Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق الوجه الأشد ظلمة لشعار “أنا شارلي إيبدو” هو “أنا كريج هيكس”‏ ‏(مترجم)‏

 


الخبر:‏

أعدم ثلاثة طلاب مسلمين، وهم ضياء بركات وزوجته يسر محمد وأختها رزان، على يد متشدد مسلح ‏يهاجم فكرة الإيمان بالله وذلك في تشابل هيل في ولاية نورث كارولينا، وقد وقع الهجوم في 10 ‏شباط/فبراير 2015، إلا أنه لم تتجرأ أية وسيلة من وسائل الإعلام على وصف ذلك القتل بأنه عمل ‏إرهابي.‏

غير أن موقع “أخبار الحزبين” على “تويتر” قام بنشر صورة وجه القاتل وعلق عليها “وجه الإرهاب ‏الأمريكي” وهي نسخة معدلة لصورة غلاف مجلة تايم في العدد الأول من تموز/يوليو لعام 2013 والتي ‏تظهر الراهب البورمي ويراهو. وقد تم إعادة نشر هذه الصورة على تويتر 534 مرة حتى الآن، ومع ذلك ‏فقد تعاملت مجلة تايم نفسها مع خبر القتل على موقعها على الإنترنت بصورة ثانوية وذلك حتى 13 ‏شباط/فبراير. كما أن غيرها من وسائل الإعلام الرئيسية نشرت الخبر، ولكنها تباطأت بشكل كبير عن ‏وسائل الإعلام (الاجتماعية) الخاصة بالمسلمين، وقد غطت الخبر من زاوية الضحايا وأسرهم، وتناست ‏موضوع الخبر الحقيقي.‏

 

التعليق:‏

لقد كان رد فعل المسلمين في جميع أنحاء العالم على وسائل الإعلام (الاجتماعية) قويًا ووصفوا ‏أعمال القتل هذه بأنها تنبع من كراهية الإسلام، ويجب وصفها بأنها إرهاب. وفي مقابل ذلك، كان عنوان ‏الخبر الثاني في صحيفة الجارديان في ليلة القتل “عائلة ضحايا إطلاق النار في نورث كارولينا تشجب ‏القتل بقوة وتصفها بأنها “جريمة كراهية””. وقامت صحيفة واشنطن بوست وغيرها من الصحف ‏الرئيسية بتغطية مماثلة، وقد صاحبها تعليقات من شرطة تشابل هيل تصف أن الدافع للجريمة يبدو أنه ‏خلاف حول موقف للسيارات، وأن زوجة كريج هيكس، وكذلك أحد الجيران، قد قالا بأنه لا توجد دوافع ‏عنصرية وراء هجوم هيكس. إلا أن صحيفة الغارديان نقلت أيضًا عن المدعي العام الأمريكي في الولاية، ‏ريبلي راند، قوله إن القتل “ليس جزءًا من حملة تستهدف المسلمين في ولاية كارولينا الشمالية… ويبدو ‏الحادث حتى هذه اللحظة أنه كان حادثًا معزولًا”. أما مكتب التحقيقات الفيدرالي فإنه لم يبد أي اهتمام ‏بالقضية حتى بعد يومين من حدوثها، وفتح تحقيقًا موازيًا مع الشرطة المحلية ليبحث فقط في إمكانية ‏وجود صلة غير مباشرة لجرائم الكراهية بهذه القضية.‏

