Take a fresh look at your lifestyle.

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 115) كون الشركة المساهمة دائمية يخالف الشرع  

 

 

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 115)

 

كون الشركة المساهمة دائمية يخالف الشرع  

 

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد، وحذرهم سبل الفساد، والصلاة والسلام على خير هاد، المبعوث رحمة للعباد، الذي جاهد في الله حق الجهاد، وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد، الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد، فاجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد، يوم يقوم الناس لرب العباد.

\n

أيها المؤمنون:

\n

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي، ومع الحلقة الخامسة عشرة بعد المائة، وعنوانها: \”كون الشركة المساهمة دائمية يخالف الشرع\”. نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الرابعة والسبعين بعد المائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني. يقول رحمه الله:

\n

هذه هي شركة المساهمة، وهي من الشركات الباطلة شرعا، ومن المعاملات التي لا يجوز للمسلم أن يقوم بها. أما وجه بطلانها وحرمة الاشتراك فيها فيتبين مما يلي:

\n

1. إن تعريف الشركة في الإسلام هو: أنها عقد بين اثنين، أو أكثر، يتفقان فيه على القيام بعمل مالي بقصد الربح. \”وقد سبق الحديث عن الوجه الأول\”.

\n

2. الشركة عقد على التصرف بمال، وتنمية المال بها هي تنمية للملك، وتنمية الملك هي تصرف من التصرفات الشرعية، والتصرفات الشرعية كلها إنما هي تصرفات قولية، وهي إنما تصدر عن شخص، لا عن مال. \”وقد سبق الحديث عن الوجه الثاني\”.

\n

3. إن كون الشركة المساهمة دائمية يخالف الشرع، فالشركة من العقود الجائزة شرعا تبطل بموت أحد الشريكين، وجنونه، والحجر عليه، وبالفسخ من أحد الشركاء إذا كانت مكونة من شريكين، وأما إذا كانت مكونة من شركاء، فإنها تنفسخ شراكة من مات، أو جن، أو حجر عليه، وإذا مات أحد الشركاء وله وارث ينظر، فإن كان غير رشيد، فليس له أن يستمر في الشركة، وإن كان رشيدا، له أن يقيم على الشركة، ويأذن له الشريك في التصرف، وله المطالبة بالقسمة. وإذا حجر على الشريك انفسخت الشركة؛ لأنه لا بد من أن يكون الشريك جائز التصرف. فكون شركة المساهمة دائمية، وتستمر بالرغم من موت أحد الشركاء، أو الحجر عليه، يجعلها شركة فاسدة؛ لأنها اشتملت على شرط فاسد يتعلق بكيان الشركة، وماهية العقد.

\n

وخلاصة الأمر أن شركة المساهمة لم تنعقد شركة أصلا؛ لأن الذين وجدوا هم شركاء المال فقط. ولم يوجد شريك البدن، مع أن شريك البدن شرط أساسي؛ لأن به تنعقد الشركة شركة، وبغيره لا تنعقد شركة، ولا تحصل بتاتا. وفي شركات المساهمة يتم عندهم الاشتراك بوجود شركاء المال ليس غير. وتشتغل الشركة، وتباشر أعمالها دون أن يوجد شريك البدن، ودون أن يكون له أي اعتبار. ومن هنا كانت شركة باطلة لأنها لم تنعقد شركة شرعا.

\n

ثم إن الذين يباشرون التصرفات في الشركة هم مجلس الإدارة، وهم وكلاء عن المساهمين، أي عن شركاء المال، والشريك لا يجوز له شرعا أن يوكل عنه وكيلا يتصرف في الشركة نيابة عنه، سواء أكان شريك مال أم شريك بدن، لأن عقد الشركة وقع عليه بذاته، فيجب أن يقوم هو بالتصرف، فلا يصح أن يوكل عنه، أو يؤجر عنه من يقوم بالتصرف والعمل بالشركة. على أن شريك المال فقط لا يملك شرعا التصرف في الشركة، ولا العمل فيها كشريك مطلقا، بل التصرف في الشركة، والعمل فيها محصور بشريك البدن ليس غير. وأيضا فإن الشركة المساهمة تصبح شخصية معنوية يكون لهذه الشخصية حق التصرف.

