Take a fresh look at your lifestyle.

فقرة المرأة المسلمة- نصائح للآباء والأبناء

بدايةً لِنَعُدْ بذاكرتنا مئاتَ السنين إلى الوراء ،،إلى تلك الحادثةِ أيامَ الفاروقِ رضي الله عنه ،، حيث جاء رجل إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه عقوقَ ابنه ، فأحضرَ عمر الولد ، و أنَّبه على عقوقِه لأبيه ، و نسيانِه لحقوقِه ، فقال الولد : يا أميرَ المؤمنين ، أليس للولدِ حقوقٌ على أبيه ؟ قال : بلى ، قال : فما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : أن ينتقيَ أمَّه ، و يحسنَ اسمَـه ، و يعلِّمَه الكتاب ـ أي القرآن – . قال الولد : يا أمير المؤمنين ، إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك ، أمّا أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي ، و قد سماني جُعَلاً ـ أي خُنْفُساء – ، و لم يعلمني من الكتاب حرفاً واحــداً . فالتفت عمر إلى الرجل و قال له : جئت إلي تشكو عقوق ابنك و قد عققته قبل أن يعقـــك ، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك!

فحتى تبرُّنا أبناؤنا علينا أن نَبَرَّهم أولاً ،، فالعلاقة فيها حقوق وواجبات للطرفين ،،

وهذه نصائحٌ ووَقَفَات أجدها ضرورةً مُلِحَّةً يستزيد منها كلُّ أبِ وأم ، كل ابنٍ وابنة ، ليَعْلَمَ الأبوان عِظَمَ الأمانةِ التي وُكِّلوا بها حين قال صلى الله عليه وسلم : ” كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، … وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا… ” رواه البخاري ، وكذلك ليتذكر الأولاد جزيل ثواب الطاعة لله في طاعة الأبوين إذا كانت الفرصة ما زالت سانحة حتى يكتمل تحصين العائلة المسلمة فيهزم الله الشيطان بـها وتتحوَّل إلى قلعة تحمي أحكام دين الله في الأرض.

فأكثر ما يفرح الشيطان هو دمار البيت المسلم وتفريقُه بين الزوجين ، وتشريد الأبناء، لعدم إستمرار هذه النواة الأساسية، ولفض هذه الرابطة القوية ولنقض هذا الميثاق الغليظ ،،

ومن باب قوله تعالى : ” وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ” وحتى لا نكون والعياذ بالله من الخاسرين ، نوجه نصحنا للوالدَيْن قائلين ، أيها الأب الكريم ، أيتها الأم الكريمة ، لقد وضع الله في أعناقكم أمانةً عظيمة ، وجب عليكم أداؤها ، فأنتم منبع الرجال ومصنع الشخصيات الإسلامية المتميزة ، فوجب عليكم بناءُ هذه الشخصيات بناءً سليماً ، ووضعُ الأساسِ الثابتِ والمتين ، ألا وهو العقيدةُ الإسلامية ،،،

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوِّادنه أو ينَصِّرانه أو يمَجِّسَانه “; للوالدين تأثير كبير على نشأة الأبناء فاذا كانا مسلمَيْن نشأ الولد مسلماً، واذا كانا يهوديَّيْن نشأ يهوديا، واذا كانا نصرانِيَّين نشأ نصرانيا … فأيا كان اعتقاد الوالدين نشأ الولد على دينهما وذلك بسبب ما للوالدين من سلطة وتأثير عميق في تشكيل مفاهيم الأولاد وميولهم وبالتالي صناعة سلوكهم.

لذا وجب على الوالدين المسلمين الانتباه الى ان تصدر مفاهيمُ وميولُ أبنائهم عن قاعدة الإسلام وعقيدته القوية حتى تتكون لديهم الشخصية الإسلامية المتميزة، و لا بد من عدم تجاهل أسئلتهم عن الخالق والكون والحياة حتى يتمَّ حلُّ العقدة الكبرى حلاًّ صحيحاً سلساً يقنعُ عقل هؤلاء الابناء وتطمئنُّ له قلوبُهم .

فوجب لفت النظر إلى أن هناك خالق خلقنا ألا وهو الله سبحانه وتعالى ، وتعريفهم بصفات هذا الخالق وشرحها لهم شرحاً ميسراً يتناسب وسن الطفل ودرجة استيعابه ، ولا بد من التنبيه دائماً للتفكر بعظمة الخالق وقدرته ، عن طريق جمال مخلوقاته ، من طبيعة وطيور وسماء وجبال وغيرها.

هذا مع مراعاة لفت النظر إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وتعليمهم السيرة النبوية معرفين من هو النبي ومن أي قبيلة ومن أمه وأبوه ومرضعته وطريقة نشأته وبعثه ورسالته وطريقته في نشر الدعوة ، وكذلك قصص الأنبياء والصحابة والتابعين ، كل هذا يكون بأسلوب قصصي ملفت ومشوق يترك الأثر في مفاهيم الأبناء وسلوكهم.

ولنأتِ الآن لأبنائنا الأعزاء ، فنوصيهم بما قاله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس وهو راكب أمامه على ظهر الدابة حيث قال صلى الله عليه وسلم :

يَا غُلاَمُ إِنّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللهَ يَحفَظك، احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تُجَاهَكَ،إِذَاَ سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَاَ اسْتَعَنتَ فَاسْتَعِن بِاللهِ، وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أن يَنفَعُوكَ بِشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوك إِلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَك، وإِن اِجْتَمَعوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضروك إلا بشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّتِ الصُّحُفُ”

كلمات عظيمة رائعة ونصائح نبوية جليلة وجب عليك يا بني وضعها دائماً نصب عينيك واتخاذها كمنهاج تسير عليه في حياتك . “احْفَظِ اللهَ يَحفَظك، احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تُجَاهَكَ،” هنا يتجلى التوجيه في التربية نحو مراقبة الله تعالى وهي تغني عن التخويف بالأم أو الأب عند كثير من الناس أو العقاب أو المكافأة بل فقط خشية وحياء من الله تعالى القائل في كتابه العزيز :

) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ(

واحفظ تعني احفظ حدوده وشريعته بفعل أوامره واجتناب نواهيه وكذلك بأن تتعلم من دينه ما تقوم به عبادتك ومعاملاتك وتدعو به إلى الله عزّ وجل،واحفظ الله يحفظك في دينك وأهلك ومالك ونفسك لأن الله سبحانه وتعالى يجزي المحسنين بإحسانه وكلما اهتدى الإنسان زاده الله عزّ وجل هدى وتقوى ،

ومعنى تجده تجاهك وأمامك معناهما واحد يعني تجد الله عزّ وجل أمامك يدلك على كل خير ويقربك إليه ويهديك إليه ويذود عنك كل شر ، وإذا سألت حاجة فلا تسأل إلا الله عزّ وجل ولا تسأل المخلوق شيئاً ، فالأمةُ كلُّها من أولها إلى آخرها لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, وإن نالك ضرر من أحد فاعلم أن الله قد كتبه عليك فارض بقضاء الله وبقدره، ولا حرج أن تحاول أن تدفع الضر عنك، إن ما كتبه الله عزّ وجل قد انتهى فالأقلام رفعت والصحف جفت ولا تبديل لكلمات الله .

فليتقِّ كل واحد منا ربه في نفسه وفي أبيه وأمه وفي ابنه وابنته ،، ونسأل الله تعالى أن نكون آباء صالحين وأبناء بارّين ،،

وفي الختام أحييكم مستمعينا الكرام وإلى لقاء آخر ونصائح أخرى إلى الآباء والأبناء ،،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

 

الأخت مسلمة