Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق دماء المسلمين أعظم حرمة من المراكز الأمنية

الخبر:

أشرف رئيس الحكومة الحبيب الصّيد بعد ظهر الاثنين بقصر الحكومة بالقصبة على انعقاد أول اجتماع لمجلس وزراء موسّع للحكومة الجديدة ضمّ الوزراء وكتاب الدولة. واستمع المجلس في البداية إلى عرض قدّمه وزيرا الدفاع الوطني والداخلية حول الأحداث الأليمة التي جدّت بمنطقة ذهيبة، والتي أسفرت عن وفاة شاب.

 

وعبّر المجلس عن أسفه لهذه الأحداث وتقدّم بتعازيه إلى عائلة الفقيد، كما قرر فتح بحث إداري للنظر في ملابسات هذه القضية إضافة إلى متابعة البحث العدلي الذي فـُتح منذ تاريخ الواقعة.

كما عبّر عن أسفه لعمليّات الحرق التي استهدفت مراكز أمنيّة ومنازل أمنيّين داعيا إلى احترام المقرّات الأمنيّة باعتبارها مراكز سيادة، كما أوصى بتشكيل وفد وزاري للقيام بزيارة ميدانية للوقوف على الحاجيات والمطالب التنموية للجهة.


التعليق:

الاحتجاجات التي جدّت في منطقة الذهيبة الحدودية من ولاية تطاوين، لها من المبرّرات ما لا يخوّل لأحد نفي المشروعية عنها، حتى إن الحكومة المدانة وصاحبة الجرم أقرّت الأهالي في المطالبة بحقهم في عيش كريم في ظل التضييق وغلق المنافذ والبوابات مع الأشقاء الليبيين وفرض إتاوات ما أنزل الله بها من سلطان إلا زيادة تغوّل أصحاب الثروات الطائلة ووصم صغار التجار ممن يكابدون لأجل لقمة عيالهم بالمهربين ورؤوس التجارة الموازية والمارقين عن القانون مع تسليط العقوبات والخطايا عليهم دون تأمين أية بدائل للارتزاق تضمن لهم الحياة حتى في أدنى مستوى.

فطالما كانت هذه الاحتجاجات والمظاهرات شرعية ولم يجادل في شأنها قاص ولا دان وطالما أن التظاهر السلمي حق غير قابل للمصادرة والحال أن التحركات كانت سلمية بشهادة أهل البلد الذين فندوا ادعاءات الداخلية بحرق مركز الأمن والاعتداء على مساكن الأمنيين، فما هو مبرّر قمع هذا الحراك الشعبي والتصدي له باستعمال القوة من قنابل مسيلة للدموع ورش وختمه بالرصاص القاتل ممّا أسفر عن مقتل الشاب صابر المليان رحمه الله. وعلى إثر هذه الجريمة النكراء يخرج علينا الناطق باسم الداخلية ليعد بالتحقيق في حالة الوفاة لأحد المتظاهرين وليؤكد الكلمة ذاتها “وفاة” رئيس الحكومة في البيان الختامي لأول جلسة موسعة لحكومته التي لم يمضِ على تشكيلها أسبوع.

إن الاستهتار بدماء المسلمين والاستهانة بأرواحهم كبيرة من أفظع الكبائر وعمد الحكومة إلى تسمية القتل العمد بغير مسماه واعتباره وفاة ما هو إلا خطوة للتنصل من المسؤولية المعنوية والجزائية وتشجيع لإرهاب الدولة من خلال الإفلات من التبعة والعقاب وهو ما ينذر بعودة القمع والدكتاتورية والدولة البوليسية.
في هذا المضمار نحذر السلطة من مغبة طمس الجريمة وشغل الناس بالمطالب التنموية والتشغيلية، فهذا واجبها بغير منٍّ ولا مزايدة، وندعوها إلى تحديد الجاني ومن وراءه ومعاقبته، حتى لا تتكرر مثل هذه الجريمة ويعتبر كل من تحدثه نفسه باقترافها.

نتوجه إلى قوات الأمن والجيش بالتذكير بأن دورهم حماية البلاد وتأمين العباد وأن المقرات الأمنية المطالبين بحمايتها وسلامتها ومركز الداخلية ذاته لا يمكن بحال مقارنته بالنفس البشرية فمن أعظم حرمة هذه المراكز أم الكعبة وما أدراك ما الكعبة قبلة المسلمين؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لَهَدْمُ الْكَعْبَةِ حَجَرًا حجرًا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ» ويقول أيضا: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» ويقول أيضا «لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ، وَأَهْلَ الْأَرْضِ، اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ، لَأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ».

إن الله عز وجل جعل المؤمنين إخوة وحرّم التباغض والتحاسد وجعل دماءنا وأموالنا علينا حراما، فاتقوا الله ولا تجرؤوا على محارمه واعلموا أن الله لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وإنه جامعنا ليوم الجمع لا ريب فيه، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا والأخلاّء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين.
﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
طارق رافع – تونس