رمضان والخلافة – نفحات من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم – أبو أيمن
الحمد لله رب العالمين حمد التائبين الطائعين المخلصين وصلي اللهم على سيدنا محمد المبعوث هدى ورحمة للعالمين وبعد
أيها المسلمون حديثنا اليوم نفحات من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول الله عز وجل: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة يشعر بالخطر يحدق به ويرى بعينه تعذيب أصحابه وذاق مرارة الحصار مع أصحابه في شعب مكة فترك المسلمين يهاجرون إلى الحبشة ومن ثم إلى يثرب تحت وطأة الضربات وحمأة المطاردات.
أيها المسلمون لما أذن الله لرسوله أن يهاجر هاجر سراً وأعد الزاد والراحلة والصاحب والدليل آخذا بالأسباب واستخدم صلى الله عليه وسلم العين (الرصد) الذي يأتيه بأخبار الأعداء (قريش) فاستعان بعبد الله ابن صاحبه أبو بكر الصديق وبابن أريقط راعي الغنم والدليل.
كانت ثقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بربه تملأ فؤاده وكان إيمانه الموجه الحقيقي لسيره وسيرته وسلوكه فيقول لصاحبه: ما ظنك باثنين الله ثالثهما ويقول: ((لا تحزن إن الله معنا)) يهدئ من روع أبي بكر الذي كان يرتجف خوفاً على رسول الله وحدباً به.
أيها المسلمون كانت هجرته صلى الله عليه وسلم وحياً من الله عز وجل وهي حق والحق يعرف طريقة فيدمغ الباطل ويركمه فإذا هو زاهق وما من قوة في الأرض تستطيع أن تقهر الحق فإن استبطأ استعلاء الحق فإلى حين ثم يقوم من عثرته وكبوته فينتصر.
أيها المسلمون كانت هجرته صلى الله عليه وسلم نقلة نوعية تاريخية في المعتقد والنظم والحياة اتسعت دائرتها لتحقق النصر العظيم في بناء دولة الإسلام الدولة الأولى للمسلمين وللعالمين دولة لتنقذ البشرية من الارتكاس والانحطاط والفوضى والجاهلية
أيها المسلمون هذه الهجرة التي أقامت للمسلمين دولة ذات شوكة فرضت نظام الإسلام وطبقته من غير تدرج ولا تلكؤ دولة قادت المسلمين للفتوحات والانتصارات والتضحيات دولة حملت هذا الدين العظيم الزاخر بالعدل والقيم الرفيعة والحياة الكريمة وقد قطعت دابر الظلم والاستكبار وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «أيها الناس اطعموا الطعام وأفشوا السلام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام». إنه الميثاق الذي يصطلح عليه الناس في الدنيا والآخرة.
أيها المسلمون الهجرة تبنت وبنت مجتمعاً إسلامياً متميزاً في تراحمه وتعاضده وتكافله وتآخيه أنبتت فرساناً للجهاد في النهار ورهباناً للعبادة في الليل.
حملوا راية الإسلام دعوة للناس كافة وجهاداً في سبيل الله ليخرجوا العباد من ظلمات الجهل والضياع وعبادة الأوثان والعباد إلى نور الهداية والرشاد وعبادة الله.
أيها المسلمون الهجرة تعليم للمسلمين لنصرة الحق والصبر على الأذى ومكافحة الظالم والإجهاز على المعتدين الظالمين.
تعليم للمسلمين في نصرة الحق ومقارعة الظالمين بالكفاح السياسي والصراع الفكري فإذا كانت دولة قارعته بالحديد والنار وتحطيم الحواجز والعراقيل رغم التحديات والمؤامرات فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لسراقة الذي لحق به وقد غاصت قدما فرسه في الرمال: «كأني بك يا سراقة تلبس سواري كسرى»
في الهجرة أيها المسلمون رسالة إلى نساء المسلمين ليكون لهن دور وبصمات في حمل الدعوة ومشاركة المسلمين في أعبائها ونشرها ونصرتها فكانت أسماء بنت بكر تحمل الزاد والطعام إلى رسول الله وصاحبه وهو في الغار.
الهجرة أيها المسلمون تعني رفض الواقع السيئ ورفض الظلم ورفض الضعف ورفض الفساد والطغيان والاستكبار وتعني العمل الدؤوب بكل جد واجتهاد وإخلاص لتحقيق أسمى هدف للبشرية كلها وهو الحكم بما أنزل الله بقيادة سلطان المسلمين.
اللهم تقبل طاعاتنا وصيامنا وصلاتنا وقيامنا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو أيمن