خبر وتعليق وفاة الملك عبد الله وتولية سلمان ملكاً جديداً للدولة السعودية
الخبر:
وفاة الملك عبد الله وتولية سلمان ملكا جديدا للدولة السعودية.
التعليق:
أولا: من ناحية فقهية، فلا بد من التذكير أن نظام حكم آل سعود باطل شرعا من أساسه، فنظام الحكم في الإسلام ليس نظاما ملكيا ينتقل وراثيا بين أفراد الأسرة الحاكمة من دون دخل من الأمة فى الاختيار أو التغيير، بل إن القاعدة في الإسلام هي أن السلطان للأمة، أي أن للأمة الحق فى اختيار من تشاء ليحكمها ويطبق حكم الله عليها، وعلى الأمة واجب محاسبة هؤلاء الحكام إن حادوا عن طريق الصواب، وهذا لا يتحقق في النظام الملكي السعودي لكون الملك يتمتع بسلطات وامتيازات تجعله فوق الدولة وفوق القانون، ويتمتع بامتيازات دون غيره من أفراد الأمة، ويُوجِد القوانين التي تحمي ذاته الملكية من المساس، ولأن السلطة تنتقل إليه بصفة تلقائية بعد وفاة من قبله؛ فهو معين في منصبه مسبقا من غير أن يكون للأمة رأي في ذلك، وإنما نظام الحكم فى الإسلام هو نظام الخلافة، وهي رئاسة عامة للمسلمين جميعا في كل الدنيا، وليست رئاسة لفئة معينة من الناس يحملون جنسيتها، هذا فضلاً عن انعدام ولاية العهد في نظام الحكم الإسلامي، بل هو يستنكر ولاية العهد، ويستنكر أن يؤخذ الحكم عن طريق الوراثة، ويحصر طريقة أخذه بالبيعة من الأُمة للخليفة أو الإمام بالرضا والاختيار. فهي عقد مراضاة واختيار، ولا يجوز أخذ البيعة من الناس شكليا بالإجبار والإكراه لملك محدد مسبقا قبل وفاة من قبله، لأن الإجبار يبطل كونها عقد مراضاة واختيار كأي عقد من العقود، كما أن البيعة لا تكون إلا لخليفة المسلمين (جميعا) ولا تكون لولي عهد أو ولي ولي عهد، وهذا هو نهج الرسول الكريم وخلفائه الراشدين من بعده، فهو الشرع وما عداه هو البدعة التي ابتدعها آل سعود وشيوخهم وألزموا الناس بها.. فنظام الحكم الأسَري الملكي الذي ورثه سلمان عن أسلافه هو نظام باطل شرعا، وولايته باطلة كبطلان ولايات من سبقه من آل سعود.. وعلى المشايخ والعلماء الذين يدّعون محاربة البدع في بلاد الحرمين، ويقيمون الدنيا لمسائل فقهية خلافية أن يتقوا الله ويثوبوا إليه فيبينوا للناس بطلان حكم هذه الأسرة وبطلان ولايتهم، وأن يبينوا لهم نظام الحكم الإسلامي الحقيقي وأن يعملوا معهم لإقامته..
ثانيا: أما من ناحية سياسية: فنظام آل سعود نظام تابع لدول الكفر كغيره من أنظمة الحكم، يسيرونه كيفما يشاؤون وهو يسير معهم بحسب ولاء رأس الحكم فيه، فيسير مع أمريكا تارة ومع بريطانيا تارة أخرى، ولا يسير مع المسلمين مطلقا، وإنهم وإن كانوا بالمجمل متفقين على سياسات عامة لا حيد عنها، كمشاركة الكفار في مؤامراتهم الدولية من مثل التحالف ومؤامراتهم الحضارية وحوار الأديان ومحاولات علمنة واقتحام البيت السعودي المحافظ بتغيير الأحكام المتعلقة بالنظام الاجتماعي، فهذه خطوط شبه ثابتة في السياسة السعودية كغيرها من أنظمة الحكم في بلاد المسلمين، لأن أسيادهم الأمريكان والإنجليز والأوروبيين، من خلفهم متفقون عليها، إلا أنه عند الدخول في التفصيلات السياسية الدقيقة سواء على مستوى السياسة الداخلية أو السياسة الخارجية أو حتى على مستوى العلاقة بين آل سعود أنفسهم فلا بد أن هناك تحولات عديدة قادمة ظهرت إرهاصاتها جليا بالقرارات الحاسمة التي اتخذها سلمان فور استلامه للسلطة والتغييرات العديدة التي قام بها منذ الساعات الأولى لتوليه وقبل أن ينتظر دفن أخيه!..
– فهل سيبدأ الصراع الداخلي في عائلة آل سعود الحاكمة بعد تعيين محمد بن نايف ولي ولي العهد وإبعاد منافسه القوي متعب بن عبد الله، وبذلك يكون محمد بن نايف ملك المستقبل ومن الجيل الثاني، وكذلك تعيين محمد بن سلمان وزير للدفاع ورئيسا للديوان الملكي؟
– وهل سيندثر النفوذ البريطاني الذي أنعشه عبد الله في عهده؟
– وهل التعجيل بإزاحة رجل الإنجليز التويجري الحاكم الفعلي في السنوات السابقة وبالتالي مستشاريه البريطانيين ضمنيا، هو تمهيد لترسيخ القدم الأمريكية برجالاتها الموجودين حاليا في جل المناصب؟
– وهل سيغير سلمان سياسة الدولة تجاه النفط التي شغلت العالم كله في الأشهر الأخيرة بسبب الموقف السعودي (المثير للجدل) والذي آذى أمريكا وروسيا وإيران؟
– وماذا سيكون موقفها من إيران الذي محورت على أساسه العديد من مواقفها الخارجية والداخلية في الفترة السابقة؟ فهل سيستمر تخويف الناس في السعودية بالخطر الإيراني؟ وهل ستتغير سياسة السعودية تجاه اليمن والشام والعراق وفقا لذلك؟
– وماذا عن دول الخليج واليمن والتي ما زالت تتداخل فيها الأيادي البريطانية، فهل سيكون النفوذ الأمريكي الجديد في السعودية شوكة تؤجج الصراع الدولي فيما بينهم؟ أم أن التآمر على الإسلام والمسلمين سيجمع فرقتهم؟..
إنه لمن المؤسف أن ننتقل في أرض الرسالة السماوية الخالدة من نظام حكم غير إسلامي إلى نظام آخر غير إسلامي، وإنه لمن المحزن أن تكون بلادنا المباركة ساحة للصراع الدولي بين دول الكفر من جهة وساحة للصراع الأسري من جهة أخرى، وأن تضيع بين هذه وتلك أحكام الله وشريعته، وتضيع حقوق المسلمين المستضعفين في بلادنا وما حولها، وتنهب ثروات بلادنا وتجيّر إمكاناتنا ومواردنا لخدمة أعدائنا ولشهوات المتسلطين علينا، دون أن نرى تحركا حقيقيا من أبناء خير أمة لإيقاف كل ذلك العصيان..
نسأل الله أن يرينا وأهلنا في بلاد الحرمين الشريفين الحق حقا ويرزقنا اتباعه والعمل لإقامته، فنقيم شرع الله بحق، ونبايع إماما مسلما بحق، ونقطع يد المتآمرين والعابثين والمتصارعين، ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾..
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله القحطاني – بلاد الحرمين الشريفين