Take a fresh look at your lifestyle.

موسم الحجيج الأمريكي إلى السودان !

تشهد الساحة السياسية في السودان هذه الأيام تصاعدا مطّردا في وتيرة اللقاءات بين رموز ومسؤولي النظام الحاكم في السودان ومبعوثي وسفراء الولايات المتحدة الأمريكية، وتزخر الصحف اليومية بالعديد من الأخبار التي تتحدث عن لقاءات ومفاوضات ومباحثات تجري بين الجانبين، فقد أوردت صحيفة المجهر السياسي في 2015/8/27م  خبرا بعنوان: بدء المحادثات السودانية الأمريكية وسط سياج من السرية جاء فيه: (فرضت وزارة الخارجية سياجاً من السرية والتكتم على مباحثاتها مع وفد الإدارة الأمريكية الزائر للبلاد، بقيادة مبعوث \”أوباما\” الخاص للسودان \”دونالد بوث\” والتي جرت بالنادي الدبلوماسي أمس الأربعاء 2015/8/26م ، وبررت الخارجية موقفها بعدم إتاحة الفرصة لوسائل الإعلام بأن \”واشنطن\” هي التي طالبت أن تكون مباحثاتها مع السودان بعيداً عن الأضواء الإعلامية، ومنعت الوزارة حتى الأجهزة الرسمية من متابعة المباحثات).

\n

وفي وقت سابق شهدت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في 2015/7/27م لقاءً بين وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور والرئيس الأمريكي باراك أوباما تم فيه بحث القضايا العالقة بين البلدين.

\n

وفي السياق ذاته استقبل النظام السوداني في 2015/8/4م مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص للحريات الدينية (ديفيد سافرستايم) الذي التقى بمسؤولين في وزارة الخارجية السودانية، وقد ركز المبعوث الأمريكي في زيارته على قضايا تتعلق بقانون العقوبات وقانون الأحوال الشخصية في السودان، وطالب بتعديلهما بما يتوافق مع الدستور السوداني0 الذي يشتمل على نصوص تقر بحرية العقيدة والحريات الشخصية.

\n

كما شهدت البلاد في 2015/8/8م زيارة (الداعية الأمريكي إمام ماجد) بدعوة من السفارة الأمريكية في السودان واستقبال رسمي من الحكومة السودانية لإلقاء عدد من المحاضرات عن (مكافحة التطرف).

\n

إن هذه الزيارات والحضور المكثف للساسة الأمريكان وأدواتهم إلى السودان، وما يحدث من تهافت رسمي حكومي على استقبال المبعوثين الأمريكيين والمباحثات المطولة التي تتم بين الطرفين والتي تحاط أحياناً بستار من السرية والغموض، هذا الأمر يحمل في طياته الكثير، وينذر بالخطر لما يحاك للسودان من خطط ومؤامرات أمريكية تستهدف هذا البلد الذي يحتل موقعا استراتيجيا متميزا، وثروات اقتصادية هائلة جعلت منه مطمعا لدول الغرب وعلى رأسها أمريكا التي تريد أن تحكم قبضتها عليه لتوظفه فيما يخدم سياساتها ويحقق مصالحها، وتستخدم العديد من الأساليب والوسائل والأدوات في سبيل ذلك الهدف.

\n

إن أمريكا ليست جمعية خيرية حتى تحل مشاكل السودان، بل هي دولة استعمارية طامعة في خيرات بلاد المسلمين ومن بينها السودان، وهي رأس الحربة في الحرب الشعواء التي تشن على الإسلام والمسلمين، يشهد بذلك احتلالها للعراق وأفغانستان وتنكيلها بالمسلمين، والمجازر والفظائع التي ارتكبتها هناك من قتل وحرق وسحل وسجن وتعذيب وإهانة للمقدسات الإسلامية، وتشهد بذلك طائراتها التي تجوب سماء بلاد الإسلام لتقتل المسلمين في سوريا واليمن وباكستان بذريعة (محاربة الإرهاب) وهي الحجة التي تتستر خلفها لتغطي على جرائمها بحق أمة الإسلام.

