Take a fresh look at your lifestyle.

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 171) إصدار النقود

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 171) إصدار النقود

 

 

 

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد، وحذرهم سبل الفساد، والصلاة والسلام على خير هاد، المبعوث رحمة للعباد، الذي جاهد في الله حق الجهاد، وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد، الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد، فاجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد، يوم يقوم الناس لرب العباد.  

 

6 11 2015

نقود دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة

 

أيها المؤمنون:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي، ومع الحلقة الحادية والسبعين بعد المائة، وعنوانها:

“إصدار النقود”. نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الثالثة والثمانين بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.

يقول رحمه الله: “الثمن هو تقدير المجتمع لقيم السلع، والأجر هو تقدير المجتمع لقيم الجهود. والنقود هي الشيء الذي يعبر به عن هذا التقدير. وهي الشيء الذي يمكننا من قياس السلع المختلفة، والجهود المختلفة، وردها إلى أساس واحد، فتسهل عندئذ المقارنة بين السلع المختلفة، والمقارنة بين الجهود المختلفة، بردها إلى وحدة هي المقياس العام. ويجري دفع الثمن للسلعة، وإعطاء الأجرة للأجير، على أساس هذه الوحدة. وتقدر قيمة النقود بمقدار ما فيها من القوة الشرائية. أي بمقدار ما يستطيع الإنسان الحصول بواسطتها على سلع، أو جهود. وعلى ذلك فلا بد من أن تكون للشيء، الذي يعبر عن تقدير المجتمع لقيم السلع والجهود، قوة شرائية، حتى يكون نقدا، أي قوة يستطيع كل إنسان بواسطتها الحصول على السلع والجهود. والأصل أنه لا بد من أن تكون لهذا الشيء قوة ذاتية، أو يستند إلى قوة ذاتية، أي أن يكون هو نفسه ذا قيمة معتبرة عند الناس، حتى يكون نقدا، إلا أن الواقع في إصدار النقود عند دول العالم، أن منها من جعلت نقودها قوة ذاتية أو تستند إلى قوة ذاتية، ومنها من جعلت نقودها نقدا اصطلاحيا، أي تصطلح على شيء أنه نقد، وتجعل فيه قوة شرائية. وتسير الدول في إصدار النقود، إما على نظام الذهب الفضة، وإما على النظام الورقي الإلزامي. أما الدول التي تسير على نظام الذهب والفضة فإنها تتبع أسلوبين في الإصدار. أحدهما الأسلوب المعدني، سواء أكان الأسلوب المعدني الفردي، أم أسلوب المعدنين. والثاني الأسلوب الورقي. فالأسلوب المعدني هو أن تخرج مسكوكات ذهبية أو فضية، بأن تضرب قطعا من الذهب أو الفضة بقيم مختلفة، مبنية على وحدة نقدية تنسب إليها قيم كل النقود والسلع المختلفة، وتسك كل قطعة على أساس بنائها على هذه الوحدة، وتوضع هذه القطع نفسها للتداول نقودا للدولة. والأسلوب الورقي في الدول التي تسير على نظام الذهب والفضة، هو أن تستعمل الدولة نقدا ورقيا، أي عملة ورقية قابلة للتحويل إلى الذهب والفضة، وتسلك في ذلك طريقين: إحداهما: أن تجعل النقود الورقية تمثل كمية من الذهب والفضة على شكل سبائك، أو نقود مودعة في مكان معين، لها من القيمة المعدنية ما لهذه الأوراق من القيمة الاسمية، وتصرف بها لدى الطلب، وهذا ما يسمى بالنقود الورقية النائبة. أما الطريقة الثانية، فهي أن يجعل النقد الورقي أوراقا يتعهد الموقع عليها بدفع مبلغ معين من النقود المعدنية لحاملها، ولا تمثل هذه النقود الورقية كمية من الذهب والفضة لها من القيمة المعدنية ما لهذه النقود المصدرة من القيمة الاسمية، بل يحتفظ المصدر الذي يصدرها، سواء أكان مصرفا أم دولة في خزائنه باحتياطي معدني من الذهب والفضة أقل من قيمتها الاسمية. وذلك بأن يحتفظ بثلاثة أرباع القيمة، أو الثلثين أو الثلث أو الربع أو نسبة مئوية من قيمتها الاسمية، كأن يصدر المصرف أو الدولة نقدا ورقيا بمبلغ خمسمائة مليون دينار، ويحتفظ بخزائنه بمبلغ مائتي مليون دينار فقط من الذهب والفضة. ويسمى هذا النوع من النقد الورقي النقود الورقية الوثيقة. وقد اصطلح على إعطاء الاحتياطي المعدني اسم احتياطي الذهب، أو غطاء الذهب. وعلى أي حال، فإن الدولة التي تصدر النقد، في جميع هذه الحالات، تكون سائرة على نظام الذهب. ومن هنا، يتبين أن الأشياء التي تكون لها قوة ذاتية، وهي الذهب والفضة، تكون هي بذاتها نقودا، وتكون أساسا تستند إليها النقود. وكل ما في الأمر، أن كل بلد يصطلح على صفة معينة له، لا تختلف، من شكل معين، ووزن معين، ونقش معين حتى يكون نقدها الذي يتميز عن نقد سواها. أو تصطلح هي على نقود ورقية نائبة تستند إلى الذهب والفضة، يتداول بها في الداخل والخارج، أو يتعامل بها مع الخارج.

