Take a fresh look at your lifestyle.

الوجه القبيح هو وجه النظام الديمقراطي الذي به تفرحون!!!

يَعجب المرء ممن يقدمون أنفسهم للناس باعتبارهم كُتّاباً ومُفَكّرين ومبدعين، وما هم سوى معاول هدم في يد أعداء الأمة يستخدمونهم لهدم حضارة وتاريخ الأمة، ويعجب أكثر ممن يتلقفون ما يكتبه هؤلاء ويرددونه بإعجاب شديد، بل ويعتبرونه مسلّماتٍ لا تقبل الجدل والأخذ والرد. فيجعلون من طه حسين مثلًا عميدًا للأدب العربي برغم أن الرجل كان يطالب بأن تكتب العربية كما تُنطَق لِيُفسِد اللغة ويقطع ما بين الدارس العربي وتُراثه، ويصفون من أرادوا التوفيق بين الإسلام والحضارة الغربية بأنهم زعماء الإصلاح، وفي هذا الإطار رَشَّحَ أحد الكتاب الصحفيين كِتاب “الوجه الآخر للخلافة الإسلامية” للكاتب سليمان فياض لِتقريره على طلاب المدارس الثانوية، “لتنوير عقول النشء كيلا يحشوها الإسلامجية بترهاتهم” كما يقول.

يرى العلمانيون في هذا الكتاب ضالتهم، فهو معول هدم حاول كاتبه باستماتة ضرب فكرة الخلافة عند الأمة، وصرف الشباب عنها وعن الالتفاف حول دُعاتها؛ إذ يصورها الكاتب بأنها أحد أسوأ نظم الحكم في العالم وأكثرها رشوة وفسادًا، وأنها نظام قمعي لا يترك صاحب رأي دون أن ينكّل به. وإذا تجولت بين فصول الكتاب فلن تجد في تاريخ الخلافة الإسلامية على مدار تاريخها الطويل إلا القهر والذل والفقر والاستبداد كما يصورها الكاتب، وهذه هي الرسالة التي يقدمها والتي يريد أذناب العلمانية في مصر “أن تصل إلى كل مصري في مرحلة الدراسة الثانوية، كي لا يتلاعب به الإسلامجية والدواعش وأضرابهم”.

والسؤال الذي يجب أن يوجه لهؤلاء ألهذه الدرجة تكرهون أنفسكم؟! ألهذه الدرجة تحتقرون تاريخ أمتكم؟! وإذا كانت دولة الخلافة بهذا السوء، فما هي الدولة التي تطمحون إليها؟! إذا كانت الخلافة الإسلامية بهذا السوء حتى الراشدة منها التي لم تسلم من سهامكم المسمومة، فهل الدولة المدنية الحديثة التي تفتخرون بها هي البديل؟! إن كان للخلافة وجه قبيح كما تريدون أن تصوروا لنا فهل لدولتكم المدنية الديمقراطية وجهٌ آخر غير وجهها القبيح؟!

تعالوا بنا لنرى سويًا وجه دولتكم تلك التي صدعتم رؤوسنا بها، لنرى كم هو قبيح، إن أردتم أن تعرفوا ما هو الاستبداد فلن تعرفوا معناه الحقيقي إلا عندكم، وإن أردتم أن تعرفوا معنى الفقر وكيف يزداد الفقير فقرًا والأغنياء ثراءً فلا تتهموا الخلافة زورًا وبهتانًا، بل سترون معنى ذلك في أنظمتكم الرأسمالية التي بها تفرحون. يقول كاتب الكتاب هذا أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين ماتوا قتلى، وأن الخلافة الأموية التي استمرت 89 سنة، وحكم فيها 14 خليفة قتل خمسةٌ منهم. وزمن الخلافة العباسية التي تكونت من 22 خليفةً قتل منهم أربعة عشر خليفةً. وأنا أقول له في روسيا القيصرية تم اغتيال 5 من القياصرة حيث تم اغتيال بطرس الثالث وإيفان السادس وبولص الأول وإسكندر الثاني ونيقولا الثاني بعد الثورة البلشفية. وفي أمريكا تم اغتيال أبراهام لينكون، كما تم اغتيال 3 رؤساء أمريكيين آخرين وهم جيمس غارفيلد، وويليام مكينلي، وجون كينيدي.

