مفاوضات الرياض خنجر مسموم في قلب الثورة السورية
إن عقيدة الحل الوسط المطبقة في أغلب دول العالم والتي هي عقيدة المبدأ الرأسمالي التي تدعو إليها أمريكا ودول أوروبا، وتسخر أمريكا دول العالم لتطبيقها والدعوة لها، وأي مفاوضات تحصل يكون أساسها الحل الوسط، بمعنى أنه لا بد من التنازل عن أساسيات وثوابت من يقبل بمبدأ المفاوضات.
ومن هنا نقول إن قضية فلسطين من أكثر القضايا في العالم التي حصل لها ومن أجلها مفاوضات أفضت هذه المفاوضات إلى ضياع فلسطين وتثبيت كيان يهود، والواقع ينطق والشاهد حاضر، ومنظمة التحرير الفلسطينية من ثوابتها التي وضعتها تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وعبر المفاوضات التي أجريت هنا وهناك وفي الخفاء والعلن قبلت هذه المنظمة بسلطة لا تملك شيئا بل أصبحت حارسا أمينا على كيان يهود.
وكذلك فإن القبول بمبدأ المفاوضات من قبل المعارضة أو الثوار أو الفصائل العاملة على الأرض السورية هو تنازل من قبل هذه الفصائل عن أساسياتها وثوابتها التي وضعتها والتي من أجلها تأسست هذه الفصائل، وإن أساس أي مفاوضات تجري بين الحكومة والمعارضة أو الفصائل، فإن أساس هذه المفاوضات هو الحل الوسط أي لا بد للطرفين من القبول بمبدأ التنازل.
فقد نجحت أمريكا وأوروبا بوضع حجر أساس المفاوضات فانطلقت هذه المفاوضات في مؤتمرات بأسماء ومسميات مثل: مؤتمر أصدقاء سوريا في بروكسل وأنطاكية واسطنبول وباريس وغيرها، صحيح أن المؤتمرات أخفقت ولم تحقق أي تقدم أو نجاح إلا أن النجاح الذي أفضت إليه هو وضع حجر أساس لحل القضية السورية عبر المفاوضات.
إن أمريكا هي الدولة الفاعلة في سوريا عبر عميلها بشار الأسد وأتباعه وهي تتبع بعض السياسات:
منها سياسة خلط الأوراق حتى يختلط الحابل بالنابل، وتكثير الفصائل حتى تتعدد وجهات النظر وكلما زاد عدد الفصائل والمنظمات نجحت سياسة خلط الأوراق، لذلك لا تعرف أين الحق. وأيضا تمويت القضية في تطويل مدة الحل حيث يأخذ سنوات، وهنا يحصل الملل واليأس عند الفصائل فيسهل مساومتها وجرها للمفاوضات. وأخيرا فإن التنظيمات والفصائل المسلحة بحاجة للمال والسلاح والدعم لذلك تقع في فخ المفاوضات.
وفي الختام نقول إن كثيرا من التنظيمات والفصائل السورية المسلحة قد وقعت على ميثاق الخلافة، ونذكرهم بالعهد والميثاق الذي وقعوا عليه وأن لا يخرجروا للرياض ولا غيرها ويتنازلوا عن ميثاقهم وعهدهم فيخسروا الدنيا والآخرة ويصبح عملهم هدما لا بناء. وإننا في هذا المقام نقدم النصيحة لجميع الفصائل والتنظيمات قيادة وأفراداً بأن يسمعوا لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [سورة الصف: 10-14]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد سليم – فلسطين
2015_12_12_Art_Examples_of_negotiations_in_present_AR_OK_1.pdf