مع الحديث الشريف
باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه
نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في تحفة الأحوذي، في شرح جامع الترمذي “بتصرف” في “باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه”
حدثنا محمود بن غيلان حدثنا بشر بن السري حدثنا سفيان عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار”، قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
التفسير تفعيل من الفسر وهو البيان، تقول: فسرت الشيء بالتخفيف أفسره فسرا وفسرته بالتشديد، أفسره تفسيرا إذا بينته، وأصل الفسر نظر الطبيب إلى الماء ليعرف العلة، واختلفوا في التفسير والتأويل. قال أبو عبيدة وطائفة: هما بمعنى وفرق بينهما آخرون، والتفسير كشف المراد عن اللفظ المُشكل. وحكى صاحب النهاية أن التأويل نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلي إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ.
قوله: (من قال في القرآن بغير علم) أي بغير دليل يقيني أو ظني نقلي أو عقلي مطابق للشرعي، قاله القاري. وقال المناوي أي قولا يعلم أن الحق غيره، وقال في مشكله بما لا يعرف (فليتبوأ مقعده من النار)، أي ليهيئ مكانه من النار، قيل الأمر للتهديد والوعيد، وقيل الأمر بمعنى الخبر. قال ابن حجر: وأحق الناس بما فيه من الوعيد، قوم من أهل البدع سلبوا لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به أو حملوه على ما لم يدل عليه ولم يرد به في كلا الأمرين مما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى، فهم مخطئون في الدليل والمدلول. ومن هؤلاء من يدس البدع والتفاسير الباطلة في كلامهم الجذل فيروج على أكثر أهل السنة كصاحب الكشاف،
أيها المستمعون الكرام:
هذا حال كثير من أهل العلم هذه الأيام، يؤولون النصوص تأويلا لا يُحتمل، يفسرون القرآن بعقولهم وأهوائهم وما تمليه عليهم شياطينهم، فخرجوا علينا بفتاوى لا تمت للإسلام بصلة، يرضون أولياء أمورهم كما يحلو لهم أن يسموهم، فأحلوا للمسلمين الربا، وأحلوا المصالحة مع عدوهم، وأحلوا لهم الديمقراطية والعلمانية والدولة المدنية ومن قبل القومية والوطنية، وأحلوا لهم الاختلاط وأن تلبس المرأة في الحياة العامة ما تشاء، وأحلوا بيع الخمور ولبس البكيني على الشواطئ بحجة السياحة التي تشكل مصدرا اقتصاديا هاما، واحلوا الشركات المساهمة والقمار وأحلوا وجود من لا يحكم بما أنزل الله، وأطلقوا عليه ولي الأمر والنعمة، وأقاموا لبعض هؤلاء مراسيم بيعة كاذبة خاطئة، وفي المقابل حرّموا على المسلمين الجهاد في سبيل الله، وأطلقوا على من يقوم بهذا الفرض العظيم ومن يدافع عن نفسه أمام أعداء الله والدين بالإرهابي، وسكتوا عمّن تطاول على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم؛ بل برروا له ذلك بحجة أنهم هم المسؤولون الذين لم يبلغوا لهم الدين. والقائمة ما بين التحريم والتحليل طويلة طويلة، وكل ذلك يجري على قاعدة التفسير للقرآن بالرأي والعقل، فهلا أدرك هذا النفر من العلماء ما آلت إليه أحوال الأمة بسبب أهوائهم وآرائهم؟!.
مستمعينا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.