Take a fresh look at your lifestyle.

فقرة المرأة المسلمة- نصائح للآباء والأبناء ح4

 

والصلاةُ والسَّلامُ علَى رَسولِ اللهِ وعلى آله وصحبه أجمعين

يتجدَّدُ اللقاءُ الأسبوعيُّ معكُم مُستمعِي إذاعةِ المكتبِ الإعلاميِّ لحزبِ التَّحرير مع نصيحة جديدة للآباءِ والأبناءِ
فحيَّاكُمُ اللهُ معنَا ، وَجزَاكُمُ كلَّ خيرٍ علَى حُضورِكُم وَاستِماعِكُم لنَا .

للوالدين على الأبناء تأثيرٌ لا يمكن إنكارُه أو تجاهلُه خاصة في السنين الأولى لحياة الطفل فهو يتشرب السلوكياتِ والأخلاقَ منهما ،، ومن خلالهما تتكون لديه القيمُ الأربعة : الروحية ، والإنسانية ، والخلقية والمادية . فهما القدوة والنبراس بالنسبة له ،،

وهذه القيم ضرورية حتى ينشأ الأبناء نشأة سوية، و يجب أن تكون موجودة لديهم بشكل متوازن فلا تطغى قيمة على قيمة ولا تمحى قيمة لأجل قيمة اخرى، بل لا بد أن تتحقق في سلوكهم جميعاً ، ويمكن تحقيقها في نفوس أبنائنا كالآتي :

أولاً : القيمة الروحية : تتحقق هذه القيمة في سلوك الأبناء بربطهم منذ الصغر بالعقيدة الإسلامية وتعاليم الشريعة من عبادات ومعاملات وأنظمة وأحكام.
ولو نظرنا إلى الشريعة الإسلامية لرأينا استحباب الأذان والإقامة في أذن الطفل عند الولادة لما روى أبو داود والترمذي عن أبي رافع انه قال: “رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذَّن في أذن الحسن بن علي لما ولدته فاطمة “.
وأيضاً تتحقق هذه القيمة بتعليمهم شيئا من الدعاء عند طعامهم وشرابهم وقضاء حاجتهم، وعند استيقاظهم من النوم وأن يعلموا الأطفال البسملة في كل شيء وقبل البدء بأي عمل.

ولا بد أيضاً من تعليمهم شيئاً من القرآن حتى يتمكنوا من أداء الصلاة في سن السابعة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” مروا أبناءكم وهم أبناء سبع بالصلاة واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ” .
كما ينبغي للوالدين تعليم الأطفال حب الله وحب نبيه وذلك بذكر مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته وسيرته، يقول أحد الصحابة كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن .

ولا ننسى تربية الأولاد على مراقبة الله في أفعالهم وتصرفاتهم والخوف منه وطاعته والبعد عن نواهيه، روي أن معلماً أمر طلابه أن يحضر كل واحد منهم دجاجة وسكيناً، فلما أحضر الطلاب ذلك، قال لهم: أريد أن يذهب كل واحد منكم إلى مكان لا يراه فيه أحد ويذبح دجاجته، فذهب الجميع وذبحوا دجاجاتهم ثم عادوا الى المعلم إلا واحدا، فقال له المعلم: لماذا لم تذبح دجاجتك؟ قال: لأني لم أجد مكاناً لا يراني فيه أحد، فكل مكان أذهب إليه يراني الله فيه، فقال المعلم: أحسنت، هذا هو الدرس الذي أردتكم ان تتعلموه، يجب أن تعرفوا ان الله مطلع عليكم فتراقبونه في السر والعلن.

ثانياً : القيمة الانسانية : لقد أوجد الله في الإنسان غريزة النوع ، وهي خاصية في الإنسان تدفعه للمحافظة على بقاء النوع الإنساني، ومن مظاهر هذه الغريزة عواطف الأبوة والأمومة والبنوة، ولولا هذه العواطف لانقرض الجنس البشري، ولما صبر الوالدان على رعاية أبنائهما، ولما قاما بكفالتهم وتربيتهم والسهر عليهم في مرضهم والنظر في مصالحهم.مقابل هذه العواطف الجياشة التي تحمي الاطفال وتساعدهم في حياتهم، طُلب من الأبناء محبة والديهم ومعرفة حقهم واحترامهم ببرهم وطاعتهم والإحسان اليهم والقيام على خدمتهم ، ولا يقف الأمر عند الاحسان الى الوالدين بل يتعداه إلى الإحسان الى كل من له صلة بهما من صديق أو قريب. ومن القيم الإنسانية أيضا أن تحسن إلى الجيران والأصدقاء والمقربين خاصة والناس عامة وأن تتعاون معهم وتساعد في قضاء حوائجهم، قال صلى الله عليه وسلم” الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه” .

ثالثاً القيمة الخلقية :الأخلاق هي صفة ملازمة للشخص وسجية، ويجب أن يُرَبَّى الأولاد منذ الصغر على الصدق والأمانة والاستقامة والوفاء وتنقية اللسان من السباب والشتائم والكلام البذيء، وأن ينشأوا على الترفع عن الدنايا وكل ما يحط بالمروءة وأن يتعلم الطفل كيف يتحكم في ذاته وفي مشاعره بحيث يفصل بين الإحساس وردة الفعل المباشرة بالتفكير، فاذا سبه أحد او شتمه لا يندفع فوراً إلى الرد عليه والانتقام منه، بل يهدأ ويمسك نفسه ويتحكم فيها ويمنعها من الاسترسال بغضبها، وعلى المربي أيضاً أن يحذر أبناءه من الكذب وينهاهم عنه ويحذرهم عواقبه ويكشف لهم مضاره وأخطاره في الدنيا والآخرة حتى لا يقعوا في حبائل الكذب وينزلقوا في أوحاله. ويجب أن يكون قدوة في ذلك فلا يكذب على أطفاله بحجة إسكاتهم عن البكاء أو ترغيبهم في أمر ما، أو تسكين غضبهم لأنهم يتعلمون منه الكذب ويقلدونه.

