من الذي سينقذ أطفال مضايا من الموت جوعًا؟
(مترجم)
الخبر:
انتشرت في وسائل الإعلام الدولية ووسائل التواصل خلال الأيام القليلة الماضية صور تخلع القلوب من الصدور من شدة ألمها لمسلمي مضايا الجوعى من الرجال والنساء والأطفال وقد بدوا مثل الهياكل العظمية. فقد كانت البلدة ترزح تحت حصار نظام الأسد الوحشي وغيره من القوى الموالية له منذ تموز/يوليو والتي منعت الغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية الأخرى من الدخول إليها. ونتيجة لذلك خيمت أزمة إنسانية مرعبة عليها، وقد أظهرت تقارير حجم سوء التغذية الحاد ووفيات ناجمة عن الجوع راح ضحيتها حتى الرضع. وأفادت منظمة أطباء بلا حدود أن 23 مريضًا قد لقوا حتفهم نتيجة الجوع في مركز صحي واحد فقط من ضمن المراكز التي تقع تحت إشرافها وذلك منذ الأول من شهر كانون الأول/ديسمبر. وقد اقتصر غذاء الأطفال على العشب أو أوراق الأشجار للبقاء على قيد الحياة، بينما قام آباؤهم بالبحث في القمامة للعثور على أي شيء للحفاظ على حياة أسرهم. وقد أفادت تقارير أيضًا أن الآباء يقومون بإطعام أطفالهم من لحوم القطط والكلاب للحفاظ على حياتهم، وأن الأمهات يعانين من سوء التغذية ولم يعدن قادرات على تقديم حليب الرضاعة لأطفالهن. ومع بداية فصل الشتاء ساءت الظروف، فاضطر الناس إلى أكل التراب لأنه لم يتبق شيء صالح للأكل بسبب موت جميع النباتات بسبب الثلوج. فقد قالت أم محمد، وهي من سكان مضايا وتبلغ من العمر 52 عامًا، التي لم تتناول وجبة طعام منذ شهور: “لقد أصبح حلمي الوحيد هو الحصول على قطعة من الخبز”. وقد حاصر النظام السوري مضايا أيضًا بالألغام والقناصة لمنع أي شخص من مغادرة المدينة.
التعليق:
على الرغم من هذه المشاهد المؤلمة للأطفال الجوعى وقد بدوا مثل الهياكل العظمية من شدة الجوع، إلا أن المجتمع الدولي والأنظمة القائمة في العالم الإسلامي قد اكتفوا بالمراقبة حيال هذه الجريمة البشعة، غير راغبين في اتخاذ أي إجراء لوضع حد لمعاناة أطفال المسلمين. وهو ما يعكس طبيعة مشاعرهم الميتة وافتقارهم التام لأدنى القيم الإنسانية. ويبدو أن الصور المؤلمة التي تعكس مشاهد معسكرات الاعتقال النازية، أو أن الاستخدام المتكرر للجوع كسلاح حرب من قبل نظام أسد المجرم، والتي تنتهك بشكل صارخ كافة قوانينهم واتفاقياتهم الدولية ليست كافية لتحركهم لإنقاذ أطفال مضايا الذين يموتون جوعًا. إنه مما لا شك فيه أن حماية الأبرياء من الموت البطيء ليست ضمن خططهم تجاه سوريا لأنها لا تحقق أي منفعة للدول الغربية أو للأنظمة القائمة في العالم الإسلامي أو للأمم المتحدة.
وقالت الأمم المتحدة يوم الخميس 7 كانون الثاني/يناير أنها قد حصلت على إذن من النظام السوري لإيصال مساعدات غذائية إلى مضايا تكفي لإعانة سكان المدينة البالغ عددهم 40000 شخص لمدة شهر واحد، وكأن هذه المساعدات ستقضي بشكل حقيقي على المعاناة التي لا توصف لمسلمي مضايا الذين لا يرون نهاية لكابوسهم في أي وقت قريب. تحت أي عنوان يمكن تصنيف هذا العمل الإنساني – الحفاظ على حياة أهل مضايا لعدة أسابيع، ثم التخلي عنهم مرة أخرى وجعلهم يقاسون لأشهر أخرى جوعًا شديدًا ويأسًا على يد نظام أسد؟ وعلاوة على ذلك، فقد مُنحت الأمم المتحدة ممرًا آمنًا، في شهر تشرين الأول/أكتوبر، لنقل مساعدات إلى مدينة مضايا، فنقلوا إليها شحنة من البسكويت “المتعفن والفاسد” والذي انتهت صلاحيته ولم يعد صالحًا للاستخدام البشري، ما تسبب بتسمم غذائي على نطاق واسع. كيف يمكن أن نعلق أي أمل على الإطلاق على هذه المنظمة العاجزة المتآمرة لإنقاذ أطفال مضايا الذين يموتون جوعًا أو غيرهم من المسلمين؟ وعلاوة على ذلك، فإنه أمر مستهجن تمامًا أن الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي يمكنها أن تشكل ائتلافًا يضم 34 دولة لمحاربة ما يسمى بـ “المنظمات الإرهابية” لكنها عاجزة عن اتخاذ أي إجراء لإنقاذ مسلمي مضايا أو بقية سوريا من إجرام أحد أعظم الإرهابيين الذين عرفهم هذا العالم، والذي تلطخت يداه بدماء مئات الآلاف من المسلمين الأبرياء. إن كل هذا يجب أن يكون تذكيرًا صارخا بأنه لا يمكن أن يأتي أي خير على الإطلاق لمسلمي سوريا من أي مبادرة أو حل من الأمم المتحدة وأمريكا أو أي من هذه الأنظمة التي لا تحرك ساكنًا، مما يعطي المجال لأسد لارتكاب جرائمه ضد المسلمين الأبرياء في سوريا.
إذن، من هو القادر على وضع حد للجرائم التي ترتكب ضد أطفال مضايا وتوفير الحماية لهم؟ إن هذا الفرض العظيم يقع على عاتق هذه الأمة الكريمة وخاصة جيوشها. إن كل لحظة جوع تمر على هؤلاء الأطفال وكل ظلم يتعرض له إخواننا وأخواتنا على يد هذا الفرعون تشكل بالتأكيد إثمًا عظيمًا على أعتاقنا ما لم نعمل بشكل جدي وعاجل لإيجاد حل يضع حدًا لمعاناتهم. والخلافة الراشدة على منهاج النبوة وحدها من تستطيع أن تقضي على كل طاغية في بلادنا وأن تبدل الخوف والظلم بالأمن والعدل تحت حكم يستند إلى كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه e.
لذلك نسأل القادة والضباط وجنود الإيمان في جيوش المسلمين: كيف يمكنكم أن تتحملوا مشاهدة هذه المشاهد المروعة لتجويع إخوانكم وأخواتكم دون أن تتحركوا للدفاع عنهم؟ ألا تؤرقكم هذه المشاهد وتطاردكم حتى في منامكم؟ كيف ستجيبون الله سبحانه وتعالى على تقاعسكم عن حماية المؤمنين عندما كانوا يستصرخونكم لإنقاذهم من آلامهم؟
قوموا الآن إلى واجبكم للدفاع عن أمتكم وأعطوا النصرة لحزب التحرير لإقامة دولة الخلافة الراشدة دون تأخير، لأن كل يوم يمر على معاناة إخوانكم وأخواتكم بسبب غياب هذه الدولة سيزيد من أوزاركم التي ستحملونها يوم القيامة لتقاعسكم عن نصرة إخوانكم. قال النبي e: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة».
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير