إجماع مجلس الأمن على اتفاق الصخيرات شر مستطير
الخبر:
بالإجماع، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 2259 الذي يرحب بتوقيع الاتفاق السياسي الليبي في الصخيرات بالمغرب في السابع عشر من الشهر الجاري، وبإنشاء المجلس الرئاسي.
وطلب القرار من المجلس الرئاسي العمل على وجه السرعة في غضون فترة الثلاثين يوما المنصوص عليها في الاتفاق، على تشكيل حكومة وفاق وطني وإكمال الترتيبات الأمنية المؤقتة لبسط الاستقرار في ليبيا.
على عكس مباركة المنظمات الدولية، وعلى رأسهم منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لاتفاق الصخيرات، وبعيدا كل البعد عن هذا الدعم الخارجي والدولي، يشهد الوسط السياسي الليبي في الداخل رفضا وطعنا وعدم رضا عن هذا الاتفاق الذي ينص على تشكيل حكومة وفاق وطني.
حيث قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في بيان له أن “الحكومة المعلنة من الصخيرات تتعارض مع الكرامة الوطنية ولم تكن نتاج حوار ليبي ليبي”، وأن “الليبيين لا يقبلون أن تُفرض عليهم حلول مُعدّة سلفًا”.
كما وصف رئيس فريق الحوار بالمؤتمر الوطني عوض عبد الصادق، مراسم توقيع اتفاق الصخيرات – في تصريح لقناة النبأ الفضائية – بـ “المسرحية الكبيرة” التي شاركت فيها أطراف لا تريد الخير لليبيا والليبيين.
وفي نفس السياق قال رئيس حكومة الإنقاذ خليفة الغويل “إن الحكومة المشكلة في الصخيرات لا تمثل الليبيين؛ لأن الأطراف الموقعة على الاتفاق غير مكلفة من الأجسام الشرعية”
التعليق:
من بين كل هذه الفوضى وكل هذه التناقضات، يتضح لنا جليا أن التوافق المزعوم في الصخيرات ما هو إلا اسم تجاري لتسويق مشروع الغرب الاستعماري وهو في حقيقة الأمر مشروع توافق أمريكي بريطاني لإعادة استغلال ونهب المنطقة من جديد، خاصة إذا علمنا أن مشروع القرار حِيكت بنوده وقُدم لمجلس الأمن من طرف بريطانيا وفي الوقت نفسه تمت مفاوضات الصخيرات وروما تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة، ثم بعد هذا ولإكمال المشهد، جيء بمجموعة من أعضاء مجلس النواب ومجموعة من المؤتمر الوطني. كما جيء بمجموعات أخرى قيل إنهم يمثلون المجتمع المدني الليبي والقبائل الليبية. وأعدت الحكومة المغربية إحدى القاعات في مدينة الصخيرات لتتم فيها مراسم التوقيع. وفي الأخير انبثق عن هذه المسرحية “حكومة توافق وطني” مسنودة ومعترف بها دوليا.
صحيح أن العديد من الليبيين قد رحبوا باتفاق الصخيرات الذي لا يعلمون عنه شيئا لا لشيء إلا بحثا عن أي طوق للنجاة ووقف حمام الدم، غير أن ذلك ينبغي أن لا يدفعنا إلى تجاهل الحقائق الماثلة أمامنا وهي أن الغرب وأذنابه، يسعون جاهدين وبكل ما أوتوا من قوة إلى السيطرة على البلد بكل ما يحويه من خيرات وثروات، وها هي طبول التدخل العسكري المباشر في ليبيا قد وصلت إلى أشواط متقدمة، خاصة بعد تصريحات إبراهيم الدباشي لصحيفة “لا ستامبا” يوم الخميس 24 كانون الأول/ديسمبر 2015: “تستعد إيطاليا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لشن غارات جوية على قواعد تنظيم “داعش” في سرت. وأعتقد أنها ستبدأ بمجرد أن تسمح الظروف السياسية”. وأوضح الدباشي أن القوات الليبية ستقوم بالعمليات البرية ضد المسلحين المتشددين، ولكنه أضاف أن “الحكومة ستحتاج دعما جويا”.
وفي السياق نفسه وصول أفراد من القوات الأمريكية إلى قاعدة الوطية غرب البلاد، وانتشار صورهم عبر مواقع الإنترنت الإخبارية، وإعلان حكومتهم بأن هذه ليست الزيارة الأولى التي يقومون بها إلى ليبيا، وكذلك مع تلميح الحكومة البريطانية على استعدادها لإرسال ألف جندي بريطاني إلى ليبيا سينضمون إلى خمسة آلاف آخرين من إيطاليا، في تسريبات تحدثت عنها صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية منذ عدة أسابيع خلت.
أيها الإخوة في ليبيا، لقد ثبت لكم قبل الصخيرات وبعدها أن ما يسمى بالمجتمع الدولي لا يهمه كثيرا ما يعانيه الشعب الليبي بقدر ما يهمه موضوع النفط والغاز ولعل “أفضل” ما في قرار مجلس الأمن رقم 2259 الداعم للاتفاق السياسي الليبي، هي الفقرة التاسعة والتي نصها: “يهيب مجلس الأمن الدولي كذلك بحكومة الوفاق الوطني أن تحمي سلامة ووحدة شركة النفط الوطنية، ومصرف ليبيا المركزي، والمؤسسة الليبية للاستثمار، وأن تقبل هذه المؤسسات بسلطة حكومة الوفاق الوطني”. هذا هو السبب الرئيس في غزو البلد،…
أيها المسلمون في ليبيا، لقد اتضح وبما لا يدع مجالا للشك، أن الاعتصام لا يكون إلا بحبل الله، وأن المنظمات الدولية هي سبب الفساد والخراب، وها هو التاريخ القريب يحذركم ويعظكم، فلا تكرروا المشهد الأفغاني في بلد المليون حافظ للقرآن، ولكم من رسول الله e خير نصيحة: أخرج ابن ماجه في السنن عَنْ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ e شَيْئًا فَقَالَ: «ذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ الْعِلْمِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَنُقْرِئُهُ أَبْنَاءَنَا وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ زِيَادُ إِنْ كُنْتُ لَأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ، أَوَلَيْسَ هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ لَا يَعْمَلُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهِمَا؟».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ممدوح بوعزيز
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس