تلخيص كتاب سرعة البديهة- الحلْقةُ الثامنة والأخيرة الفرق بين سرعة البديهة وسرعة الملاحظة
سرعة الملاحظة هي أن تفهم قصد القائل أو الفاعل بسرعة، وسرعة البديهة هي أن تفهم قصد القائل أو الفاعل بسرعة. ولكن الفرق بين الاثنين هو أنك في سرعة البديهة تفهم قصد القائل من كلامه، ولكن كلامه أو فعله فيه عدة دلالات، فتفهم واحدة منها، فهذه سرعة البديهة. أما سرعة الملاحظة فإن القائل أو الفاعل يعمي كلامه، ولكن لا يقصد إلا شيئاً واحداً فتفهمه، ففهمك له هو سرعة ملاحظة وليس سرعة بديهة. فتعمية الكلام أو الفعل يؤدي إلى سرعة الملاحظة، أما تعمية القصد فإنه يؤدي إلى سرعة البديهة. فكلا الأمرين: سرعة البديهة، وسرعة الملاحظة، لا يمكن أن يوجدا إلا من سرعة التفكير، ولذلك لا يوجدان إلا عند الأذكياء.
كيفية إيجاد سرعة البديهة
سرعة البديهة إما أن يعمل لإيجادها بالأفراد، أو يعمل لإيجادها في الأمة. فالعمل لإيجادها بالأفراد يوجدها فيهم ولكن لا يوجدها في الأمة، أما العمل لإيجادها في الأمة فإنه يوجدها في الأفراد حتماً، لأن الأمة في مجموع الأفراد بجامع العقيدة التي ينبثق عنها نظام للحياة.
وإيجاد سرعة البديهة في الأمة، يبدأ بنقل العقيدة من كونها مجرد بحث أساس، إلى كونها فكرة سياسية، أو فكرا سياسياً، ويسير حتى يصل إلى أن ما ينبثق عنها من أحكام وما يبنى عليها من أفكار، إنما هو فكر سياسي، ومتى وصلنا إلى هذا نبدأ بسرعة الإدراك.
فأولا لا بد من البدء بجعل العقيدة فكراً سياسياً، ثم بجعل الأفكار التي تبنى عليها فكراً سياسياً. لذلك كان إيجاد سرعة البديهة من الأحكام الشرعية، أي مما ينبثق عن العقيدة أسهل وأقرب منالاً. فما عليك إلا أن تجعل لديهم الفكرة أن هذا حكم شرعي، وأن ما ينبثق عن العقيدة يجب التقيد به، كما يجب التقيد بالعقيدة، لأن الإيمان والكفر إنما يكون بالتقيد بأحكام الشرع أو عدم التقيد بها. يبقى الأمر الثاني، وهي إيجاد سرعة الملاحظة، أو الإدراك السريع للواقع وما يدل عليه. فسرعة البديهة لا بد من إيجادها، ولا بد أن يكون هذا الإيجاد على أساس الإسلام، فالرأي الإسلامي أولاً، ثم جعله رأيا سياسيا ثانياً. ثم إيجاد سرعة البديهة. فنحن نقبل فقط الرأي الإسلامي، وما عداه لا نقبله ولا نشتغل به.