الحوثيون يعلنون عن إعلان دستوري يجسد العجز والفشل
بعد أن ظن الحوثيون أن مرمى الرئاسة أمامهم للتسديد إذا بهم يدركون أن ذاك المرمى مجرد سراب، وأن تسديدتهم لن تصل إليه فقرروا إعادة الكرة للخلف بعد أن استوحشوا صعوبة الطريق إلى المرمى منفردين، وربما أدركوا مدى اختراق علي صالح لفريقهم الذي سيكون هو من يجني ثمار الفوز بهدف رئاسي من تحت الستار، وحينها لن يجدي أن تكون صرخات “الموت لأمريكا” التي كانت قد بدأت في قاعة الإعلان على استحياء ثم أُسكتت، والمتأمل يرى الملعب بلا جمهور، فأين العقلاء؟!!
كان الإعلان الدستوري الذي أعلن عنه اليوم من قبل الحوثيين مجرد إعلان للفشل وعلى الملأ! فيا للغباء السياسي ويا للغرور كيف يودي بصاحبه!! وقد بدا الصراع الدولي هو سيد الموقف مهما صرح المجتمعون برفضهم للتدخلات الخارجية، مع أن ما يقوم به جمال بن عمر هو عين تلك التدخلات، فليخجل هؤلاء إن كان لديهم حياء.
لقد تناقلت مصادر إعلامية تهديدات السفيرة البريطانية للحوثيين حال قيامهم بتشكيل مجلس عسكري، وهددت بالحصار والمقاطعة للعلاقات والدعم، وأكد ذلك علي العماد أحد قادة الحوثيين في المجلس السياسي. أما الخارجية الأمريكية فلم تصف ما قام به الحوثيون بالانقلاب، وصرحت الأمم المتحدة التي تسيرها أمريكا بأنها لن توقف الدعم، في إشارة لقبولها بتلك التصرفات الحوثية.
تبخر المجلس العسكري الذي كان متوقعا إعلانه، وغدا الحوثيون يتخبطون في وضع محرج، ثم بدلا من ذلك إذا بهم يستدركون أمرهم بإعلان دستوري غدا مجرد مقترحات بلا برنامج ومشروع؛ فعادوا لشرعنة الدستور القديم وطالبوا بتشكيل مجلس وطني تهربا من مجلس النواب. والمتمعن في ذلك يرى أنهم غيروا اسم مجلس النواب فقط بما سموه مجلسا وطنيا ولكن بإضافة عدد من أنصارهم إليه وإقصاء من يريدون ليظهروا أمام الشعب أنهم هم الأوصياء، وإن كانت وصايتهم شكلية فقط، فمن يتحكم بالأمور هو من يخترقهم ولم يستطيعوا منه فكاكا، وهو اللاعب علي صالح عميل الإنجليز ولاعبها المخضرم.
لم يحدد الحوثيون الفترة الزمنية لتشكيل المجلس الوطني الذي قرروا تشكيله، وهذا يجعل الوضع هو الوضع والصراع هو الصراع والفراغ هو الفراغ والسباق على ملئه محتدماً، وقد أيقنوا أنهم لن يستطيعوا أن يملؤوه بمفردهم بل أيقنوا أن تهديدات بريطانيا وعملائها من دول الخليج جادة ولا يمكن تجاوزها مهما كانت قوتهم التي نفخ فيها علي صالح؛ فهي سرعان ما ستنتهي في حال تفردهم ليقعوا في الفخ الذي يُهيأ لهم فيسقطوا في شراكه.
لم يفعل الحوثيون في هذا الإعلان الدستوري شيئا سوى إعلان الفشل والعجز عن إدارة البلاد، وهذه هي عاقبة الحركات كثيرة الحركة قليلة الوعي فاقدة الرؤية الواضحة والمشروع النهضوي؛ فكثرة حركتها شبيهة بحركة المذبوح سريعة وعنيفة لكنها تنتهي باليأس والاستسلام.
لن تخرج البلاد من وضعها الذي تكتوي فيه بمجرد تشكيل مجلس عسكري أو وطني أو حكومة أو رئيس إذ الأزمة هي أزمة وعي على مبدأ الإسلام ومشروعه العظيم بعقيدته الروحية السياسية ونظامه المتكامل لجميع مناحي الحياة.
يا أهل اليمن: إن التغيير الحقيقي الذي به تذوقون معنى الحياة وطيب عيشها لا يكون إلا باحتضانكم للحركة الواعية المخلصة ومشروعها النهضوي المستمد من عقيدة الإسلام الذي تدينون لله به، وها هو حزب التحرير يمد إليكم يده لا السلاح، ويخاطبكم خطاب الحريص المشفق لا خطاب المتكبر المغرور، بصيراً بحلال الله وحرامه ملتزماً بأحكامه مستمراً في طريقه ومراجعاً لما بان له من أخطائه، لا يدعي العصمة ولا تستهويه عن غايته اللقمة، ناصحاً محتسباً ما يلاقيه في نصحه للأمة.
الحمد لله على نعمة الإسلام، وإلى العيش في ظل دولته دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ندعوكم فهي نعمة وأكرم بها من نعمة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الاعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن