Take a fresh look at your lifestyle.

  حسن التبعُّل

 

في أيام تطبيق الإسلام الحق، حيث كانت الحياة على الفطرة، عرفت المرأة نفسها وأدركت دورها وأدركت الزوجات قدر أزواجهن واحترمنهم، أما اليوم فإن العديد من النساء يرين أن في طاعة الزوج مهانة، وفي حسن التبعل له ذلة، وفي إعطائه مكانته انتقاصاً من قدرها، وفي اعترافها له بالجميل تشجيعا له على الاستعلاء والغرور والتسلط. مع أن شكر زوجها واحترامه لا ينقص من قدرها بل بالعكس يزيد من قدرها عنده…

لنرى أسماء بنت يزيد الأنصارية وهي تأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في مجلسه قائلة: “إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فُضِّلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا أو مرابطا حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فقال لها صلوات ربي وسلامه عليه: «انْصَرِفِي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، وَأَعْلِمِي مَنْ خَلْفَكِ مِنَ النِّسَاءِ أَنَّ حُسْنَ تَبَعُّلِ إِحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا وَطَلَبَهَا مَرْضَاتَهُ، وَاتِّبَاعَهَا مُوَافَقَتَهُ تَعْدِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ».. أي أن حسن تبعل المرأة لزوجها تعدل كل أعمال الرجال التي فضلهم الله بها عن النساء…

وحسن تبعل المرأة يعني تفانيها في طاعة زوجها وحسن رعايتها له ولبيتها وأولادها، وحفظها له في عرضها وماله. والتي ينطبق عليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «خَيْرُ النِّسَاءِ الَّتِي إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا سَرَّتْكَ، وَإِذَا أَمَرْتَهَا أَطَاعَتْكَ، وَإِذَا غِبْتَ عَنْهَا حَفِظَتْكَ فِي نَفْسِهَا وَمَالِكَ».

نعم.. إن معادلة كل أعمال الرجال بحسن التبعل دليل على مشقة ذلك وصعوبته على النساء، فهو ليس بالأمر اليسير الهين، بل يتطلب جهاداً كبيراً للنفس، ويتطلب نفساً نقية صافية لا تلوثها المفاهيم الغربية عن حقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل والاستقلالية في الرأي والتصرف، ومفاهيم الحرية الشخصية وحرية الرأي والندية في التعامل وأحيانا التحدي، ولا تلوثها أفكار زرعت في عقلها أنها في الأصل امرأة عاملة وليست ربة بيت، ويجب أن لا تكون ممن يكثرن الشكاة وينكرن العشير فلا تكون ممن ينطبق عليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ»، قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ». فالعديد من النساء – إلا من رحِـم ربي – إذا دبَّ الخلاف بينها وبين زوجها أو رفض لها طلباً بادرت في ثورة من غضب إلى إنكار كل ما كان قد أبداه زوجها نحوها من خير وإحسان. وبعضهن لا ترى أن زوجها يعطيها أو يؤدي حقوقها. وهناك من النساء إذا سئلت عن حالها مع زوجها أبدت السخط وأظهرت الأسى واللوعة، وهذا الخلق يكون حتى مع الزوج إذا أتاها بطعام أو أثاث أو لباس لا يروق لها، بل وتبدأ عملية المقارنة بينها وبين أختها أو جارتها أو صديقتها وهي لا تدري مدى تأثير ذلك على مشاعر الزوج وعلى مكانتها عنده، فعدم القناعة وكثرة التسخط يضيع على الإنسان التلذذ بأي شيٌ في الدنيا وكذلك الحرمان من النعيم في الآخرة.. فهي تقع في كفران العشير بما لا تدري أو تدري بعدم القناعة وكثرة التسخط والشكاة..

فاحذري أخيّتي من ثورة غضب قد تودي بكِ إلى الخسران في الدنيا والآخرة فإنكار فضل الزوج وإحسانه إليكِ يحدث شرخاً في الحياة الزوجية قد لا تتمكني من مداواته على مر الوقت، هذا بالإضافة للخسران الأكبر الذي حدثنا عنه رسولنا عليه الصلاة والسلام عندما بيَّن لنا أن هذا السلوك والقول هو سبب دخول الكثيرات من النساء إلى النار، نعوذ بالله من حرها وشرها… واعلمي أخيتي أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، واحرصي عزيزتي عند الغضب على أمور الاستغفار لتجنب الغضب الشديد تذكر إحسان زوجك وحُسن عشرته لكِ فيما سلف من الوقت، وتمتعي بالكثير من الذكاء في اختيار الوقت المناسب بعد زوال ثورة غضبه لمعاتبته..

وأين مطلب نساء المسلمين اليوم من مطلب نساء المسلمين بالأمس؟! أين هن من قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (يا معشر النساء، لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها)!!

وكذلك على الزوج أن يتقي الله في معاملته مع زوجته وأن يبتعد عما يؤذيها، فللنساء على الرجال مثل الذي عليهن، كما قال تعالى ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾. وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم الزوج بحسن العشرة فقال: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» وقوله صلى الله عليه وسلم: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ».

نسأل الله تعالى أن يرزقنا حب الإيمان وشرائعه، وأن يزينه في قلوبنا ويشرح له صدورنا وأن يُكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلنا من الراشدين. ويجعلنا من ذوي قوة الحجة وحسن البيان. هدانا الله جميعاً لما فيه خيرنا…

 

 

أعده للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فريق صفحة المرأة والشريعة على الفيسبوك

 

 

 

2015_03_21_Art_Husn_attabaol_AR_OK.pdf