مع الحديث الشريف
باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله
نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلْقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي “بتصرف” في “باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله”.
عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألاّ إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا عصموا مني دماءَهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله”.
أيها المستمعون الكرام:
إن الله أمرنا أن نبلّغ الرسالة إلى الناس كافة، لا إلى العرب أو إلى جنس واحد من الناس، “وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين”. أمرنا أن نخوض المعارك وأن نضحيَ بدمائنا وبأرواحنا من أجل غيرنا، وهذه نعمة من الله تعالى علينا، وكفى بها من نعمة. لهذا رأينا قبور الصحابة الكرام في كل بقعة من بلاد المسلمين وغير المسلمين منتشرة، فهناك ما يُقاربُ الخمسةَ آلافِ صحابي مدفونٍ في مصر، وخمسةَ عشَرَ ألفَ صحابيٍّ مدفونٍ في الأردن، وستةُ ألافِ صحابيٍّ مدفونٍ في سوريا، وصحابةٌ مدفونون في الصين، ومنهم مدفونٌ في قبرص ومنهم مدفونٌ في تركيا، ومنهم مدفونٌ على حدود فرنسا، ومنهم مدفونٌ في الأندلس ومنهم مدفونٌ في السودان، ومنهم مدفونٌ في الحبشة، ومنهم مدفونٌ في فلسطين، وهؤلاءِ الكرامُ بالقطع لم يخرجوا سياحة؛ ذلك أنهم فهموا الرسالة المطلوبة منهم، فكان مؤشرُ التدينِ عندَهم هو الحركةَ من أجل هذا الدين، كيف ينتشر هذا الدين في الأرض؟ كان مؤشر التدين عندهم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإن ضعفت منهم العبادة أو كثرت الذنوب، أما اليوم فقد تغيّر هذا المؤشر وأصبح كم صلاةً أصلي في اليوم؟ وكم يوماً صمت؟ وكم صدقةً تصدقت؟ أصبح المؤشر يتجه إلى النواحي الفردية، فالمداومة على بعض الشعائر تكفي لدخول الجنة، ونسي المسلمون أن عليهم واجبا غيرَ هذه الشعائر، وهو إدخال غيرِنا الجنةَ؛ كيف لا ونحن نعيش حياة لا طعمَ لها ولا لونٌ ولا رائحةٌ إسلامية؟
أيها المسلمون: لم يُعطِ اللهُ العبادَ أجرا أكبرَ من أجر هداية الناس، وهذه الهدايةُ مفقودةٌ بسبب ما صار إليه حال الأمة، من تولي أمورها السفهاءُ من الحكام، ولقد أصبح واضحا ومعلوما أننا نعيش زمنَ التحول الذي أخبر عنه رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم- ، لندخل بعده زمن الخلافة على منهاج النبوة.
نسأل الله لهذه الأمة الهداية للعمل مع العاملين لحمل هذا الدين، وأن تدفع بكلتا يديها نحو الخلافة، فلا عملَ أكثرُ أجرا وأعظمُ فائدة من هذا العمل.
اللهم مكّن للعاملين إقامتَها قريبا، اللهم آمين آمين.
مستمعينا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: الأستاذُ أبو مريم