مع الحديث الشريف
العشر الأول من ذي الحجة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام
روى أبو داوود في سننه قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَمُجَاهِدٍ وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ”.
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:
(إِلَّا رَجُل خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَاله فَلَمْ يَرْجِع مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ): أَيْ قُتِلَ فِي سَبِيل اللَّه قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه.
يقبل علينا شهر من أعظم الشهور …. وأيامه من أعظم الأيام
شهر……. اختصه الله تعالى بعبادة هي ركن من أركان ديننا العظيم. عبادة الحج ….الركن الخامس من أركان الإسلام
شهر…..جعل الله تعالى العشر الأُول من أيامه من أفضل أيام السنة, لم لا وهي أيام الحج وسوق الهدي ….أيام الطواف بالبيت العتيق, والوقوف بعرفة, والمبيت في مزدلفة والمكوث بمنى, ورمي الجمار ……أيام إقامة شعائر الحج ……وما أدراك ما شعائر الحج …..عبادة يعود من أدَّاها بحقها كيوم ولدته أُمه نقاء وصفاء وطهرا
إنه شهر ذي الحِجة وأيامه العشر المباركة التي أقسم الله تعالى بها في سورة الفجر. روى أحمد في مسنده: عن جابر عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “إِنَّ الْعَشْرَ عَشْرُ الْأَضْحَى وَالْوَتْرَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالشَّفْعَ يَوْمُ النَّحْرِ”.
فهنيئاً لمن كتب الله له الحج هذا العام, وضراعة له سبحانه أن يكتبه لنا في العام المقبل تحت إمرة أمير للحج معيناً من قبل أمير المؤمنين, لتكون العبادة عبادتين والأجر أجرين ..أجر أداء هذا الفرض العظيم وأجر تحري أدائه بالطريقة الشرعية التي ارتضاها رب العالمين …..فلا بد للحج من أمير ولكن من يعينه هو أمير المؤمنين وليس وزارة وقف حال المسلمين.
ولا يقتصر فضل هذه الأيام على الحاج …. بل إن المقيم أيضا له فيها نصيب:
فمن لم يسعفه ظرفه بأداء مناسك الحج, جعل له الرحمن مناسك أخرى يتقرب بها إليه ولم يحرمه من السعي لنيل نصيبه من الأجر والثواب في هذه الأيام المباركات
روى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ”.
فصيام التسعة أيام الأولى من شهر ذي الحجة من أفضل الصيام بعد رمضان وخاصة يوم عرفة لغير الحاج
فقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صوم عرفة كفارة سنتين: سنة ماضية وسنة مستقبلة”.
وإن تقديم الأضحية من قبل المقيم في يوم النحر ليجعله يشارك الحاج في هذا النسك المبارك ….فيتقرب إلى الله بذبحه …..وينعم على أهل بيته ويطعم الفقير والمحتاج
فقد روى الترمذي في سننه: عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنْ الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا”
إن كل عمل صالح له عند الله وزن ومقام …. وخاصة في هذه الأيام المباركة
وأيُّ عمل أحق أن يتقرب به المسلم إلى ربه في أحب أيامه إليه من حمل الدعوة لتحكيم شرع الله وإقامة دولته, دولة الحق والعدل دولة الاسلام الخلافة؟؟؟؟
يقول تعالى في سورة آل عمران: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)}
نعم إنه لا يضيع أجر العاملين
فما أحرانا أن نضاعف العمل في الدعوة إلى الله والإلحاح في التوجه لأهل القوة والمنعة لينصروا دين الله وينقذوا عباده المستضعفين, في سوريا خاصة وسائر بلاد المسلمين والعالم أجمعين.
وإن الدعاء لمخ العبادة كما قال الصادق المصدوق فلنتوجه بقلوب خافقة وأكف ضارعة وأعيُن راجية والْسُن مُتوسلِّة إلى الله العلي القدير أن يرفع عن أمة محمد الذل والهوان وينقذها من الطغيان، ويعجل لها بالنصر والتمكين, فلعل دعاءنا يلاقي ساعة إجابة في هذه الأيام المباركة, فيكون الخلاص والنصر المبين …..آمين آمين
احبتنا الكرام: وإن من كمال العبادة في هذه الأيام أن نُتَوِّجَهَا بالصيام …..فدعاء الصائم لا يرد وهو من الصائم في هذه الأيام المباركة آكد ومن حملة الدعوة الصائمين القائمين المخلصين عملهم لله وحده لا شريك له آكد وآكد ….فلنسابق إلى التقرب إلى الله سبحانه بالصيام والقيام والدعاء والعمل ثم العمل ثم العمل في الدعوة لإقامة دين الله ……لعلنا ننال القبول من رب رحيم غفور فنفوز فوزا عظيما.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.