Take a fresh look at your lifestyle.

في سوريا عسكرة الثورة تخدم أطرافاً عدة… و«الخلافة» اليوم أقوى مما مضى

 

\n

في مقال نشرته الإندبندنت للكاتب باتريك كوكبيرن في تحليل له يقول: (الغرب يريد إضعاف الرئيس بشار الأسد لكنه يخشى من البديل عنه والذي سيكون بالتأكيد إما جبهة النصرة الموالية للقاعدة أو تنظيم الدولة. ويشير إلى أن القوى السورية المدعومة من الغرب لم تكن قادرة على إثبات حضورها، ويحيل هنا إلى تصريحات روبرت فورد، السفير الأمريكي السابق والتي غير فيها موقفه من المعارضة السورية المسلحة التي لم تكن قوية بالقدر الكافي لمواجهة النصرة. ويعتقد الكاتب أن كلا من القوى الثلاث الحالية في سوريا: النظام وجبهة النصرة وتنظيم الدولة، تستفيد من العسكرة الكاملة لسوريا بشكل يمنع التنازلات. فدولة في حالة حرب دائمة تعمل في مصلحتهم. فمنذ سيطرته على تدمر تقدم التنظيم في دير الزور التي لا تزال أجزاء منها بيد النظام ويقترب من حلب ويأمل في السيطرة عليها في المستقبل. ورغم ما يقال عن سيطرة التنظيم على 50% من أراضي سوريا إلا أن هذه المناطق ليست ذات كثافة عالية وتتعرض بشكل متواصل لتهديد الأكراد الذين سيطروا الأسبوع الماضي على بلدة تل أبيض الواقعة على الطريق بين الرقة والحدود التركية. ومع كل هذا الحديث عن تراجع تنظيم الدولة إلا أنه من المبكر الحديث عن نهايته).

\n

وفي مقال آخر نشرته مجلة «لندن لمراجعة الكتب» (لندن ريفيو أوف بوكس) تحدث فيه كوكبيرن عن الآثار السلبية لسقوط تل أبيض بيد الأكراد. ويقول (إنه كان في المنطقة الكردية من سوريا وزار القامشلي التي تعتبر عاصمة الإقليم الذي يحاول الأكراد تشكيله من ركام الدولة السورية ويطلقون عليه «روجوفا» أو كردستان الغربية. ومن هنا فسقوط تل أبيض يعطيهم الفرصة لربط المناطق الرئيسية في شمال – شرق سوريا. ويصف الحرب بين تنظيم الدولة وقوات الحماية الشعبية بأنها حرب داخل الحرب. ويرى الكاتب أن الحرب في شمال – شرق سوريا تحمل كل معالم الحرب العرقية التي يقوم فيها الأكراد بطرد العرب السنة الذين يتهمونهم بالتواطؤ مع تنظيم الدولة. ويؤكد الأكراد أن تل أبيض كانت مهد أجدادهم لآلاف السنين أما العرب فهم قادمون جدد استوطنوا المنطقة منذ السبعينات بعد قانون التعريب الذي فرضه النظام البعثي في دمشق. وبسيطرتهم على البلدة بات الأكراد يتحكمون بـ 250 ميلا من الأراضي السورية وهو إنجاز سيثير قلق تركيا التي تراقب الأوضاع. ومع أن سقوط تل أبيض يعتبر حدثا مهما إلا أنه يعتبر أحد الحوادث التي تغمر الآن سوريا والعراق حيث لا يعني النصر في معركةٍ الانتصار في الحرب لأن دفتها قابلة للتغير في أي وقت. وينقل عن سيهانوك ديبو، مستشار كل من صالح مسلم وآسيا عبد الله رئيسي حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردستاني» قوله إن «ميزان القوة في سوريا يمكن أن يتغير حالة غيرت أي من الدول الأجنبية المشاركة هنا موقفها». فلولا تدخل الأمريكيين في عين العرب/كوباني لما استطاع المقاتلون الأكراد طرد تنظيم الدولة الإسلامية منها.) انتهى.