\n

لذلك يصبح من السذاجة، بل والخيانة أن تقوم الحكومة السودانية بفتح المجال لأمريكا لكي تتدخل في السودان، فهي لا تريد خيرا بالسودان وأهله، وإنما تسعى لأن يكون أداة طيعة لتنفيذ مخططاتها الشيطانية، وقد جربت الحكومة السودانية التعاون مع أمريكا في العديد من القضايا فما وجدت منها إلا الوعود الكاذبة والسراب القاتل، وما اتفاقية نيفاشا المشؤومة عنا ببعيدة، فقد أشرفت أمريكا على صياغة الاتفاقية، يقول القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ورئيس جهاز المخابرات السوداني السابق د. قطبي المهدي لجريدة الشرق الأوسط العدد (12335): (إن الأفكار التي بُنيت عليها اتفاقية نيفاشا أُعدت في مراكز الدراسات الأمريكية، ووكالة المخابرات الأمريكية، ووزارة الخارجية، ووزارة الدفاع. وقامت مبادئ نيفاشا على الوثائق التي قدمتها، وتسمح تركيبة المنبر التفاوضي بالكثير من التدخلات ممن سموا أنفسهم شركاء الإيقاد، خاصة أمريكا والبريطانيون، واتبعت سياسة الجزرة والعصا، وتمت قيادة المفاوض السوداني إلى مسار غير صحيح، ثم نجحت العصا ولم نجد الجزرة)، فما الذي جنته الحكومة السودانية من جراء ذلك! مزقت البلاد وانفصل الجنوب، وتم تمهيد بقية أجزاء السودان للتقسيم، وانفجرت الحروب في النيل الأزرق وجنوب كردفان، ودخلت البلاد في أزمة اقتصادية طاحنة لا زالت تعيش آثارها وتداعياتها حتى الآن.

\n

إن الواجب على الحكومة السودانية أن تقطع الأيادي الأمريكية التي تنسج المؤامرات للسودان، وهذا الأمر ليس غريباً بل هو ديدن الكفر وأهله، قال تعالى: ﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [البقرة: 105]، ومن يلقي لأمريكا بالمودة، ويمكنها من ثروات البلاد وعقول العباد يرتكب مخالفة شرعية ويبوء بالإثم العظيم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة: 51]

\n

لقد تكاثرت الأزمات، وتعاظمت المخاطر المحدقة بالسودان، وعلى من يريد حل مشكلات البلاد أن يلجأ لفكرة مبدئية صحيحة قادرة على معالجة الأزمات وحل المشكلات، وهذه الفكرة المبدئية هي مبدأ الإسلام العظيم، فهو وحده القادر على إخراج البلاد من النفق المظلم الذي باتت فيه، لا أن يتم اللجوء إلى أمريكا والاستعانة بدول الغرب الكافر لحل المشكلات، فالمبدأ الرأسمالي الذي تحمله أمريكا ودول الغرب أثبت فشله، ولم يقدم للبشرية سوى الخراب، والدمار، والانهيار الاقتصادي، والتفكك المجتمعي، وسيطرة حفنة صغيرة من أصحاب رؤوس الأموال على ثروات العالم، بينما يقبع معظم سكان العالم تحت خط الفقر.. نعم إن مبدأ كهذا غير صالح لأن نلتمس الحلول والمعالجات للمشكلات منه، ومن الدول التي تحمل رايته وتتبنى فكرته، بل الواجب علينا أن نلقي به في مكان سحيق، ونجعل الإسلام وشريعته الغراء موضع التطبيق، ويتجسد ذلك بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تطبق أحكام الإسلام في الداخل وتحمل فكرته إلى الخارج بالدعوة والجهاد رسالة حق وهدى ونور ورحمة، فيساس الناس بالعدل، وتنعم البشرية بالأمن والطمأنينة والرفاه في ظل نظام الإسلام، وكيف لا يحدث ذلك وهو النظام الذي لم تضعه عقول البشر القاصرة المتحيزة، وإنما أنزله الله عز وجل خالق الإنسان الذي يعلم حاجات الإنسان، فأنزل له نظاما يسير به شؤون حياته، ويصلح به مجتمعه، قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَم مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير﴾ [الملك: 14]

\n

 

\n


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
علي بابكر محمد – السودان

\n

 

\n