقارب العشرة قرون في ظل الخلافة الإسلامية – ولم تكن البلاد آنذاك تابعة للقوى الأجنبية الغربية والقوانين الوضعية كما هي الحال اليوم. وقد شهدت نساء آتشيه ولقرون عديدة تكريم الشريعة الإسلامية لهن وإشراكهن في الحياة العامة في ظل حفظ أعراضهن وكرامتهن. ولذلك برزت أسماء عظيمة لنساء مسلمات آتشيات مثل لاكسامانا هاياتي وتنياك ديين، وليستا إلا مثالين من أمثلة ونماذج كثيرة لشخصيات نسائية مسلمة كان لها دور عظيم في المجتمع، بعيدة كل البعد عن تلك الصورة المشوهة التي تسردها وسائل الإعلام الغربية في كثير من الأحيان. فبالكاد كنا نسمع عن استغلال المرأة أو إجبارها على العمل في ظل الحكم الإسلامي. وفي ذلك تباين واضح وتناقض صارخ مع حال ملايين النساء اللاتي يتعرضن اليوم لحرمان من حقوقهن الاقتصادية بسبب الفقر الذي تسبب به النظام الاقتصادي الرأسمالي للناس عامة بمن فيهم نساء آتشيه.

إن الرؤية السياسية للإسلام تتمثل بإيجاد حاكم واحد للمسلمين في جميع أنحاء العالم في ظل دولة خلافة إسلامية، يكون على رأسها خليفة مسلم مخلص للأمة يتحمل أعباء الأمة ومشاكلها الاقتصادية ويضعها على عاتقه ويجعل حلها من مسؤوليته. وحده نظام الخلافة الإسلامية الذي سيوفر الحاجات الأساسية لرعاياه وهو وحده الذي أثبت قدرته على رفع مكانة المرأة وتخليصها من الفقر والعوز بل جعْلها تعيش في رفاهية اقتصادية دائمة، فلا معاناة ولا قهر بل تغيير حقيقي سامٍ في طريقة حياتهن. وهذه الرؤية السياسية لن تكون حقيقة إلا إن طبقت الشريعة تطبيقا انقلابيا شاملا كاملا، لا جزئيا تدريجيا انتقائيا كما في آتشيه وبروناي والمملكة العربية السعودية. وإضافة إلى ذلك كله، فلا بد أن يكون واضحا بأن تطبيق جزء من الشريعة وترك الجزء الآخر يُعد إثما عظيما.

يقول الله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَٰبِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍۢ ۚ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْىٌۭ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰٓ أَشَدِّ ٱلْعَذَابِ ۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 85]

 



كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير