Take a fresh look at your lifestyle.

مشروع قانون مجلس الأمن القومي (2015) طفل آخر مبتدع من رحم الديمقراطية (مترجم)

 

 

مشروع قانون مجلس الأمن القومي (2015)

طفل آخر مبتدع من رحم الديمقراطية

 

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

مجلس الأمن القومي بيل (2015) أدرج الشهر الماضي اقتراحًا يسمح فيه لمجلس الأمن القومي، والذي يترأسه رئيس وزراء ماليزيا  لتولي مسؤولية قوات الأمن للبلاد وفرض سياسة صارمة على المناطق المستضعفة لمواجهة المخاطر الأمنية. بالنسبة لمشروع القانون فإن المجلس القضائي لمجلس الأمن القومي عين رئيس الوزراء للمنطقة كمنطقة عسكرية، وهذا سيبقى ساري المفعول لمدة ستة أشهر، وسيتم استئنافه من قبل رئيس الوزراء. عندما يسيطر مجلس الأمن القومي على المنطقة أمنيًا، سيكون للقوات الأمنية الحق في التحقيق والاعتقال دون أخذ أي إذن بفعل ذلك. وحتى دون أي ارتكاب خطأ ظاهر، أو حتى بمجرد الشك أنه فعل ذلك في تلك المنطقة الأمنية. مشروع قانون مجلس الأمن القومي يتضمن نصا يقول فيه “أن المجلس الأمني القومي محمي عن طريق إعطاء السلطة المطلقة للمجلس المشكل من رئيس الوزراء وحاشيته. وزير الدفاع  ووزير الشؤون الداخلية ووزير الإعلام والاتصالات ووكيل السكرتير العام للحكومة ونائب رئيس القوات المسلحة للبلاد، وأيضًا تحت تلك الاتفاقية وتحت إعلان مجلس الأمن القومي للمنطقة العسكرية، يكون لها الحق في الحد من أي حركة لأي شخص، والقبض وإزالة أي شكوك أو عقارات أو أي مخالفات من قبل أي حزب مخالف للحكومة. ويوفر مجلس الأمن القومي الحصانة الدبلوماسية لأي موظف حكومي بغض النظر عما إذا ارتكب أي خطأ أو أي ظلم.

 

التعليق:

 

سؤال كبير يجب أن يسأل هنا: هل الوضع في ماليزيا وفي ظل هذا الوضع الخطير المهدد بوحشية هذا القانون يحتاج لقانون مجلس الأمن القومي هذا؟

 

هذا فيه تناقض مع التصريحات التي مفادها (أنه لا يوجد إرهاب في ماليزيا)، في الوقت الذي تطبق فيه سياسة محاربة الإرهاب، بمجرد الشكوك أنه يوجد إرهاب، ومحاربة كل من أدرج اسمه تحت لائحة الإرهاب الدولي. تحت ما يسمى بالأمن القومي باختصار ليبدو كل شيء تحت السيطرة من قبل رجال الشرطة في محاربة الإرهاب والعمليات الإجرامية، وهذا يستحضر لدينا السؤال: إذا كان كل ذلك صحيحًا، لماذا الحكومة مصرة على مشروع قانون مجلس الأمن القومي؟ ونحن للآن لم نبدأ الحديث عن الأعداد لأعضاء قوات التدخل الأمني وتزايد السلطات القضائية والتزايد الكبير للأسهم. السلطات القانونية والتي أعلنت عنها الحكومة بالنجاح الكبير. والمشار إليها أنها قانون الضمان الاجتماعي، استخدمت من قبل الحكومة أيضًا لاعتقال منافسيها السياسيين. ونتيجة للضغط المستمر من قبل الناس سقط قانون الضمان الاجتماعي، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، لأن الحكومة أوجدت قانونين آخرين، وهما قانون محاربة المجرمين (التدابير الخاصة) 2012، وقانون حظر الإرهاب 2015، وبدون أي رضا عن القانونين، مجلس الأمن القومي بيل وبشكل أساسي أعطى سلطة غير محدودة لرئيس الوزراء.

