خبر وتعليق تحويل المساجد إلى متاحف كمحاولة لمنع انتشار الإسلام! (مترجم)
الخبر:
في 2015/01/31 قام موقع (قفقازكي اوزل) الإخباري بنشر ما يلي: “القيام بتحويل هيكل مسجد غير مكتمل البناء في مدينة (بياتي جورسك) من رمز ديني إلى رمز ثقافي جاء على إثر موافقة السلطة المحلية ودار الإفتاء. فتبديل الغاية من إنشائه جاءت لإنقاذه من الهدم بحسب قرار المحكمة”. وأضاف “في المبنى سيتم افتتاح متحف للثقافة الوطنية وسيتم نقل مقر المفتي إليه وسيكون فيه مصلى إلا أن صلاة الجمعة لن تقام فيه”.
التعليق:
إن الحجة الرسمية التي ساعدت المحكمة لاتخاذ هذا القرار هي عدم وجود وثائق رسمية صحيحة، وأيضا انزعاج السكان المحليين بسبب حدوث أزمات السير وزيادة أعداد المصلين في أيام الأعياد وصلوات الجماعة. إلا أن هذه الأسباب متهافتة ولا يصعب دحضها؛ فبناء المسجد استمر أكثر من عام بطبيعة الحال وهو متفق عليه من جميع الجهات وقد أطلق عليه صفة مسجد المدينة المركزي. فمن الصعب التخيل أن السلطات المحلية لم تفكر في الوضع العام بالنسبة لمواقف السيارات. على أي حال فإن هذا ليس السبب الحقيقي وراء إزالة هذا الصرح الثمين الذي شارف على الانتهاء.
من ظروف النزاع يتضح أن السبب الرئيسي هو عدم السماح لرمز إسلامي بالظهور (مسجد في مركز المدينة). لذلك قامت إدارة المدينة بإعطاء مكان للمسجد خارج مدينة بياتي جورسك، وتبديل صفته من مكان ديني (مسجد) إلى مكان ثقافي، هذا الحل الاضطراري اتخذته الإدارة لتجنب غضب المصلين الذين حاولوا لفترة طويلة منع إزالة المسجد. ولو نظرنا إلى الموضوع بتوسع سنجد أن بناء المساجد يواجه الكثير من المشاكل في معظم أنحاء روسيا الاتحادية حيث لا يعتبر المسلمون أكثرية. ففي صيف العام المنصرم اتخذت المحكمة في ستافروبول قراراً بنقل مسجدين جديدين إلى ضواحي بيلو رتشينسكي وإندوستريا. وحوادث مشابهة حصلت بشكل مستمر في جميع روسيا وهي لا تخفى على أحد.
الإطار العام في هذا الأمر هو أن الحصول على رخصة للبناء قد يتطلب سنوات أو حتى عشرات السنوات، وبعد الموافقة عليها يتم وضع عقبات لا تنتهي أمامها، وعند الانتهاء من البناء يقوم المسؤولون بكل قواهم بتعطيل افتتاح المبنى باختلاق أسباب قانونية. والحقيقة هي أن السبب يكمن في أمر واحد وهو زيادة أعداد المسلمين وزيادة أعداد الملتزمين بدينهم وسعيهم لتطبيق شرعهم والالتزام بقوانين شرعهم والتي تحتم عليهم السعي لبناء مساجد جديدة ومن ضمنها الأماكن التي لا يوجد فيها مساجد، ومن جهة أخرى فإن هذا يزعج السلطات التي تسعى بكل قواها إلى تحجيم تأثير الإسلام على السكان غير المسلمين، من هنا تحدث النزاعات حول إنشاء صروح دينية في المناطق التي يكون فيها المسلمون أقلية، ومثال تقليدي على ذلك موسكو التي بها ملايين عدة من المسلمين ولا يوجد فيها سوى 6 مساجد، وبناء مساجد جديدة يواجه عراقيل لا يمكن التغلب عليها، وفي الوقت نفسه هنالك برنامج لإيجاد 200 كنيسة جديدة في المدينة. المحاكم التي لا تنتهي، والعقبات الإدارية، وإغلاق ونقل المساجد؛ ما هي إلا أمور اعتاد المسلمون الملتزمون في الجمهوريات غير الإسلامية التعايش معها.
وما يتعلق بـ(الجمهوريات الإسلامية) فإن هكذا مشاكل وإن حصلت فهي أقل بكثير، بل على العكس فإن السلطات بكل قواها توضح بأن الإسلام هو الديانة الوحيدة المنتشرة. ففي داغستان أعلنوا عن بناء أكبر مسجد في روسيا مع بناء جامعة إسلامية ومدرسة إسلامية وغيرها من الأمور، مع العلم بأن في المدينة الكثير من المساجد، والأمر نفسه في تتارستان وبشكيريا وجمهوريات شمال القوقاز.
وهكذا يتضح أن فضيحة بياتي جورسك تعكس ميولاً عامةً في روسيا. السلطات تحاول بكل قواها جعل الإسلام في حدود تلك الدول التي يوجد فيها أغلبية مسلمة، وتحجيم تأثير الإسلام على غير المسلمين. وهذا يحدث بسبب خوف السلطات من فقدان السيطرة على المجتمع؛ وذلك لأن الإسلام هو عقيدة ينبثق عنها نظام يعالج المشاكل الإنسانية سواء أكانت اقتصادية، أم دينية أم اجتماعية، أم ثقافية أم غيرها. إن روسيا اليوم عالقة بين الرأسمالية العفنة والوطنية المدمرة. في هذا الوضع كان الأحرى بهم ترك الناس يختارون طريقة عيشهم، ومن أجل هذا يجب على السلطات أن توقف محاربة انتشار الإسلام وأن تكف عن تغطية الحقيقة، وأيضا عليها أن تكف عن إعاقة بناء المساجد. فكل شعب روسيا يملك الحق بأن يعرف عن الإسلام ودراسته كبديل عن الرأسمالية وأيضا عن حق 20 مليون مسلم روسي بالالتزام بدينهم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سليمان إبراهيموف