Take a fresh look at your lifestyle.

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 112) عدم وجود اتفاق على القيام بعمل مالي يجعل عقد الشركة المساهمة باطل شرعا

 

 

 

 إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 112)

 

عدم وجود اتفاق على القيام بعمل مالي يجعل عقد الشركة المساهمة باطل شرعا

 

 

 

\n

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد، وحذرهم سبل الفساد، والصلاة والسلام على خير هاد، المبعوث رحمة للعباد، الذي جاهد في الله حق الجهاد، وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد، الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد، فاجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد، يوم يقوم الناس لرب العباد.

\n

أيها المؤمنون:

\n

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي، ومع الحلقة الثانية عشرة بعد المائة، وعنوانها: \”عدم وجود اتفاق على القيام بعمل مالي يبطل عقد الشركة المساهمة\”. نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الثامنة والستين بعد المائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.

\n

يقول رحمه الله: \”قد يقال: إن الشركاء اتفقوا بينهم على شروط الشركة، فيعتبر اتفاقهم إيجابا وقبولا، وكتابة الصك أمر شكلي لتسجيل العقد الذي اتفقوا عليه، فلماذا لا يسمى هذا عقدا؟

\n

والجواب على ذلك هو أن الشركاء اتفقوا بينهم على شروط الشركة، ولكنهم، حسب اتفاقهم، لا يعتبرون أنفسهم اشتركوا فعلا، ولا يلتزمون بهذا الاتفاق على الشروط. بل يجوز لكل منهم أن يترك، وأن لا يشترك بعد الاتفاق على الشروط، وبعد كتابة الصك. فهو غير ملزم بالاتفاق على الشروط حسب اصطلاحهم واتفاقهم إلا بعد توقيعه للصك. فإذا وقع الصك أصبح ملتزما. وأما قبل ذلك فهو غير ملتزم، وغير مرتبط بشيء. وعلى ذلك فاتفاقهم على الشروط قبل توقيع الصك لا يعتبر عقدا عندهم. وهو أيضا ليس عقدا شرعا لأن الاتفاق على شروط الاشتراك، وعلى الاشتراك لا يعتبر عقد شركة. لأنهم حسب اتفاقهم غير ملزمين به قبل التوقيع، والعقد ما التزم به العاقدان. ولهذا لا يعتبر اتفاقهم على شروط الشركة، وعلى الاشتراك إيجابا وقبولا، فلا يعتبر حسب أحكام الشرع عقدا، فضلا عن كونه عندهم لا يعتبر عقدا.

\n

وقد يقال: إن قبول الشريك بتوقيعه على العقد يعتبر إيجابا منه لغيره، وتوقيع من بعده يعتبر قبولا، فلم لا يعتبر عرض الصك إيجابا، وتوقيعه قبولا؟

\n

والجواب على ذلك، أن كل شريك يوقع يكون قد قبل فقط فهو قبول، والعرض لم يصدر عن أحد معين، أي أن الإيجاب لم يصدر عن أحد معين، فلا يوجد عارض، لا المؤسسون ولا الموقع الأول، وإنما يوجد قبول من كل شريك. فالموقع يقبل الشروط، ويلتزم بها من نفسه دون عرضها عرض تصرف من أحد، أي دون أن يقول له أحد: شاركتك. أما إعطاؤه الصك للتوقيع فلا يعتبر عرض تصرف. وعلى هذا فواقع شركة المساهمة أن كل شريك فيها يقبل فقط، والقبول مع القبول لا يعتبر شرعا عقدا. بل لا بد من الإيجاب بلفظ يدل على الإيجاب، لا على القبول. ثم يأتي القبول بلفظ يدل على القبول. وعليه لا يعتبر أي شخص وقع صك الشركة موجبا، بل الكل يعتبر قابلا. فيكون قد صدر في الشركة قبول دون إيجاب، فلم تنعقد.

