Take a fresh look at your lifestyle.

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 144) كيفية فرض الضرائب في الإسلام

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 144) كيفية فرض الضرائب في الإسلام

 

 

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.

أيها المؤمنون:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة الرابعة والأربعين بعد المائة, وعنوانها: “كيفية فرض الضرائب في الإسلام”. نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الثالثة والثلاثين بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.

يقول رحمه الله: “أما كيفية فرض هذه الضرائب، فإنه يسير على حسب ما فرضه الشرع على المسلمين. فإن ما كان فرضا على المسلمين القيام به من الأعمال، واحتاج إلى نفقات حتى تقوم به الدولة، فإن للدولة أن تفرض على المسلمين ضرائب لتقوم بأعبائه، وما لم يكن واجبا على المسلمين، كسداد دين الميت، فإنه لا يجوز للدولة أن تفرض ضرائب للقيام به، فإن كان لديها في بيت المال مال قامت به، وإلا سقط القيام به عن الدولة. وعلى هذا فللدولة أن تحصل الضرائب في هذه الحال، وعليها أن تسير على الوجه التالي:

1. لسد النفقات الواجبة على بيت المال للفقراء، والمساكين، وابن السبيل، وللقيام بفرض الجهاد.
2. لسد النفقات الواجبة على بيت المال على سبيل البدل، كنفقات الموظفين، وأرزاق الجند، وما شاكل ذلك.
3. لسد النفقات الواجبة على بيت المال على وجه المصلحة، والإرفاق دون بدل، كإنشاء الطرقات، واستخراج المياه، وبناء المساجد، والمدارس، والمستشفيات، وغير ذلك من الأمور التي يعتبر إيجادها من الضرورات، وينال الأمة ضرر من عدم وجودها.

4. لسد النفقات الواجبة على بيت المال على وجه الضرورة، كحادث طرأ على المسلمين من مجاعة، أو طوفان، أو زلزال، أو هجوم عدو، أو ما شاكل ذلك.

5. أن تفرض ضرائب لتسديد ديون اقترضتها للقيام بما هو واجب على جميع المسلمين، من كل ما هو داخل في أية حالة من الحالات الأربع، أو ما تفرع عنها، أو أية حالة أوجبها الشرع على المسلمين.

ومن الواردات التي توضع في بيت المال، وتنفق على مصالح الرعية، ما يأخذه العاشر من الحربيين، والمعاهدين، والأموال الناتجة مما هو من الملكية العامة، أو من ملكية الدولة، والأموال الموروثة عمن لا وارث له.

وإذا فضلت حقوق بيت المال على مصرفها، بأن زادت الأموال التي في بيت المال عن النفقات المطلوبة منه، ينظر، فإن كان الزائد آتيا من الفيء، صرف للناس في أعطيات، وإن كان الزائد من الجزية والخراج، أبقاه لما ينوب المسلمين من حادث، ولا ينزل عمن يجب عليه، لأن الحكم الشرعي، أن تفرض الجزية عن يد، وأن يفرض الخراج على الأرض بقدر احتمالها. وإن كان الزائد من الزكاة، حفظ في بيت المال، حتى يوجد من الأصناف الثمانية من تصرف له، فتصرف له حينئذ. وإن كان الزائد مما هو مفروض على المسلمين، حطه عنهم، وأعفاهم من دفعه”.

 

وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

كيفية فرض الضرائب:

يسير فرض الضرائب على حسب ما فرضه الشرع على المسلمين:

1. ما كان فرضا على المسلمين القيام به من الأعمال، واحتاج إلى نفقات حتى تقوم به الدولة، فإن للدولة أن تفرض على المسلمين ضرائب لتقوم بأعبائه.
2. ما لم يكن واجبا على المسلمين، كسداد دين الميت، فإنه لا يجوز للدولة أن تفرض ضرائب للقيام به.
3. إن كان لدى الدولة في بيت المال مال لسداد دين الميت قامت به، وإلا سقط القيام به عن الدولة.

تحصيل الضرائب:

على الدولة أن تفرض ضرائب لتسديد ديون اقترضتها للقيام بما هو واجب على جميع المسلمين، من كل ما هو داخل في أية حالة من الحالات الأربع الآتية، أو ما تفرع عنها، أو أية حالة أوجبها الشرع على المسلمين. وعليها أن تحصل الضرائب، وأن تسير على الوجه الآتي:

1. لسد النفقات الواجبة على بيت المال للفقراء، والمساكين، وابن السبيل، وللقيام بفرض الجهاد.
2. لسد النفقات الواجبة على بيت المال على سبيل البدل، كنفقات الموظفين، وأرزاق الجند.
3. لسد النفقات الواجبة على بيت المال على وجه المصلحة، والإرفاق دون بدل، كإنشاء الطرقات، واستخراج المياه، وبناء المساجد، والمدارس، والمستشفيات، وكل الضرورات التي ينال الأمة ضرر من عدم وجودها.
4. لسد النفقات الواجبة على بيت المال على وجه الضرورة، كحادث طرأ على المسلمين من مجاعة، أو طوفان، أو زلزال، أو هجوم عدو، أو ما شاكل ذلك.

الواردات التي توضع في بيت المال وتنفق على مصالح الرعية:

ومن الواردات التي توضع في بيت المال، وتنفق على مصالح الرعية:

1. ما يأخذه العاشر من الحربيين، والمعاهدين.
2. الأموال الناتجة مما هو من الملكية العامة، أو من ملكية الدولة.
3. الأموال الموروثة عمن لا وارث له.

الأموال الزائدة في بيت المال:

إذا فضلت حقوق بيت المال على مصرفها، بأن زادت الأموال التي في بيت المال عن النفقات المطلوبة منه ينظر:

1. إن كان الزائد آتيا من الفيء، صرف للناس في أعطيات.
2. إن كان الزائد من الجزية والخراج، أبقاه لما ينوب المسلمين من حادث.
3. إن كان الزائد من الزكاة، حفظ في بيت المال، حتى يوجد من الأصناف الثمانية من تصرف له، فتصرف له حينئذ.
4. إن كان الزائد مما هو مفروض على المسلمين، حطه عنهم، وأعفاهم من دفعه.

ملحوظتان مهمتان:

1. لا تنزل الجزية عمن تجب عليه؛ لأن الحكم الشرعي أن تفرض الجزية عن يد.
2. لا ينزل الخراج عمن يجب عليه، لأن الحكم الشرعي أن يفرض الخراج على الأرض بقدر احتمالها.

أيها المؤمنون:

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.