Take a fresh look at your lifestyle.

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 178) الأحكام الشرعية المتعلقة بالتجارة الخارجية

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 178) الأحكام الشرعية المتعلقة بالتجارة الخارجية

 

 

 

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.

أيها المؤمنون:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة الثامنة والسبعين بعد المائة, وعنوانها: “الأحكام الشرعية المتعلقة بالتجارة الخارجية”. نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الثامنة والتسعين بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.

يقول رحمه الله: “ولما كان الحكم الشرعي هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد، كانت الأحكام الشرعية المتعلقة بالتجارة الخارجية إنما نزلت في حق أفراد الإنسان، وكان الحكم المتعلق بالمال، إنما يتعلق بالمال، من ناحية كونه مملوكا لفرد معين. ومن هنا كانت أحكام التجارة، باعتبار التجار، لا باعتبار نوع المال، ولهذا كانت الأحكام المتعلقة بالتجارة الخارجية، إنما هي الأحكام المتعلقة بالأفراد، من حيث نظر الشرع لهم ولأموالهم، أي من حيث حكم الله في حقهم، ومن حيث حكم الله في أموالهم المملوكة لهم. وعلى هذا فإن أحكام التجارة الخارجية ليست متعلقة بالتجارة، ولا بالمنشأ الذي أنتجها، وإنما هي متعلقة بالتاجر، لأن أحكام المال تابعة لمالك المال، تأخذ حكمه، فما يصدق من حكم على المالك يصدق على ماله المملوك له. وهذا بخلاف النظام الرأسمالي، فإن حكم التجارة الخارجية إنما هو للمال، لا لصاحبه، فينظر إليه من حيث منشأ المال، لا من حيث التاجر. وهذا هو الفرق بين نظرة الإسلام، ونظرة النظام الرأسمالي. إذ النظام الرأسمالي ينظر للمال، وللمنشأ الذي أنتجه، فيعطيه حكم المنشأ. أما الإسلام فينظر لمالك المال أي للتاجر، بغض النظر عن منشأ المال الذي أنتجه، فالرأسمالية تعتبر المال، والإسلام يعتبر الشخص. نعم إن لنوع المال الذي يتاجر به أثرا في إباحة التجارة أو منعها، ولكن هذا متعلق بوصف المال، من حيث كونه مضرا، أو نافعا، وليس هو من حيث منشؤه. فالحكم إنما هو بالنسبة للشخص المالك للتجارة، أي بالنسبة للتاجر، لا للتجارة. والتجار الذين يدخلون أراضي الدولة الإسلامية، أو يخرجون منها، ثلاثة أصناف فهم: إما أشخاص من رعايا الدولة، سواء أكانوا مسلمين أم ذميين. وإما أشخاص معاهدون. وإما أشخاص حربيون. أما الذين هم من رعايا الدولة الإسلامية، فإنه لا يجوز لهم أن يحملوا إلى دار الحرب ما يستعين به أهل الحرب على الحرب، من الأسلحة وكل ما يستعان به في الحرب. أي يحرم عليهم أن يخرجوا من البلاد جميع المواد الاستراتيجية، التي تستعمل في الحرب فعلا؛ لأن فيه إمداد الأعداء وإعانتهم على حرب المسلمين، ويعتبر ذلك تعاونا على الإثم؛ لأنه تعاون مع الحربيين على المسلمين؛ قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى). فلا يمكن أحد من حمل هذه المواد، وإخراجها من بلاد الإسلام، سواء أكان مسلما أم ذميا. هذا إذا كان إخراجها إعانة لأهل الحرب على الحرب ضد المسلمين، أما إذا لم يكن إخراجها إعانة لهم ضد المسلمين فإنه حينئذ يجوز. وأما حمل ما عدا ذلك من أنواع التجارة، كالثياب، والمتاع، ونحو ذلك، إليهم، فإنه يجوز؛ لأن الرسول أمر ثمامة أن يمير أهل مكة، وهم حرب عليه، ولانعدام معنى الإمداد والإعانة للحربي، ولأن تجار المسلمين كانوا يدخلون دار الحرب للتجارة، في أيام الصحابة، وعلى مرأى ومسمع منهم، من غير ظهور الرد والإنكار عليهم، مع أنه مما لا يسكت عن مثله الصحابة لو كان غير جائز، فسكوتهم عن ذلك مع علمهم به يعتبر إجماعا سكوتيا. فيجوز للتجار المسلمين والذميين أن يخرجوا الطعام والمتاع خارج البلاد للتجارة، إلا أن تكون مما تحتاج إليه الرعية لقلته، فيمنع”.

وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

تعلق الأحكام الشرعية بحق أفراد الإنسان:

1.    عرف الحكم الشرعي بأنه هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد.
2.    الأحكام الشرعية المتعلقة بالتجارة الخارجية إنما نزلت في حق أفراد الإنسان.
3.    الحكم الشرعي المتعلق بالمال، إنما يتعلق بالمال، من ناحية كونه مملوكا لفرد معين. 

أحكام التجارة في الإسلام باعتبار التجار لا باعتبار المال:

1.    أحكام التجارة، باعتبار التجار، لا باعتبار نوع المال.
2.    الأحكام المتعلقة بالتجارة الخارجية هي الأحكام المتعلقة بالأفراد من حيث حكم الله في حقهم، ومن حيث حكم الله في أموالهم المملوكة لهم.
3.    أحكام التجارة الخارجية ليست متعلقة بالتجارة، ولا بالمنشأ الذي أنتجها.
4.    أحكام التجارة الخارجية متعلقة بالتاجر، لأن أحكام المال تابعة لمالك المال، تأخذ حكمه.
5.    ما يصدق من حكم على المالك يصدق على ماله المملوك له. 

حكم التجارة الخارجية في النظام الرأسمالي باعتبار المال:

1.    حكم التجارة الخارجية في النظام الرأسمالي إنما هو للمال، لا لصاحبه.
2.    النظام الرأسمالي ينظر للمال، وللمنشأ الذي أنتجه، فيعطيه حكم المنشأ.

الفرق بين نظرة الإسلام ونظرة النظام الرأسمالي:

1.    النظام الرأسمالي ينظر للمال، وللمنشأ الذي أنتجه، فيعطيه حكم المنشأ.
2.    الإسلام ينظر لمالك المال أي للتاجر، بغض النظر عن منشأ المال الذي أنتجه.
3.    الرأسمالية تعتبر المال، والإسلام يعتبر الشخص. 

لنوع المال أثر في إباحة التجارة أو منعها في الإسلام:

1.    نعم إن لنوع المال الذي يتاجر به أثرا في إباحة التجارة أو منعها.
2.    هذا الأثر متعلق بوصف المال، من حيث كونه مضرا، أو نافعا، وليس من حيث منشؤه.
3.    الحكم بالإباحة أو المنع هو بالنسبة للشخص المالك للتجارة، أي بالنسبة للتاجر، لا للتجارة. 

أصناف التجار الذين يدخلون أراضي الدولة الإسلامية:

التجار الذين يدخلون أراضي الدولة الإسلامية، أو يخرجون منها، ثلاثة أصناف وهم:

1.    رعايا الدولة، سواء أكانوا مسلمين أم ذميين.
2.    المعاهدون.
3.    الحربيون.  الأحكام الشرعية المتعلقة برعايا الدولة الإسلامية:

1.    لا يجوز لهم أن يحملوا إلى دار الحرب ما يستعين به أهل الحرب على الحرب، من الأسلحة وكل ما يستعان به في الحرب.
2.    يحرم عليهم أن يخرجوا من البلاد جميع المواد الاستراتيجية، التي تستعمل في الحرب فعلا.
3.    إخراج المواد الاستراتيجية فيه إمداد الأعداء وإعانتهم على حرب المسلمين، ويعتبر ذلك تعاونا على الإثم؛ لأنه تعاون مع الحربيين على المسلمين؛ قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى).
4.    لا يمكن أحد من حمل هذه المواد، وإخراجها من بلاد الإسلام، سواء أكان مسلما أم ذميا.
5.    إذا لم يكن إخراجها إعانة للأعداء ضد المسلمين فإنه حينئذ يجوز.
6.    يجوز لرعايا الدولة حمل أنواع التجارة، كالثياب، والمتاع، ونحو ذلك، إلى الأعداء.
7.    يجوز للتجار المسلمين والذميين أن يخرجوا الطعام والمتاع خارج البلاد للتجارة، إلا أن تكون مما تحتاج إليه الرعية لقلته، فيمنع.

الدليل الشرعي على جواز دخول دار الحرب للتجارة:

1.    فعل النبي عليه الصلاة والسلام: أمر النبي عليه الصلاة والسلام ثمامة أن يمير أهل مكة، وهم حرب عليه، لانعدام معنى الإمداد والإعانة للحربي.
2.    إجماع الصحابة رضي الله عنهم: كان تجار المسلمين يدخلون دار الحرب للتجارة، في أيام الصحابة، وعلى مرأى ومسمع منهم، من غير ظهور الرد والإنكار عليهم، مع أنه مما لا يسكت عن مثله الصحابة لو كان غير جائز، فسكوتهم عن ذلك مع علمهم به يعتبر إجماعا سكوتيا.

أيها المؤمنون:

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.