Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق خطاب نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي


الخبر:

نقلت وسائل الإعلام الخطاب التاريخي لرئيس وزراء كيان يهود بنيامين نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي محذّرا من مخاطر الاتفاق مع إيران، بشأن ملفّها النووي.

جاءت زيارة نتنياهو إلى واشنطن بدعوة من الرئيس الجمهوري لمجلس النواب جون باينر، دون التشاور بشأنها مع الإدارة الديمقراطية ما أثار غضب البيت الأبيض. وفي ظل هذا الخبر تحدثت وسائل الإعلام عن توتر العلاقات بين أمريكا وكيان يهود.

 

التعليق:

أود تناول هذا الخبر من أكثر من جانب:

أولا: يقول المحلل في مجلة “فورين بوليسي”، آرون ديفيد ميلر، أن البيت الأبيض يعمل في صمت لزعزعة رئيس وزراء كيان يهود قبل الانتخابات المقبلة هناك. وعليه يندرج الخطاب هذا ضمن الدعاية الانتخابية لنتياهو.

ثانيا: ربما يكون الجمهوريون قد قاموا بفعلتهم هذه لأهداف انتخابية تخصهم، إلا أنه وحسب مسؤول سابق في “آيباك”، فإن “تحول نتنياهو نحو الجمهوريين أغضب آيباك، وليس الديمقراطيين فقط. وأن كل يهودي عضو في الكونغرس، باستثناء واحد فقط، هو ديمقراطي، بل ديمقراطي ليبرالي”.

ثالثا: إن توترا مثل هذا ليس الأول في تاريخ العلاقة بين أمريكا وكيان يهود.

ففي عام 1956 أدان الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور العدوان الثلاثي الذي قادته دولة يهود على مصر واحتلت على إثره شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة.

وفي عام 1967 توترت العلاقة بين الولايات المتحدة وكيان يهود، إثر هجوم القوات الجوية لدولة يهود على المدمرة الأميركية (ليبرتي).

وفي عام 1975 هددت إدارة الرئيس جيرالد فورد بإعادة تقييم العلاقات مع كيان يهود ما لم توقع على اتفاقية “فك اشتباك” مع مصر لتنسحب من سيناء.

وفي عام 1982 عبر الرئيس رونالد ريغان لرئيس الوزراء اليهودي مناحم بيغن، عن غضبه من قصف كيانهم لبيروت خلال اجتياح لبنان.

وفي عام 1991 ضغط الرئيس جورج بوش الأب على دولة يهود لعدم المشاركة في حرب الخليج الأولى خشية أن يسبب هجومها على العراق تفكك التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وفي عام 2004 قال جورج بوش الابن في خطاب موجّه لرئيس وزراء كيان يهود حينها أرئيل شارون إن المراكز السكانية الكبرى تجعل التوقعات بعودة كيانهم لخطوط الهدنة لعام 1949 غير واقعية.

وفي عام 2010 أعربت إدارة الرئيس باراك أوباما عن غضبها من دولة يهود لإعلانها بناء مزيد من المنازل الاستيطانية حول القدس.

وفي عام 2012 شهدت العلاقات الأميركية اليهودية أزمة تعكس حالة من عدم الثقة بين كل من أوباما ونتنياهو وازدادت توترا مع سنة 2013 و2014 على خلفية تعطّل مفاوضات السلام والنووي الإيراني.

رابعا: رغم وجود توتر كهذا بين أمريكا ودولة يهود، أو قل بين أوباما ونتنياهو، فإن هذا لا يزعزع العلاقة الجوهرية بين البلدين، فالقيادات تتبدل ولكن دعم أمريكا لها يبقى ثابتا. وحتى في ظل قيادة أوباما، فقد تعززت علاقات كيان يهود وأميركا بدرجة غير مسبوقة، ونذكر بعض الأمثلة على ذلك:

– الدعم السنوي الأمريكي لدولة يهود والذي يصل إلى نحو 3.1 مليارات دولار سنوياً لم يتوقف، ناهيك عن مساعدات نظام القبة الحديدية وتطوير الأنظمة الدفاعية.

– وصلت صادرات السلع الأميركية إلى دولة يهود عام 2014 إلى نحو 15 مليار دولار، أي بزيادة 64٪ عن عام 2004.

– أقر جون كيري بأن لدى أمريكا علاقات أمنية مع دولة يهود أقوى من أي وقت مضى، وأن أمريكا قامت بالتدخل مئات المرات بالنيابة عن دولة يهود في العامين الماضيين.

– قال نعوم شومسكي في مقابلة تلفزيونية معه بأن البنتاجون قام بتحديد المواقع حول العالم التي يجب على أمريكا حمايتها مهما بلغت التكلفة، ومن هذه المواقع مدينة حيفا وما حولها.

خامسا: يرى بعض المحللين أن دولة يهود لا تخشى من امتلاك إيران قنبلة نووية، لأن لديها أكثر من 200 رأس نووي، الأمر الذي يضطر إيران إلى التفكير ألف مرة قبل الشروع في استعمال سلاح مماثل ضدها، إلا أن إظهار تخوّفها من إيران “نووية” ذريعة لابتزاز الولايات المتحدة على جميع المستويات لأغراض مالية وعسكرية وسياسية. ففي السنوات الأخيرة ازدادت الأصوات المنادية بمراجعة الدعم الأمريكي لدولة يهود. فإليوت أبرامز، نائب مستشار الأمن القومي السابق للرئيس جورج دبليو بوش والكاتب المؤيد لدولة يهود، قال لديلي بيست: “وجهة نظري هي أن العلاقة ستكون صحية أكثر إذا ما تضاءلت المساعدات الأمريكية (لإسرائيل). يجب على (إسرائيل) أن تكون أقل اعتمادًا على المساعدات المالية الأميركية، وينبغي أن تصبح الولايات المتحدة حليفًا من نوع حلفائنا في أستراليا، وكندا، أو المملكة المتحدة: علاقة عسكرية حميمة وتحالف، ولكن لا مساعدات عسكرية”. وقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، في آب/أغسطس 2014، أن الولايات المتحدة ألغت توريد صواريخ هيلفاير لدولة يهود، وأن مسؤولين أمريكيين يطالبون الآن بمراجعة طلبات الأسلحة في دولة يهود. وفي يوليو 2014 ذكرت بعض الصحف أنه في ظل انتعاش اقتصاد دولة يهود يتساءل بعض أنصارها عن سبب استمرار الدعم المالي الأمريكي لها. كما يتساءل المواطن الأمريكي لماذا تذهب أموال ضرائبه لدعم دولة يهود، بدلا من صرفها محليا على التعليم والصحة، حيث إن دولة يهود قد أخذت من أمريكا ما يزيد على 121 مليار دولار منذ إعلان تأسيسها، إضافةً إلى دعم حوالي 25 في المئة من ميزانية الدفاع السنوية في دولة يهود في السنوات الأخيرة.

وأختم بقول إفتير كوهين البروفيسور في أبحاث الانتشار النووي في معهد الدراسات الدولية في منوتري بولاية كاليفورنيا “إن الاتفاق المطروح (يقصد النووي الإيراني) ليس سيئاً بالنسبة إلى (إسرائيل)، الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، لكنه سيئ جداً بالنسبة لنتنياهو. فتوقيع الاتفاق سيسمح لسكان (إسرائيل) بالعيش خلال جيل أو أكثر من دون تهديد بخطر وجودي من جانب إيران، لكنه سينزع من نتنياهو علة وجوده كزعيم”.

 



كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غسان الكسواني – بيت المقدس