رابعاً : القيمة المادية: والتي تشكل النواحي الصحية والجسدية والتعليمية والاقتصادية وإعداد الأبناء للعمل في المستقبل، سواء في المهن الأكاديمية او المهنية، لذا وجب على المربين الاهتمام بهذه الأمور جميعا.
مما سبق نرى أهمية تأثيرالوالدين على تكوين شخصية الأبناء وندعوك أيها الأب وأيتها الأم لتكونوا خير قدوة لهم حتى ينشأوا شخصيات إسلامية سوية ، تستطيع التأثير ايجاباً على غيرها وتكون قادرة على النهضة والرقي بالأمة ،،

نأتي الآن إلى أبنائنا وفلذات أكبادنا وأقول بل أطرح عليهم سؤالاً أريد إجابته منهم :
من قدوتك في الحياة ؟
فعادة ما يتخذ الناس شخصية قدوة لهم في حياتهم. وقد تكون هذه الشخصية مفكراً أو سياسياً، رياضياً أو مغنياً أو شخصية دينية أو نبياً وربما اتخذ البعض آباءهم وأمهاتهم أو معلميهم قدوة لهم في بعض أو جميع نواحي الحياة.
ونرى من الشباب من يقوم بتعليق صور بعض المشاهير في غرفهم بصفتهم قدوة يسعون إلى تقليدها أو الاقتداء بها أو السير على منوالها.
وإن الناظر لأحوال الشباب اليوم يرى الكثير من الظواهر السلبية التي يعيشونها في ظل الغزو الثقافي والفكري الغربي للمجتمعات الإسلامية وفي ظل انبهار الشباب بما يقدمه الغرب ، وفي ظل العصر الذي أصبحت الماديات هي التي تتحكم في مجريات الأمور، في ظل انتشار الفضائيات وما تبثه من برامج مضللة مفسدة ، والثورة المعلوماتية والتقدم التكنولوجي وانتشارالانترنت بلا رقيب ولا حسيب لا من الدولة ولا من البيت ،، في ظل هذا كله نتساءل :
هل انجرف الشباب وراء بريق الحضارة الغربية، وما تحمله من تقدم علمي يجعل تلك الحضارة براقة أمامهم بحيث لا يرون عوارها ؟
هل أصبح صناع الحضارة الغربية هم قدوته؟ أم لا زال متمسكًا بعقيدته وحضارته الإسلامية ؟؟

إن المسلم الواعي صاحب الشخصية الإسلامية المتميزة يجب أن يحسن إختيار قدوته ، فلا ينجرف وراء هذا التيار الخطير ، ولا يتتبع هذا السلوك غير المسئول من بعض الشباب الذين ينظرون إلى الغربيين كقدوة له، أو ينظر إلى أناس لا يستحقون أن يكونوا قدوته، مع العلم بأن عنده ما فيه الكفاية ليكون خير قدوة له :
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).
ولكم أيضًا أسوة في صحابته الكرام فقد تربوا في بيت النبوة وكان معلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولكم أيضًا في علماء المسلمين الذين قادوا الإنسانية لفترات طويلة إلى طريق التقدم والازدهار، فيكفي حملهم عقيدة صالحة نافعة لكل زمان ومكان ، نظام صالح لحل جميع مشاكل الحياة وأزماتها ، نظام من عند خالق البشر . وغيرهم الكثير من الصالحين المؤمنين القادرين على التغيير الإيجابي والنهضة بأنفسهم وبغيرهم وبأمتهم ،، بدل هؤلاء الفاسدين الضالين من ممثلين ومغنيين ولاعبي كرة قدم وغيرهم من الفاسدين .
تفكر ابني وتفكري ابنتي في حديث رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم :” اغتنم خمساً قبل خمس: شبابَك قبل هرمك، وصحتَك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغَك قبل شغلك، وحياتَك قبل موتك “
انظر إلى وقتك وفراغك كيف تقضيه ؟إلى عمرك فيم تفنيه ؟ إلى مالك كيف تنفقه ؟ إلى شبابك وكيف تقضيه وهل تستغله فيما يرضي الله تعالى أو فيما يغضبه ؟ اجعل مخافة الله نصب عينيك وتقواه محركك وموجهك في كل سلوكياتك.حتى تنال الفلاح في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى .

هَذهِ نصَائِحُنَا لِهَذا اليومِ لآبائِنَا وأبنَائِنا الأعزَّاءِ ، وإلى أنْ نلقَاكُم فِي حَلْقةٍ أخرى جديدةٍ مُتجَدِّدةٍ بإذنِ اللهِ معَ موضوعِ نصائح للآباء والأبناء نتركُكُم فِي رِعايةِ اللهِ وحِفظهِ ،
والسَّلامُ عليكُم ورحْمةُ اللهِ تعالَى وبَركاتُهُ