\n

وهكذا تتكشف الأمور وينفضح التزوير وينبلج صبح الحقيقة فلم يبق مجال للمراوغة في ظلام الأحداث، ألم نقل منذ تفجرت ثورة الأمة في الشام أنها الكاشفة والفاضحة! فهنا نجد فصائل تدفع بفلذات أكباد الأمة للاقتتال من أجل أهداف خارجية يمليها عليهم الممول الخارجي سواء المباشر كأمريكا أو غير المباشر – أي الأجير لأمريكا – كالسعودية وتركيا، وما وثيقة ويكليكس التي فضحت أمر السعودية بأنها نفذت الأوامر الأمريكية بتصفية قادة أحرار الشام وبتأييد زهران علوش بغائبة عنا. فماذا بقي للمخلصين في أرض الشام حيث عقر دار الإسلام؟ ماذا بقي لهم من ذرائع وأسباب حتى ينزعوا يداً من طاعة لم تكن لله إلا ظاهرياً، لكنها في عمقها هي طاعة للممول المباشر وغير المباشر. فهل هذا يُرضي الله تعالى؟

\n

وهذا حزب ديمقراطي قومي إقليمي وعدته أمريكا بقطعة من حلوى الشام مقابل ولائه للنظام ومقارعة أهل الإسلام! فما أن استحكمت قبضته على تل أبيض حتى فتك أفراده بكتاب الله تعالى وكأنهم الشياطين التي صُفدت في رمضان فبُعثت في قواتهم للتأكيد على أن حربهم ليست لإسقاط نظام أو لحرية تغنوا بها ووأدوا أبناءهم في سبيلها طوال عقود بل استجابة لأهداف أعداء الأمة لتفتيت قواها وشرذمتها. وكي نضع هذه المرة الحروف تحت النقاط (وليس العكس لدقة المؤامرة وخطورتها) نصف المشهد في شرق سوريا بأنه مزيج من الكراهية والنفط والوثائق الأمريكية.

\n

أدركت الإدارة الأمريكية أن مشروع الخلافة الذي أطلقه حزب التحرير بقوة في المناطق المحررة حيث انتشر لأول مرة في تاريخها دون عوائق بين الحزب وبين الأمة مما نتج عنه إقبال منقطع النظير على فكرة الخلافة وتبني مشروعها من قبل العامة، أدركت أن هذا المشروع سيقضي على أحلامها بل وعلى كل عملائها وعلى مخططاتها في المنطقة، ولما وجدت أن كل محاولاتها لإجهاض ما تريده ثورة الشام لن تنجح إلا بتغيير قواعد اللعبة التي تسير في الثورة، قامت بزج عملاء لها كالشياطين في أماكن مختلفة من أرض الشام لتجنيد من تستطيع لخدمة أهدافها، فلما فشلت في ذلك لأن معدن الرجال في الشام هو معدن ناصع براق ورثوه عن الفاتحين لبلادهم أمثال خالد وأبي عبيدة وأسامة، والأبطال أمثال صلاح الدين ومحمد الفاتح، لما فشلت وجدت ضالتها في فئات بعيدة عن هذا المعدن الأصيل فكانوا لها عوناً في الجبهتين، العسكرية والسياسية. كل ذلك من أجل الالتفاف على مشروع الخلافة بإجهاض الفكرة أو بمقاومة رجالاتها. فغرزوا غرزاً بهدف إيقاف قلب الثورة عن النبض بالإسلام ومشروعه القوي. وظنوا أن سلاح الثورة هو ما يحمله المقاتلون المخلصون من حديد وذخائر، ولم يعلموا أن السلاح الماضي الوحيد في هذه الأمة هو إيمانها بالله تعالى وأن النصر من عنده تعالى فقط لا من عند غيره.

\n

ومع ذلك، فإن الإدارة الأمريكية ما زالت تتصرف بغباء لأنها لم تفهم أن تطلعات أهل الشام ليست محدودة بنظام يسقط في دمشق أو بتحرير بئر نفط أو قرية حدودية. إنها تطلعات في جوهرها أفكار ثابتة لا تحيد عن هدفها، وفي سعيها وضوح يوصلها لهذا الهدف، فإنها ثورة يدها على الشام وعينها ترنو إلى مكتب أوباما. وكما قال ربعي بن عامر رضي الله عنه، فإننا نريد إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. ومن يخلص لهذا فإن الله سينصره كما نصر تعالى الاثنين وثلاثين ألف مقاتل مسلم على مائتين وأربعين ألف مقاتل فارسي في القادسية.

\n

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لِيَسْتَخْلِفُنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ﴾

\n

 

\n

 

\n


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس هشام البابا
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

\n


\n

 

\n