وبغياب أي تأكيد قانوني أو سياسي أمريكي لوجود علاقة بجرائم الكراهية، حتى ولا مجرد ذكر ‏للإرهاب، فقد تم لجم وسائل الإعلام. لقد كان تقرير صحيفة الغارديان مشابهًا للتقارير الأخرى في أسلوبه ‏حيث كان بحثه في دوافع القاتل تعكس آراء عائلات الضحايا فقط. وبعد أن قالت عائلات الضحايا إن ‏أبناءهم قد قتلوا لأنهم كانوا مسلمين، وحتى تحفظ وسائل الإعلام خط الرجعة، فقد قامت بإدراج صفحات ‏فيسبوك المتعددة التي تتحدث عن هجوم القاتل على المعتقد الديني ووازنت بين آراء العائلات المسلمة ‏والجاليات الإسلامية وبين الأصوات المعارضة. إن التغطية الإعلامية ستكون مختلفة جدًا في نواحٍ كثيرة ‏لو عُكست الأدوار وكان المسلمون هم الجناة بدل أن يكونوا ضحايا.‏
وتظهر مشاركات من كريج هيكس على فيسبوك أنه كان يحب الأسلحة ويكره المتدينين، وقد أخبر ‏الضحايا عائلاتهم وأصدقاءهم أن هيكس كان يتنمر عليهم ويرهبهم لأن التزامهم بالإسلام كان واضحًا، ‏وهي تصرفات تكفي لإدانة المسلم بالإرهاب لو عُكست الأدوار. ومن خلال محاكاة تهكمية ساخرة، تجدر ‏الإشارة إلى أن هيكس نشر صورًا لبندقيته ونقل عن “الشيخ” المتطرف ريتشارد دوكينز، الذي قال ذات ‏مرة: “أعتبر الإسلام واحدًا من الشرور العظيمة في العالم”. والشاهد هو أن هيكس أعرب عن حبه للعنف ‏وكرهه للدين وإعجابه بمُنَظّرٍ يهاجم فكرة الإيمان بالله ويستهدف الإسلام. وقد نشر ريتشارد دوكينز على ‏تويتر عن الإسلام بعد الهجوم على شارلي إيبدو قوله: “لا، جميع الأديان ليست عنيفة بشكل متساوٍ. ‏بعضها لم يكن عنيفًا أبدًا، وبعضها تخلى عنه منذ قرون. دين واحد لم يفعل بشكل واضح”.‏

لقد وُضع عبء إثبات الإرهاب على عاتق الأسر المسلمة في مجزرة تشابل هيل، بينما لو عُكست ‏الأدوار، لكان الأصل هو أن المسلمين مذنبون بالإرهاب حتى يثبت خلاف ذلك! فلم يسأل أحد في وسائل ‏الإعلام اليهود عن وجهة نظرهم ما إذا كانوا يعتبرون القتل على يد من يدعون أنفسهم بأنهم أعداء السامية ‏بأنه عمل إرهابي أم لا. إن ذلك هو الأصل حتى يثبت العكس.‏

لقد تم التركيز بشكل كبير على صلاح وجاذبية القتلى المسلمين كأفراد شباب في مجتمعهم يحبهم ‏الجميع ويحترمونهم، ولكن عندما قتل اليهود في متجر في باريس الشهر الماضي فإن وسائل الإعلام لم ‏تبد الكثير من الاهتمام تجاه الضحايا. فقد كان يكفي أنهم قتلوا على يد مسلم حتى يكونوا جديرين ‏بالتعاطف. لماذا؟ هل ينبغي أن يكون الضحايا المسلمون متميزين على نحو غير عادي حتى يستحقوا ‏التغطية الإعلامية؟ ألا يوجد شكل من أشكال التمييز هنا؟ فنحن الآن نعرف الكثير عن الضحايا، ولكن ‏ماذا عن هيكس – أين هم أصدقاؤه، وزملاؤه في العمل ومعارفه في مدرسته السابقة؟ إن وسائل الإعلام لم ‏تبد حتى الآن أي اهتمام في معرفة ما عندهم ليقولوه.‏

إن السبب في أن أمريكا تبحث عن الإرهاب المحلي الأمريكي في الطريق الآخر هو أنه من المزعج ‏أن تنظر في المرآة وترى أنه ليس من الضروري أن تجد دوافع للإرهاب في غرف الدردشة والمشاركات ‏على شبكة الإنترنت، لأن الكراهية الشديدة تجاه الإسلام أصبحت الاتجاه السائد حيث أصبح المسلمون ‏يتحملون ضغوطًا شديدةً يوميًا لإثبات إنسانيتهم. إن الأفلام مثل فلم “القناص الأمريكي”، والدعاية ‏المتعصبة “أنا شارلي إيبدو”، وتأييد مهاجمة مقدسات المسلمين العظيمة، هي ما أشعل الكراهية ضد ‏المسلمين وروج للتطرف الأميركي. إن الوجه الأشد ظلمة لشعار “أنا شارلي إيبدو” هو “أنا كريج ‏هيكس”، وإذا كان هناك في أي وقت مضى حزامٌ ناقلٌ للإرهاب، فقد أصبح هو الاتجاه السائد في أمريكا ‏لدرجة أن وسائل الإعلام قد انخرطت به فلا تراه.‏

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. عبد الله روبين