\n

والتصرفات شرعا لا تصح إلا من إنسان مشخص له أهلية التصرف، بأن يكون بالغا عاقلا، أو مميزا عاقلا. وكل تصرف لم يصدر على هذا الوجه فهو باطل شرعا. فإسناد التصرف إلى شخصية معنوية لا يجوز، بل لا بد من إسناده إلى من يحوز أهلية التصرف من بني الإنسان. لذلك كانت شركات المساهمة باطلة، وكانت جميع تصرفاتها باطلة، وجميع الأموال التي كسبت بواسطتها أموال باطلة، كسبت بتصرفات باطلة، فلا يحل ملكها\”.

\n

وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

\n

1. شركة المساهمة من الشركات الباطلة شرعا، ومن المعاملات التي لا يجوز للمسلم أن يقوم بها.

\n

2. وجه بطلان شركة المساهمة وحرمة الاشتراك فيها يتبين من خلال مخالفتها للأمور الآتية:

\n

1) الشركة في الإسلام هي عقد بين اثنين أو أكثر يتفقان فيه على القيام بعمل مالي بقصد الربح.
2) الشركة عقد على التصرف بمال والتصرفات الشرعية كلها تصدر عن شخص لا عن مال.

\n

3) كون الشركة المساهمة دائمية يخالف الشرع. فالشركة من العقود الجائزة شرعا تبطل بإحدى الحالات الآتية:

\n

أ‌- بموت أحد الشريكين.
ب‌- أو جنونه.
ت‌- أو الحجر عليه.
ث‌- أو بالفسخ من أحد الشركاء إذا كانت مكونة من شريكين.

\n

3. ثمة أحكام أخرى متعلقة بالفسخ من الشركة تبين أنها غير دائمية:

\n

أ‌- إذا كانت مكونة من شركاء، فإنها تنفسخ شراكة من مات، أو جن، أو حجر عليه.
ب‌- إذا مات أحد الشركاء وله وارث ينظر فيما إن كان رشيدا أم غير رشيد:

\n

\” إن كان غير رشيد، فليس له أن يستمر في الشركة.

\n

\” إن كان رشيدا فله أحد أمرين:

\n

1. أن يقيم على الشركة، ويأذن له الشريك في التصرف.
2. أن يطالب بالقسمة.
ت‌- إذا حجر على الشريك انفسخت الشركة؛ لأنه لا بد من أن يكون الشريك جائز التصرف.
4. كون شركة المساهمة دائمية، وتستمر بالرغم من موت أحد الشركاء، أو الحجر عليه، يجعلها شركة فاسدة؛ لأنها اشتملت على شرط فاسد يتعلق بكيان الشركة، وماهية العقد.

\n

5. خلاصة الأمر: يمكن إجمال الأسباب الأساسية لتحريم الشركة المساهمة بما يأتي:

\n

1) أن شركة المساهمة لم تنعقد شركة أصلا؛ لأن الذين وجدوا هم شركاء المال فقط.
2) عدم وجود اتفاق على القيام بعمل مالي يجعل عقد الشركة المساهمة باطل شرعا.
3) الإرادة المنفردة تجعل الشركة المساهمة باطلة شرعا.
4) لم يوجد شريك البدن، مع أن شريك البدن شرط أساسي.
5) الذين يباشرون التصرفات في الشركة هم مجلس الإدارة، وهم وكلاء عن المساهمين، والشريك لا يجوز له شرعا أن يوكل عنه وكيلا يتصرف في الشركة نيابة عنه.
6) إن الشركة المساهمة تصبح شخصية معنوية يكون لهذه الشخصية حق التصرف. والتصرفات شرعا لا تصح إلا من إنسان مشخص له أهلية التصرف.
7) إسناد التصرف إلى شخصية معنوية لا يجوز، بل لا بد من إسناده إلى من يحوز أهلية التصرف من بني الإنسان.
8) كون الشركة المساهمة دائمية يخالف الشرع.
9) لذلك كله كانت شركات المساهمة باطلة، وكانت جميع تصرفاتها باطلة، وجميع الأموال التي كسبت بواسطتها أموال باطلة، كسبت بتصرفات باطلة، فلا يحل ملكها\”.

\n

أيها المؤمنون:

\n

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.