هل ينجح اتفاق مينسك الأخير في خفض نسبة التوتر بين روسيا وأمريكا من جهة وبين روسيا وأوروبا من جهة أخرى؟
في 12 من فبراير وقعت مجموعة الاتصال الرباعية “حزمة من التدابير لتنفيذ اتفاقية مينسك” وأيضا تم اعتماد “نورمان الرباعية” كإعلان مشترك. واليوم يطرح الكثيرون التساؤل التالي: هل ستكون اتفاقية مينسك بداية لتسوية النزاعات بين روسيا من جهة وأوروبا وأمريكا من جهة أخرى فيما يخص الأزمة الأوكرانية؟ وهل سيكون بداية لتصعيد الصراع في شرق أوكرانيا؟
وللإجابة على هذا التساؤل كان لا بد من إعطاء الاهتمام لبعض الجوانب:
مواقف الدول وتصريحات قادتها مباشرة بعد توقيع اتفاقية مينسك:
صرح رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بما يلي: “نحن مستعدون لأي تطورات، وانصب محور نقاشنا على كيفية دعم تنفيذ الاتفاقية وفي حال لم تنفذ فإننا وبلا تردد سنتخذ الإجراءات اللازمة”.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعلى إثر نتائج الاتفاق في مينسك فإنها أعربت عن شكوكها حول التنفيذ الحقيقي للاتفاق وللإعلان.
وفيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة الأمريكية فإن تقييمهم لتوقيع الاتفاقات الجديدة في مينسك كان إيجابيا ولا يستبعدون فرض عقوبات جديدة على روسيا واتخاذ قرار بتسليح أوكرانيا في حال عدم الالتزام بالاتفاقية.
فيما يخص الموقف الأوكراني فإن الرئيس الأوكراني وضع تنفيذ الاتفاقية على عاتق قادة “نورمان الرباعية”. وقد هدد الرئيس الأوكراني أيضا بفرض الأحكام العرفية في جميع أنحاء البلاد في حال لم تتم الهدنة فعليا في ظل الاتفاقية.
موقف الاتحاد الروسي بطبعه يحمل طابعاً مزدوجاً.
فمن جهة تريد روسيا إخلاء المسؤولية في حال فشل الاتفاق في مينسك. حيث قال السكرتير الصحفي للرئيس الروسي ديمتري بيسكوف أن روسيا هي الضامن لتسوية الصراع في أوكرانيا، ولكن ليست الجهة التي يجب أن توقف الصراع مباشرة.
من جهة أخرى، تريد روسيا تعزيز اتفاقية مينسك المبرمة مع مساعدة من قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة، الذي قدم في 13 فبراير من الجانب الروسي. التصويت يجب أن يكون في 15 من فبراير..
مما سبق يمكن استنتاج أن جميع الأطراف لا تأخذ بالأوهام ويعدون التدابير في حال عدم الامتثال لاتفاق مينسك الجديد، وكذلك الاستعداد لرفض الاتفاق إن لزم الأمر..
هناك نوعان من العوامل التي تلقي ظلالا من الشك على نجاح اتفاقات جديدة في مينسك بالنسبة لتصعيد للعنف في شرق أوكرانيا.
الأول هو غموض الاتفاقات، والذي يسمح لأي من الأطراف التخلي عن هذا الاتفاق بحجة أنه لا يلتزم به وذلك بسبب الاختلاف وعدم تفسير واقعه وأحكامه.
وهذا ما تؤكده حقيقة أنه حتى قبل الهدنة مباشرة بعد توقيع اتفاق مينسك، بدأت الأطراف بالاختلاف حول تفاصيل تنفيذها.
لذلك، قال رئيس أوكرانيا بوروشينكو أن الخدمات الاجتماعية في مناطق معينة من دونباس، خارج نطاق سيطرة الحكومة المركزية في أوكرانيا وسوف تستأنف بعد استعادة السيادة الوطنية، فضلا عن الانتخابات المحلية، والذي ينبغي أن يكون بداية لاستعادة السيطرة على الحدود الأوكرانية في منطقة النزاع من قبل القوات المسلحة الأوكرانية.
ومع ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أنه وفي فهمه أنه من الضروري وعلى الفور استئناف دفع الخدمات الاجتماعية، لضمان استعادة الحوار الاقتصادي، والذي بدوره سيسهل حلاً للسيطرة على الحدود. وهذه ليست سوى واحدة من الحلقات من سوء الفهم.
ثانيا، مسألة ضم شبه جزيرة القرم.
زعزعة الاستقرار في شرق أوكرانيا يعطي ستاراً يغطي مشكلة ضم شبه جزيرة القرم من جهة روسيا، ليس من مصلحة روسيا حل الصراع في دونباس، وذلك لأنه وفي هذه الحالة سيتم تحديث مسألة ضم شبه جزيرة القرم. وهذا مفهوم لكل من موسكو وبروكسل وواشنطن.
ولهذا الأمر ذكرت مسؤولة بوزارة الخارجية في إطار عدم الامتثال إلى اتفاقية مينسك ضم شبه جزيرة القرم من قبل روسيا.
وبالإضافة إلى ذلك، في بيان مشترك من مجموعة دول السبع الكبار ورئيس المجلس الأوروبي واستعداد المفوضية الأوروبية لاتخاذ إجراءات ضد من ينتهكون اتفاق مينسك، وأدان الزعماء أيضا ضم شبه جزيرة القرم.
وخلاصة القول أن الضم الروسي المتسرع لشبه جزيرة القرم يجعل هذا المأزق للأزمة، وهو غير قابل للذوبان في المستقبل المنظور.
لا يمكن لأوروبا أن توافق على أزمة شبه جزيرة القرم، وروسيا لا تستطيع أن تتخلى عنها بعد ضمها وذلك لأن هذا السيناريو يحمل في طياته تهديدا لوجود الحكومة الروسية الحالية.
لذلك، مع احتمال كبير يمكننا أن نستنتج أن الاتفاق الذي وقع في مينسك لن يحل الصراع في دونباس والحد من النزاع بين روسيا وأوروبا وأمريكا. كل واحد من الأطراف سوف يستخدم هذه الاتفاقية كأداة للضغط على خصمه، مع توفير الظروف المواتية لرفض هذا الاتفاق في حال إذا كان الخصم أكثر مهارة في استخدام هذه الأداة حسب مصالحه.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فضل أمزاييف
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في أوكراينا