 

لقد قدمت الحكومة مختلف التبريرات المقززة المشينة لإنشاء مشروع قانون مجلس الأمن القومي. ولا يمكن فصل عبارات “التهديدات الأمنية” و”احتمال اندلاع أعمال عنف” عن لسان الحكومة التي لا تلبث ترددها. إن الواضح هو أن مشروع قانون الأمن القومي تم طرحه مباشرةً بعد وصول الرئيس باراك أوباما إلى ماليزيا قبل نحو شهر. وقد ترك أوباما رسالةً مهمةً مفادها (بأن مكافحة الإرهاب والتطرف يجب أن يُصَب عليه تركيزٌ أساسي)، وبالفعل فقد أقدمت الحكومة الماليزية على القيام بالتزامات جادة لخدمة هذا الأمر حتى إنها وقعت اتفاقية تعاون مع الولايات المتحدة متعلقة بهذا الصدد. وهكذا، فإن صياغة مشروع قانون الأمن القومي دليل واضح على ولاء ماليزيا للولايات المتحدة وسيرها في ركابها في محاولة التصدي لخطر الإرهاب والتطرف. ومن الواضح بأن الشريحة المستهدفة من مشروع القانون هذا هم المسلمون الذين يختلفون مع الولايات المتحدة والحكومة الماليزية، في حين لا خلاف على أن الولايات المتحدة هي الإرهابي رقم واحد في العالم!!

 

ليس هناك من ينكر بأن هناك مجرمين يرتكبون جرائم تهدد السلامة العامة، وفي الواقع فقد كانت الحكومة فخورةً جدًا لنجاحها في تقويض الإرهاب والتطرف وغيرها من الجرائم، قبل وجود قانون الجرائم الأمنية والتدابير الخاصة، وقانون منع الإرهاب، وقانون الأمن القومي. ولهذا، فما هو المنطق من وراء سن هكذا قوانين، وقد كانت الحكومة ظاهريًا قادرةً على مواجهة التهديدات والتغلب عليها بنجاح حتى من قبل سنها؟! إن الواضح، هو أنه لا منطق أبدًا من سن هذه القوانين الصارمة إلا منطق واحد هو أن السلطة التنفيذية تريد أن يكون لها سلطة مطلقة لا محدودة لإزاحة كل ما يهدد مصالحها من طريقها! وإن إنشاء قوانين جديدة كقانون الأمن القومي، لا يثبت بأن الحكومة غير راضية ولا مكتفية بالقانون الحالي ليحقق لها مصالحها ويخفي أخطاءها فحسب، بل يؤكد أيضًا بأن القوانين الوضعية غير قادرة مطلقًا على إدارة شؤون البشرية ولن توفر ولا بأي حال الراحة الحقيقية والعدالة المأمولة.

 

وتجدر الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من وجود رفض كبير وعنيف لمشروع قانون الأمن القومي هذا، إلا أن هذا الاعتراض قائم على أساس مخالفته لمبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية لا على أساس مناقضته للإسلام! وهنا يظهر ارتباك جزء من أنصار الديمقراطية. في الواقع، فإنه على أسس الديمقراطية، لا ينبغي أن يُعترض على قانون الأمن القومي، وذلك لأنه مُرر وفقًا لقوانين الديمقراطية التي تطبق في ماليزيا. إن الديمقراطية تعني إعطاء الحق للناس في سن القوانين وأن ما تحتاجه الحكومة لإقرار القوانين هو موافقة الأغلبية عليها. وهذا ما حدث تمامًا مع مشروع قانون الأمن القومي، وهذا المبدأ الذي سار عليه أنصار الديمقراطية لإقرار القانون. وسواء تعارض القانون مع حقوق الإنسان أم لا فهذا أمر ثانوي، فطالما وافق عليه غالبية المشرعين، فقد أصبح شرعيًا لأن من حق أعضاء البرلمان القيام بذلك!

 

وفي واقع الأمر فإن هؤلاء الذين يناضلون من أجل الديمقراطية هم أنفسهم الجناة المسؤولون عن إلغاء حقوق الإنسان. متى سيدركون بأن جميع القوانين الصارمة التي ينكرونها ولدت من رحِم “الديمقراطية العظيمة” التي يمجدونها هم أنفسهم؟ إن قانون الأمن الداخلي، وقانون الجرائم الأمنية والتدابير الخاصة، وقانون منع الإرهاب والآن قانون الأمن القومي، هي جميعها أبناء ولدوا من رحم الديمقراطية بالطرق المشروعة القائمة على أسسها! وبالتالي، فإن عليكم أن تدركوا ذلك يا دعاة الديمقراطية، وبخاصة الإسلاميون والمسلمون الذين يسيرون في ركابها. شاهدوا كيف يجعل النظام الديمقراطي السيادة للبشر لا لرب البشر! ألا ترون كم هو الأمر واضحا؟ كم من القوانين الأكثر صرامةً والتي تنتهك أوامر الله ورسوله e ستقرها الحكومة لكي تدركوا بأن الديمقراطية نظام كفر تتعارض مع الإسلام وأنها حرام لا يجوز لنا نحن المسلمين تبنيها وتطبيقها ونشرها؟

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

د. محمد – ماليزيا

2015_12_28_TLK_3_OK.pdf