\n

والرأسماليون يطلقون على صك الشركة، أي نظامها عقدا، ويقولون وقع العقد. وأما شرعا فلا يعتبر هذا الصك عقدا. وإنما العقد هو إيجاب وقبول بين طرفين، ومن هنا لا تعتبر شركة المساهمة عقدا شرعا.

\n

على أن هذا العقد لم يحصل الاتفاق فيه على القيام بعمل مالي بقصد الربح، وإنما وافق فيه المؤسس أو المكتتب على أن يدفع مالا في مشروع مالي. فهو خال من عنصر الاتفاق، على القيام بعمل، وإنما فيه الالتزام المفرد من الشخص بتقديم المال فقط، دون أي اعتبار للعمل في الالتزام. وبما أن القيام بالعمل المالي هو الهدف من الشركة، وليس مجرد الاشتراك، فخلو العقد من الاتفاق على القيام بالعمل مبطل للعقد. وبذلك لم توجد شركة بمجرد الموافقة على دفع المال، لعدم وجود الاتفاق على القيام بالعمل المالي. ومن هنا كانت الشركة باطلة أيضا.

\n

وقد يقال: إن صك الشركة قد تضمن نوع العمل الذي تقوم به، كمعمل سكر أو تجارة أو ما شاكل ذلك، فيكون قد حصل فيه الاتفاق على القيام بعمل مالي.

\n

والجواب على ذلك، هو أن نوع العمل الذي ذكر، إنما هو العمل الذي ستقوم به الشركة، ولكن لم يحصل الاتفاق على القيام به من طرف الشركاء. وإنما حصل الاتفاق على الاشتراك، وعلى شروط الشركة فقط. وترك القيام بالعمل للشخصية المعنوية التي ستكون للشركة بعد تأسيسها. وعليه لم يحصل الاتفاق بين الشركاء على أن يقوموا هم بعمل مالي \”.

\n

وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

\n

يرد الشيخ تقي الدين النبهاني على بعض الشبهات حول حكم تحريم شركة المساهمة:

\n

1. شبهة اعتبار اتفاقهم إيجابا وقبولا، وكتابة الصك أمر شكلي، فلماذا لا يسمى هذا عقدا؟

\n

\n

والجواب على ذلك هو أن الشركاء اتفقوا بينهم، ولكنهم لا يعتبرون أنفسهم اشتركوا فعلا، ولا يلتزمون بهذا الاتفاق. وعلى ذلك فاتفاقهم على الشروط قبل توقيع الصك لا يعتبر عقدا عندهم.

\n

2. شبهة قبول الشريك بتوقيعه على العقد يعتبر إيجابا، وتوقيع من بعده يعتبر قبولا، فلم لا يعتبر عرض الصك إيجابا، وتوقيعه قبولا؟

\n

والجواب على ذلك، أن كل شريك يوقع يكون قد قبل فقط فهو قبول، والعرض لم يصدر عن أحد معين، وعلى هذا فواقع شركة المساهمة أن كل شريك فيها يقبل فقط، والقبول مع القبول لا يعتبر شرعا عقدا. بل لا بد من الإيجاب بلفظ يدل على الإيجاب، لا على القبول.

\n

3. شبهة أن صك الشركة قد تضمن نوع العمل الذي تقوم به، كمعمل سكر أو تجارة أو ما شاكل ذلك، فيكون قد حصل فيه الاتفاق على القيام بعمل مالي.

\n

والجواب على ذلك، هو أن نوع العمل الذي ذكر، إنما هو العمل الذي ستقوم به الشركة، ولكن لم يحصل الاتفاق على القيام به من طرف الشركاء. على أن هذا العقد لم يحصل الاتفاق فيه على القيام بعمل مالي بقصد الربح، وإنما فيه الالتزام المفرد من الشخص بتقديم المال فقط، دون أي اعتبار للعمل، وبذلك لم توجد شركة بمجرد الموافقة على دفع المال. ومن هنا كانت الشركة باطلة أيضا.

\n

أيها المؤمنون:

\n

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.