مع الحديث الشريف
تغيير القبلة والتدرج
الإخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أورد الإمام السيوطي رحمه الله في حاشيته على سنن النسائي رحمه الله حديثًا عن ابن عمر رضي الله عنه قال: «بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ».
وقد علق عليه الإمام رحمه الله فقال:
بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ بِالْمَدِّ وَمَصْرُوفٌ وَمُذَكَّرٌ وَقِيلَ مَقْصُورٌ وَغَيْرُ مَصْرُوفٍ وَمُؤَنَّثٌ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ مَعْرُوفٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا قَالَ النَّوَوِيُّ رُوِيَ فَاسْتَقْبِلُوهَا بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ تَمام الْكَلَام بعده.
الإخوة الكرام
بينما الصحابة يصلون يأتيهم أمر من الله فينفذونه فورًا قبل انتهائهم من الصلاة.
وكأننا بهذا الحديث موجّه إلى دعاة التدرج في أخذ أحكام الله وتطبيق الشريعة، فأين هو ذاك التدرج من حياة الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
ها هم أولاء يصلون الصبح، فينادي منادٍ فيهم أن القبلة تحولت من جهة بيت المقدس إلى جهة الكعبة، فتلبسوا بالعمل فورًا واستداروا تجاه الكعبة المشرفة.
فلماذا يخرج علينا أدعياء التدرج ويقولون بتدرج الشريعة من حيث التطبيق، فإن سُئلوا عن دليلهم ساقوا لك أدلة عن تدرج الشريعة في التنزيل أو التشريع، ولم يفطنوا إلى اختلاف المقامات، فمقام التنزيل والتشريع هو من الله وحده ولا شأن لنا به، فهو يحرم الصلاة على السكران، ثم يحرم الخمر لذاتها، فهذا شأنه تعالى، أما نحن فشأننا المسارعة إلى الاستقامة على أمر الله وإنفاذه على أنفسنا طاعةً له سبحانه.
ثم إن نحن أردنا التدرج، فأي أحكام نأخذ وأي أحكام نترك؟ أنأخذ مثلًا أحكام الجهاد ونرجئ أحكام العبادات؟ أنأخذ أحكام العبادات ونرجئ أحكام الجهاد؟ وقل مثل هذا في سائر أحكام الشريعة
إن مسألة أبسط من إنفاق الوقت الكثير لبيانها، شرع الله نزل لنعمل به على الفور، وليس لننتخب منه ما يناسب زماننا هذا ونرجئ ما يوهمنا الشيطان أنه لا يناسب زماننا!!!
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وحسن العمل بطاعتك يا ذا الجلال والإكرام
وحتى نلقاكم في الحلقة القادمة نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.