مع الحديث الشريف
من أراد الحج فليتعجل
نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف ” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ورد في سنن أبي داود – كِتَاب الْمَنَاسِكِ – من أراد الحج فليتعجل
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مِهْرَانَ أَبِي صَفْوَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: “قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ “
ورد في شرح الحديث في كتاب سنن ابن ماجه بشرح السندي – كتاب المناسك – من أراد الحج فليعجل
قوله: (من أراد الحج فليتعجل) أي: يستحب له التعجيل لما في التأخير من تعريضه ومعنى يمرض المريض، أي: من قدر له المرض يمرض فيمنعه ذلك عن الحج.
مستمعينا الكرام
من أعظم ما شرع الله تعالى لعباده لتطهير صحائفهموتزكية نفوسهم عبادة الحج لبيته الحرام
والحج بكسر الحاء وفتحها- مصدر حج المكان يحجه إذا قصده، فمعنى الحج على هذا: قصد بيت الله الحرام بمكة المكرمة لأداء عبادات خاصة من طواف وسعي، وما يتبع ذلك من وقوف بعرفة ومبيت بمزدلفة، ورمي للجمرات
والأصل في الحج أن يكون بمثابة مؤتمر سنوي للمسلمين، بحيث يتمكن المسلمون من التفاعل والتباحث حول مختلف شؤونهمالسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وكل ما يتعلق بقضاياهم وبلدانهم.
ولقد حرص المسلمون دائما على أداء هذه الفريضة، بالرغم من كثرة المشاق والصعاب والمخاطر الأمنية والصحية والغذائية، لهذا حرصت الدولةالإسلامية على تنظيم رحلات الحج، هذا وقد حرص السلطان العثماني أن يطلق على نفسه لقب “خادم الحرمين الشريفين ” أكثر من حرصه على لقب السلطان أو الملك. لهذا نظم السلاطين قوافل الحج تقرباً من الله عز وجل، وقسموها إلى قوافل عدة أو محامل وقد شهدت قوافل الحج ومحاملهالكثير من المشاق والصعاب، لهذا حرصت الدولة العثمانية على سبيل المثال على تنظيم هذه القوافل حرصاً على راحة الحجاج وأمنهم، وقد رافق هذه القوافل عبر التاريخ الكثير من التنظيمات والعادات والتقاليد نذكر منها تعيين أمير الحج على رأس كل قافلة وأيضا تعيين “سردار الحج ” وهو نقيب الحملة، فضلاً عن تعيين إمام الحملة وقاضيها. كذلك تعيين “أمير الركب ” وهو أحد الباشوات العثمانيين المسؤولين عن قافلة الحج الشامي.
كما حرصت الدولة الإسلامية على إقامة الفنادق والآبار والدوريات العسكرية والثكن والقلاع والأبراج والمخافر في الطرق المؤدية إلى الحج.كما وخصصت أموالا للبدو منعاً من اعتداءاتهم على الحجاج.
وحيث أن فريضة الحج فريضة دينية، فإن المفتين والقضاة والعلماء والخطباء والمدرسين والشيوخ وأئمة المساجد كانوا عادة يتقدمون موكب قافلة الحج وبالرغم من معاناة الحجاج فقد كان الجميع حريصاً على المشاركة في أداء فريضة الحج.
كل هذا لفهمهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم وتمثلا لأمره بالتعجل للحج، ولكن اليوم من أراد الحج وتعجل لأدائه، منعه حكام هذا الزمان الذين تحكموا في العباد والبلاد، بل نغصوا عليهم كل حياتهم، وكدروا عليهم صفو أداء عبادتهم.
هكذا كان الحج في ظل الدولة الإسلامية، فهل سيعود كما كان؟؟
اللهم هيء للمسلمين خليفة يسير ركب الحج بأمير وجند وقضاة عدل، ويسخر للمسلمين الطاقات والقدرات ليسهل عليهم أداء حجهم بلا شقاء.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
مستمعينا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.