والسؤال الذي يجب أن يجيب عليه من يلصق بدولة الخلافة الإسلامية كل نقيصة، هل قامت للمسلمين قائمة بعد هدم دولتهم دولة الخلافة، أم إنهم أصبحوا كالأيتام على مأدبة اللئام؟! أم إنكم بهذه الشراذم التي تسمى “دولًا” تفرحون؟!، ماذا حققت تلك الدول القائمة في بلاد المسلمين للأمة سوى الخزي والعار ونهب الثروات وضياع البلاد والعباد، والارتهان والتبعية للغرب الكافر؟ هل استطاعت أن تُحدث نهضة؟ أو تحمي أرضًا أو تمنع عدوًا من تدنيس مقدس من مقدساتها؟

هل استطاعت أن تجعل لها هيبة في نفوس أعدائها؟ هل توقفت عن استجداء الحلول لمشاكلها على أعتاب أعدائها الذين لا يريدون للأمة أن تقوم لها قائمة؟

وإذا كان البعض منبهرًا بنموذج الاتحاد الأوروبي أو غيره في الحكم والوحدة، فإننا نسأله هل استطاع الاتحاد الأوروبي أن يكرر المعجزة التي صنعتها دولة الخلافة الإسلامية، بأن صهرت قوميات وعرقيات مختلفة متباينة في بوتقة واحدة، أخرجت منها أمة عظيمة موحدة، لم تتشرذم إلا بفعل ضربات قوية وجهت إليها من قبل أعدائها، أسقطتها أولا، ومن ثم قامت بتفتيت وحدتها السياسية من خلال اتفاقية استعمارية هي اتفاقية سايكس بيكو.

ثم إن دولة الخلافة الإسلامية دولة بشرية وليست دولة إلهية، والعدل المنشود فيها هو عدل بشري وليس عدلًا إلهيًا مطلقًا يصعب تحقيقه، أو يستحيل، مما يجعل الناس تنفض أيديها من الإسلام والمسلمين، إذ إنهم يفتشون عن الملائكة بين المسلمين فلا يجدونهم. لقد حكمت دولة الخلافة فترةً طويلةً من عمر الزمن، كانت خلالها هي زهرة الدنيا والمثال الذي يحتذى في العدل والإنصاف، أما حالات الظلم التي حدثت خلال هذا التاريخ الطويل للخلافة، فهي بالقياس إلى غيرها من الدول والأنظمة التي تعاقبت على البشرية، قديمًا وحديثًا نقطة في بحر الظلم والقهر الذي عاشته البشرية أيام الرومان واليونان، وعصور الظلم والظلام الوسطى، ومن ثم دولة العنصرية البغيضة في ألمانيا أيام النازية، ومن بعدها الدولة المتجبرة الظالمة التي صبت حمم آلاتها الحربية القذرة في هيروشيما ونجازاكي وتورا بورا وبغداد، وهل تم قتل الملايين من البشر في حروب عالمية إلا في ظل هيمنة النموذج الديمقراطي في الحكم؟

إن دول الغرب التي يتغنى الكثيرون بجمالها، قد بنت نهضتها الصناعية التي جعلتها على ما هي عليه اليوم، عبر مص دماء الشعوب التي احتلت أراضيها ردحًا من الزمن، قاتلت خلاله من أجل قهر تلك الشعوب، وجعلها تتسربل بالجهل والفقر والمرض، وعندما تركتها ورحلت، خلّفت من ورائها حكامًا عملاء باعوا أنفسهم للشيطان في سبيل أن يرضى عنهم أسيادهم في دول الغرب الكافر.

إن النموذج الذي يجب أن تحتذيه الأمة في طريق نهضتها هو نموذج الخلافة الإسلامية، ليس فقط لأنه حقق نجاحات منقطعة النظير في كل المجالات الاقتصادية والعلمية والوحدوية، بل لأنها تقوم على عقيدة سياسية عقلية ينبثق عنها نظام، وقبل ذلك لأنها النظام الذي ارتضاه رب العالمين لهذه الأمة، فأسس بنيانه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكد على فرضيته من خلال أحاديث صحيحة، وأجمع عليه صحابته رضوان الله عليهم، ومن ثم ساروا عليه، فجعلوا من هذه الدولة، الدولة الأولى في العالم في فترة قياسية في عمر بناء الدول.

إن من يطالب الأمة اليوم بنسيان الخلافة وعدم الشوق لها وللعيش في ظلها باعتباره نموذجًا متخلفًا وفاشيًا وظالِمًا والرضا بالعيش في ظل الأنظمة الحديثة واقتفاء أثر الغرب، من يطالب بهذا فإنما يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، يستبدل حكم البشر بحكم رب البشر، فكيف يدعو مسلم لهذا وهو يقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم «من خلع يداً من طاعة الله لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتةً جاهليةً»، ويقرأ قوله تعالى: ﴿أفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.



كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شريف زايد
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

 

2015_03_18_Art_Ugly_face_is_the_face_of_the_democratic_system_AR_OK.pdf