وتصطلح على نقود ورقية وثيقة تغطى بنسبة معينة من قيمتها الاسمية، بغطاء من الذهب، أي يوضع لها احتياطي بمقدار أقل من قيمتها من الذهب. وتكون هذه الأوراق على صفة معينة، ورسم معين حتى يكون نقد البلد الذي أصدرها يتميز عن نقد سواها”.

وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

تعريف كل من الثمن والأجر:

1.    تعريف الثمن: الثمن هو تقدير المجتمع لقيم السلع.
2.    تعريف الأجر: الأجر هو تقدير المجتمع لقيم الجهود.

دور النقود في تحديد الثمن والأجر:

1.    النقود هي الشيء الذي يعبر به عن هذا التقدير.
2.    النقود هي الشيء الذي يمكننا من قياس السلع المختلفة، والجهود المختلفة.
3.    النقود هي الأساس الواحد، وهي المقياس العام الذي إليه ترد السلع والجهود وبه تسهل المقارنة بين السلع المختلفة، والجهود المختلفة.
4.    النقود وحدة على أساسها يجري دفع الثمن للسلعة، وإعطاء الأجرة للأجير. 

كيفية تقدير قيمة النقود:

تقدر قيمة النقود بمقدار ما فيها من القوة الشرائية، أي بمقدار ما يستطيع الإنسان الحصول بواسطتها على سلع، أو جهود.

القوة الشرائية للشيء:

1.    لا بد من أن تكون للشيء قوة شرائية، حتى يكون نقدا، أي قوة يستطيع كل إنسان بواسطتها الحصول على السلع والجهود.
2.    الأصل أنه لا بد من أن تكون للشيء قوة ذاتية، أو يستند إلى قوة ذاتية، أي أن يكون هو نفسه ذا قيمة معتبرة عند الناس، حتى يكون نقدا.

إصدار النقود عند دول العالم:

1.    من دول العالم من جعلت نقودها قوة ذاتية أو تستند إلى قوة ذاتية.
2.    ومن دول العالم من جعلت نقودها نقدا اصطلاحيا، أي تصطلح على شيء أنه نقد، وتجعل فيه قوة شرائية.
3.    تسير الدول في إصدار النقود، إما على نظام الذهب الفضة، وإما على النظام الورقي الإلزامي. 

الدول التي تسير على نظام الذهب والفضة:

الدول التي تسير على نظام الذهب والفضة تتبع أسلوبين في الإصدار:

1.    أحدهما الأسلوب المعدني، سواء أكان الأسلوب المعدني الفردي، أم أسلوب المعدنين.
2.    والثاني الأسلوب الورقي.

الأسلوب المعدني: هو أن تخرج الدولة مسكوكات ذهبية أو فضية كالآتي:

1.    تضرب قطعا من الذهب أو الفضة بقيم مختلفة.
2.    تكون القطع مبنية على وحدة نقدية تنسب إليها قيم كل النقود والسلع المختلفة.
3.    تسك كل قطعة على أساس بنائها على هذه الوحدة.
4.    توضع هذه القطع نفسها للتداول نقودا للدولة. 

الأسلوب الورقي: هو أن تستعمل الدولة نقدا ورقيا، أي عملة ورقية قابلة للتحويل إلى الذهب والفضة، وتسلك في ذلك طريقين:

1.    النقود الورقية النائبة: وهي أن تجعل النقود الورقية تمثل كمية من الذهب والفضة على شكل سبائك، أو نقود مودعة في مكان معين، لها من القيمة المعدنية ما لهذه الأوراق من القيمة الاسمية، وتصرف بها لدى الطلب.
2.    النقود الورقية الوثيقة: وهي أن يجعل النقد الورقي أوراقا لا تمثل كمية من الذهب والفضة لها من القيمة المعدنية ما لهذه النقود المصدرة من القيمة الاسمية. كأن يصدر المصرف أو الدولة نقدا ورقيا بمبلغ خمسمائة مليون دينار، ويحتفظ بخزائنه بمبلغ مائتي مليون دينار فقط من الذهب والفضة.

احتياطي الذهب أوغطاء الذهب:

هو أن يحتفظ المصدر الذي يصدر النقود الورقية الوثيقة في خزائنه باحتياطي معدني من الذهب والفضة أقل من قيمتها الاسمية كأن يحتفظ بثلاثة أرباع القيمة، أو الثلثين أو الثلث أو الربع أو نسبة مئوية من قيمتها الاسمية. وقد اصطلح على إعطاء الاحتياطي المعدني اسم احتياطي الذهب، أو غطاء الذهب.

خلاصة بحث إصدار النقود:

1.    الدولة التي تصدر النقد بأحد الأسلوبين المذكورين تكون سائرة على نظام الذهب.
2.    الأشياء التي تكون لها قوة ذاتية هي الذهب والفضة، تكون هي بذاتها نقودا، وتكون أساسا تستند إليها النقود.
3.    تصدر الدولة الأوراق النقدية على صفة معينة، ورسم معين حتى يكون نقد البلد الذي أصدرها يتميز عن نقد سواها.

4.    تصدر الدولة النقد متبعة في ذلك أحد الأساليب الثلاثة الآتية:

1)    أسلوب النقود من الذهب أو الفضة على شكل معين، ووزن معين، ونقش معين حتى يكون نقدها الذي يتميز عن نقد سواها.
2)    أسلوب النقود الورقية النائبة التي تستند إلى الذهب والفضة، يتداول بها في الداخل والخارج، أو يتعامل بها مع الخارج.
3)    أسلوب النقود الورقية الوثيقة التي تغطى بنسبة معينة من قيمتها الاسمية، بغطاء من الذهب، أي يوضع لها احتياطي بمقدار أقل من قيمتها من الذهب. 

أيها المؤمنون:

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.